التاج في أخلاق الملوك/باب في صفة ندماء الملك/ما يتفرد به الملك في عاصمته
ما يتفرد به الملك في عاصمته
ومن حق الملك أن يتفرد في قرار داره بثلاثة أشياء، فلا يطمع طامع في أن يشركه فيها:
فمنها الحجامة، والفصد، وشرب الدواء، فليس لأحدٍ من الخاصة والعامة ممن في قصية دار المملكة أن يشركه في ذلك.
وكانت ملوك الأعاجم تمنع من هذا وتعاقب عليه، وتقول: إذا أراق الملك دمه، فليس لأحد أن يريق دمه في ذلك اليوم حتى يساوي الملك في فعله، بل على الخاصة والعامة الفحص عن أمر الملك، والتشاغل بطلب سلامته، وظهور عافيته، وكيف وجد عاقبة ما يصالح به.
وليس الاقتضاء بفعل الملك في هذا وما أشبهه من فعل من تمت طاعته وصحت نيته وحسنت معونته، لن في ذلك استهانةً بأمر الملك والمملكة.
ومن قصد إلى أن يشرك الملك في شيء، يجد عنه مندوحةً ومنه بداً، بالمهل المبسوطة والأيام الممدودة، فهو عاصٍ مفارق للشريعة.
ويقال إن كسرى أنوشروان كان أكثر ما يحتجم في يوم السبت، وكان المنادى، إذا اصبح في كل يوم سبت، نادى: يا أهل الطاعة! ليكن منكم ترك الحجامة في هذا اليوم على ذكر! ويا حجامون، اجعلوا هذا اليوم لنسائكم وغسل ثيابكم!.
وهكذا كان يفعل في يوم فصد العرق وأخذ الدواء.