التاج في أخلاق الملوك/باب في صفة ندماء الملك/عدم تسمية أو تكنية الملك
عدم تسمية أو تكنية الملك
ومن حق الملك أن لا يسمى ولا يكنى في جدٍ أو هزل، ولا أنسٍ ولا غيره. ولولا أن القدماء من الشعراء كنت الملوك وسمتهم في أشعارها، وأجازت ذلك واصطلحت عليه، ما كان جزاء من كنى ملكاً أو خليفةً إلا العقوبة. على أن ملوك آل ساسان لم يكنها أحد من رعاياها قط، ولا سماها في شعرٍ ولا خطبةٍ ولا تفريطٍ ولا غيره؛ وإنما حدث هذا في ملوك الحيرة.
والدليل على ذلك أنه لو سمى أحد من الخطباء والشعراء في كلامه المنثور ملكاً أو خليفةً، وهو يخاطبه باسمه، كان جاهلاً ضعيفاً خارجاً من باب الأدب. ولولا أن الاصطلاح منعنا إيجاب المنع من ذلك، كان أول ما يجب.
ولا أدري لم فعل القدماء ذلك، كما أني لا أدري لم أجازته ملوكها، ورضيت به، إذ كانت صفة الملوك ترتفع عن كل شيء، وترقى عنه.
وكانت الجفاة من العرب بسوء أدبها وغلظ تركيبها، إذا أتوا النبي ﷺ، خاطبوه ودعوه باسمه وكنيته.
فأما أصحابه، فكانت مخاطبتهم إياه: يا رسول الله! ويا نبي الله!
وهكذا يجب للملوك أن يقال في مخاطبتهم: يا خليفة الله! ويا أمين الله! ويا أمير المؤمنين!