كتاب الأم/باب السلف والمراد به السلم/باب السلف في الرطب والتمر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: باب السلف في الرطب والتمر


[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: والقول في التمر كالقول في الحبوب لا يجوز أن يسلف في تمر حتى يصفه برنيا أو عجوة أو صيحانيا أو برديا، فإذا اختلفت هذه الأجناس في البلدان فتباينت لم يجز أن يسلف فيها حتى يقول من بردي بلاد كذا أو من عجوة بلاد كذا، ولا يجوز أن يسمي بلدا إلا بلدا من الدنيا ضخما واسعا كثير النبات الذي يسلم فيه يؤمن بإذن الله تعالى أن تأتي الآفة عليه كله فتنقطع ثمرته في الجديد إن اشترط جديده أو رطبه إذا سلف في رطبه.

قال: ويوصف فيه حادرا أو عبلا ودقيقا وجيدا ورديئا؛ لأنه قد يقع اسم الجودة على ما فيه الدقة وعلى ما هو أجود منه ويقع اسم الرداءة على الحادر فمعنى رداءته غير الدقة.

[قال الشافعي]: وإذا سلف في تمر لم يكن عليه أن يأخذه إلا جافا؛ لأنه لا يكون تمرا حتى يجف وليس له أن يأخذ تمرا معيبا وعلامة العيب أن يراه أهل البصر به فيقولون هذا عيب فيه، ولا عليه أن يأخذ فيه حشفة واحدة؛ لأنها معيبة وهي نقص من ماله، ولا غير ذلك من مستحشفه وما عطش وأضر به العطش منه؛ لأن هذا كله عيب فيه ولو سلف فيه رطبا لم يكن عليه أن يأخذ في الرطب يسرا، ولا مذنبا، ولا يأخذ إلا ما أرطب كله، ولا يأخذ مما أرطب كله مشدخا، ولا قديما قد قارب أن يثمر، أو يتغير؛ لأن هذا إما غير الرطب وإما عيب الرطب وهكذا أصناف الرطب والتمر كله وأصناف العنب وكل ما أسلم فيه رطبا أو يابسا من الفاكهة.

[قال الشافعي]: ولا يصلح السلف في الطعام إلا في كيل أو وزن فأما في عدد فلا، ولا بأس أن يسلف في التين يابسا وفي الفرسك يابسا وفي جميع ما ييبس من الفاكهة يابسا بكيل كما يسلف في التمر، ولا بأس أن يسلف فيما كيل منه رطبا كما يسلم في الرطب والقول في صفاته وتسميته وأجناسه كالقول في الرطب سواء لا يختلف فإن كان فيه شيء بعض لونه خير من بعض لم يجز حتى يوصف اللون كما لا يجوز في الرقيق إلا صفة الألوان.

قال: وكل شيء اختلف فيه جنس من الأجناس المأكولة فتفاضل بالألوان أو بالعظم لم يجز فيه إلا أن يوصف بلونه وعظمه فإن ترك شيء من ذلك لم يجز، وذلك أن اسم الجودة يقع على ما يدق ويعظم منه ويقع على أبيضه وأسوده وربما كان أسوده خيرا من أبيضه وأبيضه خير من أسوده وكل الكيل والوزن يجتمع في أكثر معانيه وقليل ما يباين به جملته إن شاء الله تعالى.

[قال الشافعي]: ولو أسلم رجل في جنس من التمر فأعطي أجود منه أو أردأ بطيب نفس من المتبايعين لا إبطال للشرط بينهما، لم يكن بذلك بأس وذلك أن هذا قضاء لا بيع ولكن لو أعطي مكان التمر حنطة أو غير التمر، لم يجز؛ لأنه أعطاه من غير الصنف الذي له فهذا بيع ما لم يقبض، بيع التمر بالحنطة.

[قال الشافعي]: ولا خير في السلف في شيء من المأكول عددا؛ لأنه لا يحاط فيه بصفة كما يحاط في الحيوان بسن وصفة وكما يحاط في الثياب بذرع وصفة، ولا بأس أن يسلم فيه كله بصفة ووزن فيكون الوزن فيه يأتي على ما يأتي عليه الذرع في الثوب، ولا بأس أن يسلف في صنف من الخربز بعينه ويسمي منه عظاما أو صغارا أو خربز بلد وزن كذا وكذا، فما دخل الميزان فيه من عدد ذلك لم ينظر فيه إلى العدد إذا وقعت على ما يدخل الميزان أقل الصفة ونظر إلى الوزن كما لا ينظر في موزون من الذهب والفضة إلى عدد، وإذا اختلفا في عظامه وصغاره فعليه أن يعطيه أقل ما يقع عليه اسم العظم وأقل ما يقع اسم صفته ثم يستوفيه منه موزونا وهكذا السفرجل والقثاء والفرسك وغيره مما يبيعه الناس عددا وجزافا في أوعيته لا يصلح السلف فيه إلا موزونا؛ لأنه يختلف في المكيال وما اختلف في المكيال حتى يبقى من المكيال شيء فارغ ليس فيه شيء لم يسلف فيه كيلا.

قال: وإن اختلف فيه أصناف ما سلف من قثاء وخربز وغيره مما لا يكال سمي كل صنف منها على حدته وبصفته لا يجزئه غير ذلك فإن ترك ذلك فالسلف فاسد والقول في إفساده وإجازته إذا اختلفت أجناسه كالقول فيما وصفنا قبله من الحنطة والتمر وغيرهما.

كتاب الأم - باب السلف والمراد به السلم
باب ما يجوز من السلف | باب في الآجال في السلف والبيوع | باب جماع ما يجوز فيه السلف وما لا يجوز والكيل | باب السلف في الكيل | باب السلف في الحنطة | باب السلف في الذرة | باب العلس | باب القطنية | باب السلف في الرطب والتمر | باب جماع السلف في الوزن | تفريع الوزن من العسل | باب السلف في السمن | السلف في الزيت | السلف في الزبد | السلف في اللبن | السلف في الجبن رطبا ويابسا | السلف في اللبأ | الصوف والشعر | السلف في اللحم | صفة اللحم وما يجوز فيه وما لا يجوز | لحم الوحش | الحيتان | الرءوس والأكارع | باب السلف في العطر وزنا | باب متاع الصيادلة | باب السلف في اللؤلؤ وغيره من متاع أصحاب الجوهر | باب السلف في التبر غير الذهب والفضة | باب السلف في صمغ الشجر | باب الطين الأرمني وطين البحيرة والمختوم | باب بيع الحيوان والسلف فيه | باب صفات الحيوان إذا كانت دينا | باب الاختلاف في أن يكون الحيوان نسيئة أو يصلح منه اثنان بواحد | باب السلف في الثياب | باب السلف في الأهب والجلود | باب السلف في القراطيس | باب السلف في الخشب ذرعا | باب السلم في الخشب وزنا | باب السلف في الصوف | باب السلف في الكرسف | باب السلف في القز والكتان | باب السلف في الحجارة والأرحية وغيرها من الحجارة | باب السلف في القصة والنورة | باب السلف في العدد | باب السلم في المأكول كيلا أو وزنا | باب بيع القصب والقرط | باب السلف في الشيء المصلح لغيره | باب السلف يحل فيأخذ المسلف بعض رأس ماله وبعض سلفه | باب صرف السلف إلى غيره | باب الخيار في السلف | باب ما يجب للمسلف على المسلف من شرطه | باب اختلاف المتبايعين بالسلف إذا رآه المسلف | باب ما يلزم في السلف مما يخالف الصفة | باب ما يجوز فيه السلف وما لا يجوز | باب اختلاف المسلف والمسلف في السلم | باب السلف في السلعة بعينها حاضرة أو غائبة | باب امتناع ذي الحق من أخذ حقه | باب السلف في الرطب فينفد