إعراب القرآن للسيوطي/الثامن والأربعون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


(الثامن والأربعون) باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية

فمن ذلك قوله تعالى: " فإن كان له إخوةٌ فلأمه السدس ".

وأجمعوا غير ابن عباس أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس خلافا له فإنه لا يحجب إلا بوجود ثلاثة إخوة.

ومن ذلك قوله تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " أي: يديهما.

ومن ذلك قوله: " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " أي: قلباكما.

مثل هذا لا يجوز فيه الإفراد استتغناء بالمضاف إليه وتجوز فيه التثنية اعتبارا بالحقيقة ويجوز فيه الجمع اعتبارا بالمعنى لأن الجمع ضم نظير إلى نظير كالتثنية.

وقالوا: كل شيء من شيئين فتثنيتهما جمع كقولك: ضربت رءوس الزيدين وقطعت أيديهما وأرجلهما وهذا أفصح عندهم من رأسيهما كرهوا أن يجمعوا بين تثنيتين في كلمة واحدةٍ فصرفوا الأول إلى لفظ الجمع لأن التثنية جمع في المعنى لأن معنى الجمع ضم شيءٍ إلى شيءٍ فهو يقع على القليل والكثير وأنشدوا: ومهمهين قذفين مرتين ظهراهما مثل طهور الترسين فأما قوله تعالى: " فلا أقسم برب المشارق والمغارب " فقيل: هو من هذا الباب لقوله: " رب ومعنى " رب المشرقين ورب المغربين " قيل: المشرقان: الشتاء والصيف وكذا المغربان. عن ابن عباس.

وقيل: مشرق الشمس والفجر ومغرب الشمس والشفق.

قوله: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين.

قيل: معناه: بعد المشرق والمغرب.

فهذا كالقمرين والعمرين.

وقيل: مشرق الشتاء والصيف.

وأما قوله تعالى: " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ".

وهم لم يدعوا إلهية مريم كما ادعوا إلهية المسيح فيما يزعمون فإن ذلك يجيء على: لنا قمراها والنجوم الطوالع والعجاجان لرؤبة والعجاج والأسودان للماء والتمر أطلق على أحدهما اسم الآخر وإن لم يكن ذلك اسما له.

واعلم أنه قد جاءت التثنية يراد بها الكثرة والجمع كما جاء الجمع يراد به التثنية.

قال الله تعالى: " بل يداه مبسوطتان ".

وقال: " ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ".

أي: كرتين اثنتين.

وإنما ذاك بكراتٍ وكأنه قال: كرة بعد كرة كما قالوا: لبيك أي: إلبابا بعد إلباب وإسعادا بعد إسعادٍ في: سعديك وحنانيك: تحننا بعد تحنن قال: ضرباً هذاذيك وطعناً وخضا أي هذا بعد هذٍ.

وأنشدوا للكميت: وأنت ما أنت في غبراء مظلمةٍ إذا دعت ألليها الكاعب الفضل أي: أللا بعد ألل.

وهذا حديث يطول.

وأما قوله تعالى: " ولمن خاف مقام ربه جنتان ".

الفراء يريد به المفرد كقوله: ومهمهين ثم قال: قطعته وهذا لا يصح كقوله " وجنى الجنتين " وقوله: " جنةً وحريرا " " ودانيةً " وقوله " قطعته " كقوله: " معين بسواد " في الرد إلى الأول.

ومن ذلك قوله: " أولئك مبرءون " يعني: عائشة وصفوان.

وقال: " وألقى الألواح " وفي التفسير: كان معه لوحان.

وقال: " وكنا لحكمهم شاهدين " والمتقدم: داود وسليمان.

وأما قوله تعالى: " إن المتقين في جناتٍ ونهر في مقعد صدق ".

هو على حذف المضاف أي: في وكذا قراءة من قرأ " في مسكنهم " أي: في موضع سكناهم لأن الاستغناء بالجمع عن المضاف إليه أكثره في الشعر نحو: " في حلقكم عظم " و " بعض بطنكم ".

نقل فارسهم.

إعراب القرآن للسيوطي
1 ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل | 2 ما جاء من حذف المضاف في التنزيل | 3 ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء | 4 فمن ذلك قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} | 5 وفي بعض ذلك اختلاف | 6 ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال | 7 ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال | 8 ما جاء في التنزيل من إجراء غير في الظاهر على المعرفة | 9 ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب | 10 ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين | 11 ما جاء في التنزيل من الاشمام والروم | 12 ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملاً ضميراً من صاحب الحال | 13 ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقدم خبر المبتدأ | 14 ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه | 15 ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور | 16 وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | 17 ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين | 18 ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك | 19 ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك | 20 ما جاء في التنزيل من حذف المفعول والمفعولين وتقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وأحوال الأفعال المتعدية إلى مفعوليها و غير ذلك مما يتعلق به | 21 ما جاء في التنزيل من الظروف التي يرتفع ما بعدهن بهن على الخلاف وما يرتفع ما بعدهن بهن على الاتفاق | 22 ما جاء في التنزيل من هو وأنت فصلاً | 23 ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم | 24 ما جاء في التنزيل وقد أبدل الاسم من المضمر الذي قبله والمظهر على سبيل إعادة العامل أو تبدل إن وأن مما قبله | 25 ما جاء في التنزيل من همزة ساكنة يترك همزها أبو عمرو وما لا يترك همزها | 26 ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع | 27 ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط | 28 ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء بذكره عن صاحبه | 29 ما جاء في التنزيل صار الفصل فيه عوضاً عن نقصان لحق الكلمة | 30 ما جاء في التنزيل وقد حمل فيه اللفظ على المعنى وحكم عليه بما يحكم على معناه لا على اللفظ | 31 ما جاء في التنزيل من حذف أن وحذف المصادر والفصل بين الصلة والموصول | 32 ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى | 33 ما جاء في التنزيل قد حذف منه المضاف إليه | 34 ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم | 35 ما جاء في التنزيل من التجريد | 36 ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر | 37 ما جاء في التنزيل من التقديم والتأخير وغير ذلك | 38 ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل | 39 ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | 40 المحذوف خبره | 41 ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن | 42 ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع | 43 ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل عليه ما قبله | 44 ما جاء في التنزيل من دخول لام إن على اسمها وخبرها أو ما اتصل بخبرها وهي لام الابتداء دون القسم | 45 باب ما جاء في التنزيل وفيه خلاف بين سيبويه وأبي العباس وذلك في باب الشرط والجزاء | 46 باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء | 47 باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا | 48 باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية | 49 باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه | 50 | 51 باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين | 52 باب ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف | 53 باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض | 54 باب ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل المضاف إلى المكنى | 55 باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | 56 باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى | 57 من شيء محذوف | 58 باب ما جاء في التنزيل معطوفا وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه | 59 باب ما جاء في التنزيل من التاء في أول المضارع فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة | 60 باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل | 61 باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة | 62 باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم | 63 باب ما جاء في التنزيل من الحروف المحذوفة تشبيها بالحركات | 64 باب ما جاء في التنزيل أجرى فيه الوصل مجرى الوقف | 65 باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب | 66 باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه | 67 باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن مفعل بفتح العين ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان | 68 باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع | 69 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ | 70 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله | 71 باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | 72 باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه | 73 باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته | 74 باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج | 75 باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال | 76 باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية | 77 باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف | 78 باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم | 79 باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره | 80 باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء | 81 باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه | 82 باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي | 83 باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم | 84 نوع آخر إضمار قبل الذكر | 85 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم | 86 واستعمل ما هو فرع | 87 باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه | 88 مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " | 89 باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب