كتاب الأم/كتاب جراح العمد/ما يسقط فيه القصاص من العمد
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج " قال الربيع " أظنه عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن يعلى بن أمية قال غزوت مع النبي ﷺ غزوة قال وكان يعلى يقول وكانت تلك الغزوة أوثق عمل في نفسي قال عطاء قال صفوان: (قال يعلى كان لي أجير فقاتل إنسانا فعض أحدهما يد الآخر فانتزع المعضوض يده من في العاض فذهبت يعني إحدى ثنيتيه فأتى النبي ﷺ فأهدر ثنيته) قال عطاء وحسبت أنه قال: قال النبي ﷺ: (أيدع يده في فيك فتقضمها كأنها في في فحل يقضمها؟) أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج أن ابن أبي مليكة أخبره أن أباه أخبره أن إنسانا جاء إلى أبي بكر الصديق وعضه إنسان فانتزع يده منه فذهبت ثنيته فقال أبو بكر بعدت ثنيته.
[قال الشافعي]: وبهذا كله نقول فإذا عض الرجل الرجل فانتزع المعضوض العضو الذي عض منه يدا أو رجلا أو رأسا من في العاض فأذهبت ثنايا العاض ومات منها أو لم يمت فلا عقل ولا قود ولا كفارة على المنتزع؛ لأنه لم يكن له العض بحال ولو كان العاض بدأ في جماعة الناس فضرب وظلم أو بدئ فضرب وظلم كان سواء؛ لأن نفس العض ليس له وإن للمعضوض منع العض فإذا كان له منعه فلا قود عليه فيما أحدث ما يمنع إذا لم يكن في المنع عدوان.
[قال الشافعي]: ولا عدوان في إخراج العضو من في العاض ولو رام إخراج العضو من في العاض فامتنع عليه وغلبه إخراجها كان له فك لحييه بيده الأخرى إن كان عض إحدى يديه وبيديه معا إن كان عض رجله فإن كان عض قفاه فلم تنله يداه كان له نزع رأسه من فيه فإن لم يقدر على إخراجه فله التحامل عليه برأسه إلى وراء مصعدا أو منحدرا وإن قدر بيديه فغلبه ضبطا بفيه كان له ضرب فيه بيديه أو بدنه أبدا حتى يرسله فإن ترك شيئا مما وصفنا له وبعج بطنه بسكين أو فقأ عينه بيديه أو ضربه في بعض جسده ضمن في هذا كله الجناية؛ لأن هذا ليس له ولا يضمن فيما له أن يفعله وإن أتى ذلك على هدم فيه كله وكانت منه منيته.
[قال الشافعي]: وما أصاب به العاض المعضوض من جرح فصار نفسا أو صار جرحا عظيما ضمنه كله؛ لأنه متعد.