كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب في اللقطة
سألت الشافعي عمن وجد لقطة فقال: يعرفها سنة ثم يأكلها إن شاء موسرا كان أو معسرا فإذا جاء صاحبها ضمنها له فقلت له وما الحجة في ذلك؟ قال: السنة الثابتة وروى هذا عن رسول الله ﷺ أبي بن كعب وأمره النبي ﷺ بأكلها، وأبي من مياسير الناس يومئذ وقبل وبعد.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فسأله عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها).
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت السنة فشأنك بها.
[قال الشافعي]: فرويتم عن النبي ﷺ ثم عن عمر أنه أباح بعد سنة أكل اللقطة ثم خالفتم ذلك، وقلتم نكره أكل اللقطة للغني والمسكين.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا وجد لقطة فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال: إني وجدت لقطة فماذا ترى؟ فقال له ابن عمر: عرفها قال: قد فعلت قال زد قال: قد فعلت قال: لا آمرك أن تأكلها ولو شئت لم تأخذها.
[قال الشافعي]: فابن عمر لم يوقت في التعريف وقتا وأنتم توقتون في التعريف سنة وابن عمر كره للذي وجد اللقطة أكلها غنيا كان أو فقيرا، وأنتم ليس هكذا تقولون وابن عمر كره له أخذها وابن عمر كره له أن يتصدق بها وأنتم لا تكرهون له أخذها بل تستحبونه وتقولون: لو تركها ضاعت.