كتاب الأم/باب السلف والمراد به السلم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​كتاب الأم - باب السلف والمراد به السلم​ المؤلف الشافعي
ملاحظات: باب السلف والمراد به السلم


[قال الشافعي]: رحمه الله قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل} - إلى قوله - {وليتق الله ربه}.

[قال الشافعي]: فلما أمر الله عز وجل بالكتاب ثم رخص في الإشهاد إن كانوا على سفر ولم يجدوا كاتبا احتمل أن يكون فرضا وأن يكون دلالة فلما قال الله جل ثناؤه {فرهان مقبوضة} والرهن غير الكتاب والشهادة ثم قال {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه} دل كتاب الله عز وجل على أن أمره بالكتاب ثم الشهود ثم الرهن إرشاد لا فرض عليهم لأن قوله {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته} إباحة لان يأمن بعضهم بعضا فيدع الكتاب والشهود والرهن.

قال: وأحب الكتاب والشهود، لأنه إرشاد من الله ونظر للبائع والمشتري وذلك أنهما إن كانا أمينين فقد يموتان أو أحدهما فلا يعرف حق البائع على المشتري فيتلف على البائع أو ورثته حقه وتكون التباعة على المشتري في أمر لم يرده، وقد يتغير عقل المشتري فيكون هذا والبائع وقد يغلط المشتري فلا يقر فيدخل في الظلم من حيث لا يعلم ويصيب ذلك البائع فيدعي ما ليس له فيكون الكتاب والشهادة قاطعا هذا عنهما وعن ورثتهما ولم يكن يدخله ما وصفت انبغى لأهل دين الله اختيار ما ندبهم الله إليه إرشادا ومن تركه فقد ترك حزما وأمرا لم أحب تركه من غير أن أزعم أنه محرم عليه بما وصفت من الآية بعده.

[قال الشافعي]: قال الله عز وجل: {ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله} يحتمل أن يكون حتما على من دعي للكتاب فإن تركه تارك كان عاصيا، ويحتمل أن يكون كما وصفنا في كتاب جماع العلم على من حضر من الكتاب أن لا يعطلوا كتاب حق بين رجلين فإذا قام به واحد أجزأ عنهم كما حق عليهم أن يصلوا على الجنائز ويدفنوها فإذا قام بها من يكفيها أخرج ذلك من تخلف عنها من المأثم، ولو ترك كل من حضر من الكتاب خفت أن. يأثموا بل كأني لا أراهم يخرجون من المأثم وأيهم قام به أجزأ عنهم.

[قال الشافعي]: وهذا أشبه معانيه به والله تعالى أعلم.

[قال الشافعي]: وقول الله جل ذكره {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} يحتمل ما وصفت من أن يأبى كل شاهد ابتدئ فيدعى ليشهد ويحتمل أن يكون فرضا على من حضر الحق أن يشهد منهم من فيه الكفاية للشهادة فإذا شهدوا أخرجوا غيرهم من المأثم، وإن ترك من حضر الشهادة خفت حرجهم بل لا أشك فيه وهذا أشبه معانيه به والله تعالى أعلم. قال فأما من سبقت شهادته بأن أشهد أو علم حقا لمسلم أو معاهد فلا يسعه التخلف عن تأدية الشهادة متى طلبت منه في موضع مقطع الحق.

[قال الشافعي]: والقول في كل دين سلف أو غيره كما وصفت، وأحب الشهادة في كل حق لزم من بيع وغيره نظرا في المتعقب لما وصفت وغيره من تغير العقول.

[قال الشافعي]: في قول الله عز وجل: {فليملل وليه بالعدل} دلالة على تثبيت الحجر وهو موضوع في كتاب الحجر.

[قال الشافعي]: وقول الله تعالى {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى} يحتمل كل دين ويحتمل السلف خاصة، وقد ذهب فيه ابن عباس إلى أنه في السلف [أخبرنا] الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن قتادة عن أبي حسان الأعرج. عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله تعالى في كتابه وأذن فيه ثم قال {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى}.

[قال الشافعي]: وإن كان كما قال ابن عباس في السلف قلنا به في كل دين قياسا عليه لأنه في معناه، والسلف جائز في سنة رسول الله والآثار وما لا يختلف فيه أهل العلم علمته.

[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس (أن رسول الله قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين وربما قال السنتين والثلاث فقال " من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم).

[قال الشافعي]: حفظته كما وصفت من سفيان مرارا.

[قال الشافعي]: وأخبرني من أصدقه عن سفيان أنه قال كما قلت وقال في الأجل إلى أجل معلوم [أخبرنا] سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول لا نرى بالسلف بأسا الورق في الورق نقدا.

[قال الشافعي]: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أن ابن عمر كان يجيزه.

[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن نافع أنه كان يقول لا بأس أن يسلف الرجل في طعام موصوف بسعر معلوم إلى أجل مسمى.

[قال الشافعي]: أخبرنا ابن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الرهن في السلف فقال إذا كان البيع حلالا فإن الرهن مما أمر به.

[قال الشافعي]: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه كان لا يرى بأسا بالرهن والحميل في السلم وغيره.

[قال الشافعي]: والسلم السلف وبذلك أقول لا بأس فيه بالرهن والحميل لأنه بيع من البيوع وقد أمر الله جل ثناؤه بالرهن فأقل أمره تبارك وتعالى أن يكون إباحة له فالسلم بيع من البيوع.

[قال الشافعي]: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه كان لا يرى بأسا أن يسلف الرجل في شيء يأخذ فيه رهنا أو حميلا.

[قال الشافعي]: ويجمع الرهن والحميل ويتوثق ما قدر عليه حقه.

[أخبرنا] سعيد بن سالم عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه (أن رسول الله رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر).

[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يرى بأسا أن يبيع الرجل شيئا إلى أجل ليس عنده أصله.

قال: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر مثله.

[قال الشافعي]: ففي سنة رسول الله دلائل، منها (أن رسول الله أجاز أن يسلف إذا كان ما يسلف فيه كيلا معلوما ويحتمل معلوم الكيل ومعلوم الصفة، وقال ووزن معلوم وأجل معلوم أو إلى أجل معلوم) فدل ذلك على أن قوله ووزن معلوم إذا أسلف في كيل أن يسلف في كيل معلوم، وإذا سمى أن يسمي أجلا معلوما، وإذا سلف في وزن أن يسلف في وزن معلوم، وإذا أجاز رسول الله السلف في التمر السنتين بكيل ووزن وأجل معلوم كله والتمر قد يكون رطبا، وقد أجاز أن يكون في الرطب سلفا مضمونا في غير حينه الذي يطيب فيه لأنه إذا سلف سنتين كان بعضها في غير حينه.

[قال]: والسلف قد يكون بيع ما ليس عند البائع فلما (نهى رسول الله حكيما عن بيع ما ليس عنده وأذن في السلف) استدللنا على أنه لا ينهى عما أمر به، وعلمنا أنه إنما نهى حكيما عن بيع ما ليس عنده إذا لم يكن مضمونا عليه، وذلك بيع الأعيان.

قال: ويجتمع السلف وهو بيع الصفات وبيع الأعيان في أنه لا يحل فيهما بيع منهي عنه، ويفترقان في أن الجزاف يحل فيما رآه صاحبه، ولا يحل في السلف إلا معلوم بكيل أو وزن أو صفة.

[قال الشافعي]: والسلف بالصفة والأجل ما لا اختلاف فيه عند أحد من أهل العلم حفظت عنه.

[قال الشافعي]: وما كتبت من الآثار بعدما كتبت من القرآن والسنة والإجماع ليس لأن شيئا من هذا يزيد سنة رسول الله قوة، ولا لو خالفها ولم يحفظ معها يوهنها بل هي التي قطع الله بها العذر ولكنا رجونا الثواب في إرشاد من سمع ما كتبنا فإن فيما كتبنا بعض ما يشرح قلوبهم لقبوله ولو تنحت عنهم الغفلة لكانوا مثلنا في الاستغناء بكتاب الله عز وجل ثم سنة نبيه وما احتاجوا إذا أمر الله عز وجل بالرهن في الدين إلى أن يقول قائل هو جائز في السلف؛ لأن أكثر ما في السلف أن يكون دينا مضمونا.

[قال الشافعي]: فإذا أجاز رسول الله بيع الطعام بصفة إلى أجل كان - والله تعالى أعلم - بيع الطعام بصفة حالا أجوز؛ لأنه ليس في البيع معنى إلا أن يكون بصفة مضمونا على صاحبه فإذا ضمن مؤخرا ضمن معجلا وكان معجلا أعجل منه مؤخرا، والأعجل أخرج من معنى الغرر وهو مجامع له في أنه مضمون له على بائعه بصفة.

كتاب الأم - باب السلف والمراد به السلم
باب ما يجوز من السلف | باب في الآجال في السلف والبيوع | باب جماع ما يجوز فيه السلف وما لا يجوز والكيل | باب السلف في الكيل | باب السلف في الحنطة | باب السلف في الذرة | باب العلس | باب القطنية | باب السلف في الرطب والتمر | باب جماع السلف في الوزن | تفريع الوزن من العسل | باب السلف في السمن | السلف في الزيت | السلف في الزبد | السلف في اللبن | السلف في الجبن رطبا ويابسا | السلف في اللبأ | الصوف والشعر | السلف في اللحم | صفة اللحم وما يجوز فيه وما لا يجوز | لحم الوحش | الحيتان | الرءوس والأكارع | باب السلف في العطر وزنا | باب متاع الصيادلة | باب السلف في اللؤلؤ وغيره من متاع أصحاب الجوهر | باب السلف في التبر غير الذهب والفضة | باب السلف في صمغ الشجر | باب الطين الأرمني وطين البحيرة والمختوم | باب بيع الحيوان والسلف فيه | باب صفات الحيوان إذا كانت دينا | باب الاختلاف في أن يكون الحيوان نسيئة أو يصلح منه اثنان بواحد | باب السلف في الثياب | باب السلف في الأهب والجلود | باب السلف في القراطيس | باب السلف في الخشب ذرعا | باب السلم في الخشب وزنا | باب السلف في الصوف | باب السلف في الكرسف | باب السلف في القز والكتان | باب السلف في الحجارة والأرحية وغيرها من الحجارة | باب السلف في القصة والنورة | باب السلف في العدد | باب السلم في المأكول كيلا أو وزنا | باب بيع القصب والقرط | باب السلف في الشيء المصلح لغيره | باب السلف يحل فيأخذ المسلف بعض رأس ماله وبعض سلفه | باب صرف السلف إلى غيره | باب الخيار في السلف | باب ما يجب للمسلف على المسلف من شرطه | باب اختلاف المتبايعين بالسلف إذا رآه المسلف | باب ما يلزم في السلف مما يخالف الصفة | باب ما يجوز فيه السلف وما لا يجوز | باب اختلاف المسلف والمسلف في السلم | باب السلف في السلعة بعينها حاضرة أو غائبة | باب امتناع ذي الحق من أخذ حقه | باب السلف في الرطب فينفد


كتاب الأم
كتاب الطهارة | كتاب الحيض | كتاب الصلاة | كتاب صلاة الخوف وهل يصليها المقيم | كتاب صلاة العيدين | كتاب صلاة الكسوف | كتاب الاستسقاء | كتاب الجنائز | كتاب الزكاة | كتاب قسم الصدقات | كتاب الصيام الصغير | كتاب الاعتكاف | كتاب الحج | مختصر الحج المتوسط | مختصر الحج الصغير | كتاب الضحايا | كتاب الصيد والذبائح | كتاب الأطعمة | كتاب النذور | كتاب البيوع | باب السلف والمراد به السلم | كتاب الرهن الكبير | الرهن الصغير | التفليس | الصلح | الحوالة | باب الضمان | الشركة | الوكالة | جماع ما يجوز إقراره إذا كان ظاهرا | العارية | الغصب | كتاب الشفعة | باب القراض | المساقاة | المزارعة | الإجارة وكراء الأرض | إحياء الموات | الأحباس | كتاب الهبة | باب في العمرى | كتاب اللقطة | اللقطة الكبيرة | كتاب اللقيط | باب الجعالة | كتاب الفرائض | كتاب الوصايا | باب الولاء والحلف | الوديعة | قسم الفيء | كتاب الجزية | كتاب قتال أهل البغي وأهل الردة | كتاب السبق والنضال | كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي | كتاب النكاح | كتاب اللعان | كتاب جراح العمد | كتاب الحدود وصفة النفي | الاستحقاق | الأشربة | الوليمة | صدقة الشافعي | وثيقة في المكاتب أملاها الشافعي | وثيقة في المدبر | كتاب الأقضية | الإقرار والمواهب | الدعوى والبينات | الشهادات | باب الحدود | الأيمان والنذور والكفارات في الأيمان | باب في الأقضية | كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى | اختلاف علي وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما | كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما | كتاب الرد على محمد بن الحسن | كتاب سير الأوزاعي | كتاب القرعة | أحكام التدبير | المكاتب