كتاب الأم/باب السلف والمراد به السلم/لحم الوحش
[قال الشافعي]: رحمه الله: ولحم الوحش كله كما وصفت من لحم الأنيس، إذا كان ببلد يكون بها موجودا لا يختلف في الوقت الذي يحل فيه بحال جاز السلف فيه، وإذا كان يختلف في حال ويوجد في أخرى لم يجز السلف فيه إلا في الحال التي لا يختلف فيها قال، ولا أحسبه يكون موجودا ببلد أبدا إلا هكذا وذلك أن من البلدان ما لا وحش فيه، وإن كان به منها وحش فقد يخطئ صائده ويصيبه والبلدان، وإن كان منها ما يخطئه لحم يجوز فيه في كل يوم أو بها بعض اللحم دون بعض فإن الغنم تكاد أن تكون موجودة والإبل والبقر فيأخذ المسلف البائع بأن يذبح فيوفي صاحبه حقه؛ لأن الذبح له ممكن بالشراء، ولا يكون الصيد له ممكنا بالشراء والأخذ كما يمكنه الأنيس فإن كان ببلد يتعذر به لحم الأنيس أو شيء منه في الوقت الذي يسلف فيه لم يجز السلف فيه في الوقت الذي يتعذر فيه، ولا يجوز السلف في لحم الوحش إذا كان موجودا ببلد إلا على ما وصفت من لحم الأنيس أن يقول لحم ظبي أو أرنب أو ثيتل أو بقر وحش أو حمر وحش أو صنف بعينه ويسميه صغيرا أو كبيرا ويوصف اللحم كما وصفت وسمينا أو منقيا كما وصفت في اللحم لا يخالفه في شيء إلا أن تدخله خصلة لا تدخل لحم الأنيس إن كان منه شيء يصاد بشيء يكون لحمه معه طيبا وآخر يصاد بشيء يكون لحمه معه غير طيب شرط صيد كذا دون صيد كذا، فإن لم يشرط مثل أهل العلم به فإن كانوا يبينون في بعض اللحم الفساد فالفساد عيب، ولا يلزم المشتري، فإن كانوا يقولون ليس بفساد ولكن صيد كذا أطيب فليس هذا بفساد، ولا يرد على البائع ويلزم المشتري وهذا يدخل الغنم فيكون بعضها أطيب لحما من بعض، ولا يرد من لحمه إلا من فساد.
قال: ومتى أمكن السلف في الوحش فالقول فيه كالقول في الأنيس فإنما يجوز بصفة وسن وجنس.
ويجوز السلف في لحم الطير كله بصفة وسمانة، وإنقاء ووزن غير أنه لا سن له وإنما يباع بصفة مكان السن بكبير وصغير وما احتمل أن يباع مبعضا بصفة موصوفة وما لم يحتمل أن يبعض لصغره وصف طائره وسمانته وأسلم فيه بوزن لا يجوز أن يسلم فيه بعدد وهو لحم إنما يجوز العدد في الحي دون المذبوح والمذبوح طعام لا يجوز إلا موزونا، وإذا أسلم في لحم طير وزنا لم يكن عليه أن يأخذ في الوزن رأسه، ولا رجليه من دون الفخذين؛ لأن رجليه لا لحم فيهما وأن رأسه إذا قصد اللحم كان معروفا أنه لا يقع عليه اسم اللحم المقصود قصده.