انتقل إلى المحتوى

التاج في أخلاق الملوك/باب في صفة ندماء الملك/أدب سماع الملك ومحادثته

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أدب سماع الملك ومحادثته

ومن حق الملك، إذا حضره سماره أو محدثوه، أن لا يحرك أحد منهم شفتيه مبتدئاً، ولا يقطع حديثه بالاعتراض فيه، وإن كان نادراً شهياً، وأن يكون غرضهم حسن الاستماع، وإشغال الجوارح بحديثه؛ فإذا فرغ من الحديث فنظر إلى بعضهم، فقد أذن له أن يحدثه بنظير ذلك الجنس من الحديث. وليس له أن يأخذ في غير جنس حديثه.

وليس لمن حدث الملك أن يفسد ألفاظه وكلامه، بأن يقول في حديثه: فاسمع مني أو افهم عني أو يا هذا أو ألا ترى.

فإن هذا وما أشبهه عي من قائله، وحشو في كلامه، وخروج من بسط اللسان، ودليل على الفدامة والغثاثة. وليكن كلامه كلاماً سهلاً، وألفاظه عذبةً متصلة، وسقط كلامه قليلاً.

فإذا فرغ من الحديث، فليس له أن يصله بحديث آخر، وإن كان شبيهاً بالحديث الأول، حتى يرى أن الملك قد أقبل عليه بوجهه، وأصغى إلى حديثه.

فإن أعرض لشغل يعرض له، فليس له أن يمر في حديثه، وأن يصل كلامه، فيحتاج الملك إلى الإصغاء إليه، ويحتاج إلى التشاغل بما عرض له، فيجمع عليه أمرين. فإن اتصل شغل الملك، ترك الحديث؛ وإن انقطع فنظر إليه، فقد أذن له في إتمامه وإعادته.

ومن حق الملك أن لا يضحك من حديثه إذا حدث، لأن الضحك بحضرة الملك جرأة عليه؛ ولا يظهر التعجب بفائدة حديثه.

وإنما هذا إلى الملك. فإن ضحك الملك من الحديث، وأظهر السرور به، فذاك غرض حديثه، وإليه قصد؛ وإن سكت، فلم يكن في الحديث ما يلهيه ويطر به أو يستفيد منه فائدة، كان قد سلم من العيب، إذ لم يضحك ولم يعجب.



التاج في أخلاق الملوك لعمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبي عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى عام 255هـ)

باب في الدخول على الملوك | دخول الأشراف | دخول الأوساط | كيفية الدخول على الملك | استقبال الملك للملوك | وداع الملك للملوك | باب في مطاعمة الملوك | المنصور والفتى الهاشمي | على مائدة اسحق بن ابراهيم | شرف مؤاكلة الملوك | بين معاوية والحسن بن علي | شره القضاة | الملك وضيوفه على المائدة | الحديث على المائدة | طبقات الندماء | في حضرة الملك | مراتب الندماء والمغنين | أقسام الناس | انقلاب الحال في عهد بهرام جور | في عهد الأمويين | الخليفة الأمين | الخليفة المأمون | أخلاق الملك السعيد | أنعام الملوك ومنتهم | العفو عند المقدرة | آداب البطانة مع الملوك | حديث الملك | بين معاوية والرهاوي | أقوال في حسن الاستماع | عود إلى أخلاق الملوك | معاقبة أنوشروان للخائن | عبد الملك والأشدق | الرشيد والبرامكة | مراعاة حرمة الملك | إغضاء البصر وخفض الصوت بحضرة الملك | في غياب الملك | مكافآت الملوك | باب في صفة ندماء الملك | عدة الملك في سفره أو نزهته | خلال الندماء وملاعبة الملوك | آداب الندماء عند نعاس الملك | إمامة الملك للصلاة | آداب مسايرة الملك | مسايرة الموبذ لقباذ | مسايرة شرحبيل لمعاوية | صاحب الشرطة والهادي | ما قاله الهاشمي للخراساني | عدم تسمية أو تكنية الملك | عند تشابه الأسماء | ما يتفرد به الملك في عاصمته | دعاء الملك وتعزيته | غضب الملك ورضاه | وعلى هذا أخلاق الملوك وصنيعهم | أسرار الملك | حفظ حرم الملك | امتحان من يطعن في المملكة | تقاضي الملك عن الصغائر | رد على العامة | إكرام الأوفياء | أدب سماع الملك ومحادثته | إعادة الحديث | أمارات الذهاب من مجلس الملك | اغتياب الآخرين أمام الملك | آداب رسول الملك | احتياط الملك | معاملة ابن الملك للملك | صلاح الجفوة في التأديب | صفات المقربين من الملك | سخاء الملك وحياؤه | اعتلال الملك | جوائز البطانة | هدايا المهرجان والنيروز | لهو الملوك وشربهم | زيارة الملوك لأخصانهم | استقبال الملوك للناس في الأعياد | عقوبة الملك الظالم | استقصاء أحوال الرعية | الملوك أمام الأمور الجليلة | الحرب خدعة | النهاية |