كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب الجهر بآمين
سألت الشافعي عن الإمام إذا قال: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} هل يرفع صوته بآمين؟ قال: نعم ويرفع بها من خلفه أصواتهم فقلت: وما الحجة فيما قلت من هذا؟ فقال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: (إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) قال ابن شهاب: (وكان رسول الله ﷺ يقول: آمين) قال: وفي قول رسول الله: (إذا أمن الإمام فأمنوا) دلالة على أنه أمر الإمام أن يجهر بآمين؛ لأن من خلفه لا يعرف وقت تأمينه إلا بأن يسمع تأمينه ثم بينه ابن شهاب فقال: (كان رسول الله يقول: آمين) فقلت للشافعي: فإنا نكره للإمام أن يرفع صوته بآمين فقال: هذا خلاف ما روى صاحبنا وصاحبكم عن رسول الله ﷺ ولو لم يكن عندنا وعندكم علم إلا هذا الحديث الذي ذكرنا عن مالك انبغى أن نستدل بأن: (رسول الله ﷺ كان يجهر بآمين وأنه أمر الإمام أن يجهر بها) فكيف ولم يزل أهل العلم عليه؟ وروى وائل بن حجر: (أن النبي ﷺ كان يقول: آمين يجهر بها صوته) ويحكي مطه إياها وكان أبو هريرة يقول للإمام: لا تسبقني بآمين، وكان يؤذن له.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين ومن خلفهم آمين حتى إن للمسجد للجة.
[قال الشافعي]: رأيتك في مسألة إمامة القاعد ومسألة رفع اليدين في الصلاة ومسألة قول الإمام آمين خرجت من السنة والآثار ووافقت منفردا من بعض المشرقيين الذين ترغب فيما يظهر عن أقاويلهم.