ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الأول/الجزء الأول/الباب العاشر
في الأخذ بموجب القرآن
- قال علي : ولما تبين بالبراهين والمعجزات ، أن القرآن هو عهد الله إلينا والذي ألزمنا الإِقرار به ، والعمل بما فيه ، وصح بنقل الكافة الذي لا مجال للشك فيه ، أن هذا القرآن هو المكتوب في المصاحف ، المشهورة في الآفاق كلها ، وجب الانقياد لما فيه فكان هو الأصل المرجوع إليه .
لأننا وجدنا فيه : {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } فما في القرآن من أمر أو نهي فواجب الوقوف عنده ، وسنذكر إن شاء الله تعالى في باب الأخبار التالي لهذا الباب كيف العمل في بناء آي القرآن خاصها مع عامها ، وبناء السنن عليها ، وسنذكر إن شاء الله تعالى في باب الأوامر والنواهي ، كيف العمل في حمل أوامر القرآن ونواهيه على الظاهر ، والوجوب ، والفور ، ونذكر إن شاء تعالى في باب العموم والخصوص ، ما يقتضيه ذلك الباب من أخذ آي القرآن على عمومها ، ونوعب الرد على كل من خالف الحق في ذلك إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق .
- قال علي : ولا خلاف بين أحد من الفرق المنتمية إلى المسلمين من أهل السنَّة والمعتزلة والخوارج والمرجئة والزيدية في وجوب الأخذ بما في القرآن ، وأنه هو المتلو عندنا نفسه ، وإنما خالف في ذلك قوم من غلاة الروافض هم كفار بذلك مشركون عند جميع أهل الإِسلام ، وليس كلامنا مع هؤلاء ، وإنما كلامنا في هذا الكتاب مع أهل ملتنا ، إذا قد أحكمنا بطلان سائر الملل في كتاب الفصل وبالله تعالى التوفيق .
ونذكر إن شاء الله تعالى في باب الإِجماع من هذا الكتاب بالبرهان الصحيح أن القراءات السبع التي نزل بها القرآن باقية عندنا كلها ، وبطلان قول من ظن أن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على قراءة واحدة منها أو على بعض الأحرف السبعة دون بعض وبالله تعالى التوفيق .