مجموع الفتاوى/المجلد السادس/فصل في الإرادة والمحبة والرضا
فصل في الإرادة والمحبة والرضا
[عدل]وكذلك في الإرادة والمحبة كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 1، وقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء الله} 2، وقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء الله آمِنِينَ} 3، وقوله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} 4، وقوله: {وَإِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ} 5، وقوله: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا} 6، وقوله: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} 7، وأمثال ذلك في القرآن العزيز.
فإن جوازم الفعل المضارع ونواصبه تخلصه للاستقبال، مثل "إن" و"إن"، وكذلك "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان، فقوله: {إِذَا أَرَادَ}8، و{إِن شَاء الله آمِنِينَ} 9 ونحو ذلك، يقتضي حصول إرادة مستقبلة ومشيئة مستقبلة.
وكذلك في المحبة والرضا، قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله} 10، فإن هذا يدل على أنهم إذا اتبعوه أحبهم الله، فإنه جزم قوله: {يُحْبِبْكُمٍُ} به، فجزمه جوابًا للأمر، وهو في معنى الشرط، فتقديره: إن تتبعوني يحببكم الله. ومعلوم أن جواب الشرط والأمر إنما يكون بعده لا قبله، فمحبة الله لهم إنما تكون بعد اتباعهم للرسول، والمنازعون: منهم من يقول: ما ثم محبة بل المراد ثوابًا مخلوقًا، ومنهم من يقول: بل ثم محبة قديمة أزلية إما الإرادة وإما غيرها، والقرآن يدل على قول السلف أئمة السنة المخالفين للقولين.
وكذلك قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ الله وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} 11، فإنه يدل على أن أعمالهم أسخطته، فهي سبب لسخطه، وسخطه عليهم بعد الأعمال، لا قبلها، وكذلك قوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} 12، وكذلك قوله: {إن تَكْفُرُوا فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} 13، علق الرضا بشكرهم وجعله مجزومًا جزاءً له، وجزاء الشرط لا يكون إلا بعده.
وكذلك قوله: {إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} 14، و{يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} 15، و{يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} 16، و{يُحِبُّ الذين يُقاتِلونَ في سَبِيلِهِ صَفّا} 17، ونحو ذلك، فإنه يدل على أن المحبة بسبب هذه الأعمال، وهى جزاء لها، والجزاء إنما يكون بعد العمل والمسبب.
هامش
- ↑ [يس: 82]
- ↑ [الكهف: 23، 24]
- ↑ [الفتح: 27]
- ↑ [الإسراء: 16]
- ↑ [الرعد: 11]
- ↑ [الإنسان: 28]
- ↑ [الإسراء: 86]
- ↑ [يس: 82]
- ↑ [الفتح: 27]
- ↑ [آل عمران: 31]
- ↑ [محمد: 28]
- ↑ [الزخرف: 55]
- ↑ [الزمر: 7]
- ↑ [البقرة: 222]
- ↑ [آل عمران: 76]
- ↑ [المائدة: 42]
- ↑ [الصف: 4]