البداية والنهاية/الجزء الثاني/حديث بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي
قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القسم، حدثنا عبد الحميد - يعني بن بهرام - حدثنا شهر بن حوشب، قال: قال أبو هريرة قال:
قال رسول الله ﷺ: « بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدران على شيء، فجاء الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مسغبة شديدة، فقال: لامرأته: عندك شيء؟
قالت: نعم، أبشر أتاك رزق الله، فاستحثها.
فقال: ويحك ابتغي إن كان عندك شيء.
قالت: نعم هنيئة نرجو رحمة الله، حتى إذا طال عليه المطال. قال: ويحك قومي فابتغي إن كان عندك شيء فأتيني به، فإني قد بلغت الجهد وجهدت.
فقالت: نعم الآن ينضج التنور فلا تعجل.
فلما أن سكت عنها ساعة، وتحينت أيضا أن يقول لها، قالت من عند نفسها: لو قمت فنظرت إلى تنوري، فقامت فوجدت تنورها ملآن من جنوب الغنم ورحاها تطحن، فقامت إلى الرحى فنفضتها واستخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم ».
قال أبو هريرة: فوالذي نفس أبي القاسم بيده عن قول محمد ﷺ: « لو أخذت ما في رحيبها ولم تنفضها لطحنت إلى يوم القيامة ».
وقال أحمد: حدثنا أبو عامر، حدثنا أبو بكر، عن هشام، عن محمد، عن أبي هريرة قال: دخل رجل على أهله فلما رأى ملبهم من الحاجة، خرج إلى البرية فلما رأت امرأته ما لقي، قامت إلى الرحى فوضعتها، وإلى التنور فسجرته.
ثم قالت: اللهم ارزقنا، فنظرت فإذا الجفنة قد امتلأت.
قال: وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا.
قال: فرجع الزوج.
قال: أصبتم بعد شيئا؟
قالت امرأته: نعم من ربنا، فرفعتها إلى الرحى، ثم قامت، فذكر ذلك للنبي ﷺ قال: « أما إنه لو لم ترفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة ».
قال: شهدت النبي ﷺ وهو يقول:
« والله لأن يأتي أحدكم بحزمة حطب، ثم يحمله فيبيعه فيستعفف منه، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله ».