إعراب القرآن للسيوطي/الثاني والأربعون
الثاني والأربعون ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع
فمن ذلك قوله تعالى: وأنزل معهم الكتاب بالحق يعني: الكتب لأنه لا يجوز أن يكون لجميع الأولياء كتاب واحد.
وقال: كل آمن بالله وملائكته وكتابه فيمن قرأه هكذا يريد: وكتبه.
فأما قوله تعالى: والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت فالطاغوت يقع على الواحد وعلى الجمع وأراد به الجمع هنا.
وقال في الإفراد: يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به جاء في التفسير أنه أراد: كعب بن الأشرف.
وقال في موضع آخر: والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها أراد به الأصنام وأن في موضع النصب بدل من الطاغوت أي: اجتنبوا عبادتها وهو في الأصل مصدر طغى وأصله: طغيوت على فعلوت مثل: الرهبوت والرحموت فقدم الياء وأبدل منها الفاء فصار طاغوت.
ومن ذلك قوله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم لفظه لفظ المفرد ومعناه الجنس ألا ترى قوله: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات يدل على صحة هذا: والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا.
الذين مبتدأ وخبره فلهم أجر غير ممنون فهذا لا يصح في سورة العصر إذ لا خبر بعده.
ومن ذلك قوله تعالى: مستكبرين بها سامراً أي: سماراً لقوله مستكبرين قبله وبعده تهجرون: فالسامر كالباقر والحامل عند أبي علي.
ومثله: فليدع ناديه.
عند أبي علي وعلى هذا حمل أيضا ًقوله: عاليهم ثياب سندس فيمن أسكن الياء فقال: يكون ثياب سندس مبتدأ على قول سيبويه وعاليهم خبر مقدم.
وزعم أنه بمنزلة قوله: سامراً تهجرون وهذا لعلة نظره فيما قبل الآية لقوله ويطوف عليهم ولدان مخلدون ألا ترى أنه يجوز أن يكون عاليهم صفة له.
قال: ومثله: دابر.
من قوله فقطع دابر القوم الذين ظلموا.
قال: ينبغي أن يكون دابر فاعلاً من باب: الحامل والباقر على تفسير معمر إياه ب: آخر القوم الذي يدبرهم.
قوله في موضع آخر: وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين فقال: وما كانوا فجمع الضمير.
فإن قلت: يكون الضمير عائداً على الذين كذبوا وهو جمع.
قيل: هذا يبعد لأن الذين كذبوا بآياتنا معلوم أنهم غير مؤمنين فإذا لم يجز هذا ثبت أن الضمير يعود إلى الدابر وإذا عاد إليه ثبت أنه جمع والدابر يجوز أن يكونوا مؤمنين ويجوز أن يكونوا كافرين مثل الخلف ويصح الإخبار عنهم بأنهم كانوا مؤمنين.
ومن ذلك قوله: وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار أي: الكفار فيمن أفراد الجنس ومنه: وكان الكافر على ربه ظهيراً.
أي: على معصية ربه ظهيراً.
وأما قوله تعالى: والفلك التي تجري في البحر.
فالفلك اسم يقع على الواحد والجمع جميعاً.
قال في المفرد: ومن معه في الفلك المشحون.
وقال في الجمع: حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم.
فقال: وجرين فجمع وهو في الجمع مثل: أسد وفي المفرد مثل: قفل.
ومن ذلك أحد في قوله: ولم يفرقوا بين أحد منهم.
وقال: فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً.
أي: أنفساً.
وقال: وحسن أولئك رفيقاً.
أي: رفقاء.
وقال: ثم نخرجكم طفلاً.
أي: أطفالاً.
وقال: ألا تتخذوا من دوني وكيلاً.
أي: وكلاء.
وقال: فإنهم عدو لي.
أي: أعداء.
وقال: خلصوا نجياً.
أي: أنجية.
وقال: فمالنا من شافعين ولا صديق.
أي: أصدقاء.