كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب التمليك
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول: إذا ملك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت إلا أن يناكرها الرجل فيقول لها: لم أرد إلا تطليقة واحدة فيحلف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد أنه أخبره أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان. فقال له زيد: ما شأنك؟ قال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني فقال له زيد: ما حملك على ذلك؟ فقال له: القدر فقال له زيد: ارتجعها إن شئت وإنما هي واحدة وأنت أملك بها.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد أن رجلا من ثقيف ملك امرأته أمرها فقالت: أنت الطلاق فسكت ثم قالت: أنت الطلاق فقال: بفيك الحجر فقالت: أنت الطلاق فقال: بفيك الحجر فاختصما إلى مروان بن الحكم فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة وردها إليه قال عبد الرحمن: فكان القاسم يعجبه هذا القضاء ويراه أحسن ما سمع في ذلك قلت للشافعي: إنا نقول في المخيرة إذا اختارت نفسها هي ثلاث وفي التي يجعل أمرها بيدها أو تملك أمرها أيما تملك القضاء ما قضت إلا أن يناكرها زوجها.
[قال الشافعي]: هذا خلاف ما رويتم عن زيد بن ثابت وخلاف ما روى غيركم عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهما فأجعلك اخترت قول ابن عمر على قول من خالفه في المملكة فإلى قول من ذهبت في المخيرة؟ وعمن تقول أن اختاري وأمرك بيدك سواء وأنت لا نعلمك رويت في المخيرة عن واحد من أصحاب رسول الله ﷺ قولا يوافق قولك فإن رويت في هذا اختلافا عن أصحاب رسول الله ﷺ فكيف ادعيت الإجماع؟ وإذا حكيت فأكثر ما تحكي الاختلاف.