كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب في الصلاة
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب صلى بالناس المغرب فلم يقرأ فيها فلما انصرف قيل له: ما قرأت قال: فكيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسنا قال: فلا بأس، قلت للشافعي: فإنا نقول من نسي القراءة في الصلاة أعاد الصلاة ولا تجزئ صلاة إلا بقراءة قال: فقد رويتم هذا عن عمر وصلاته بالمهاجرين والأنصار فزعمتم أنه لم ير إذا كان الركوع والسجود حسنا بأسا ولا تجدون عنه شيئا أحرى أن يكون إجماعا منه ومن المهاجرين والأنصار عليه عادة من هذا إذا كان علم الصلاة ظاهرا فكيف خالفتموه فإن كنتم إنما ذهبتم إلى أن النبي ﷺ قال: (لا صلاة إلا بقراءة) فينبغي أن تذهبوا في كل شيء هذا المذهب فإذا جاء شيء عن النبي ﷺ لم تدعوه لشيء إن خالفه غيره كما قلتم ههنا وهذا موضع لكم فيه شهود لأنه شبهة لو ذهبتم إليه بأن تقولوا: لا صلاة إلا بقراءة لمن كان ذاكرا والنسيان موضوع كما أن نسيان الكلام عندكم موضوع في الصلاة فإذا أمكنكم أن تقولوا هذا في الصلاة فلم تقولوه وصرتم إلى جملة ما روي عن النبي ﷺ وتركتم ما رويتم عن عمر ومن خلفه من المهاجرين والأنصار لجملة حديث النبي ﷺ؟ فكيف لم تصنعوا هذا فيما جاء عن رسول الله ﷺ منصوصا بينا لا يحتمل ما خالفه مثل ما احتمل هذا من التأويل بالنسيان؟