هداية الحيارى/إسلام النجاشي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


إسلام النجاشي

ولما عرف النجاشي ملك الحبشة أن النصارى لا يخرجون عن عبادة الصليب إلى عبادة الله وحده أسلم سرا، وكان يكتم إسلامه بينهم هو وأهل بيته، ولا يمكنه مجاهرتهم.

ذكر ابن إسحاق أن رسول الله ، أرسل إليه عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه، مكانه يدعوه إلى الإسلام، فقال له عمرو: يا أصحمة!علي القول وعليك الاستماع، إنك كأنك في الرقة علينا منا وكانا في الثقة بك منك لأنا لم نظن بك خيرا قط إلا نلناه، ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد، وقاض لا يجور، وفي ذلك موقع الحز، وإصابة المفصل، وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى ابن مريم.

وقد فرق النبي رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له، وأمنك على ما خافهم عليه لخبر سالف، وأجر منتظر، فقال النجاشي: أشهد بالله إنه للنبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب، وإن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل، وإن العيان ليس بأشفى من الخبر.

قال الواقدي: وكتب رسول الله إليه «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة: أسلم أنت فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته، ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، حملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخه، كما خلق آدم بيده.

وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وإن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني، فإني رسول الله إليك، وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت، ونصحت، فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى».

فكتب إليه النجاشي: بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة، سلام عليك يا نبي الله من الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد:

فلقد بلغني كتابك فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت تفروقا، إنه كما ذكرت وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قر بنا ابن عمك وأصحابه، فأشهد إنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين.

والتفروق: علامة تكون بين النواة والتمرة.

هداية الحيارى
خطبة الكتاب | تمهيد | مسائل الكتاب | المسألة الأولى | الأسباب المانعة من قبول الحق | لا غرابة في جحد النصارى رسالة محمد وقد سبوا الله | صلاة النصارى استهزاء بالمعبود | المسألة الثانية | قصة النجاشي | وفد نصارى نجران | خبر عدي بن حاتم الطائي | قصة سلمان الفارسي | قصة هرقل | إسلام النجاشي | قصة المقوقس | قصة ابن الجلندي | صاحب اليمامة | قصة الحارث | قصة عبد الله بن سلام | المذكور في كتبهم غالبا وهو أبلغ من الاسم | نصارى نجران | اثنا عشر وجها تدل على أنه مذكور في الكتب المنزلة | اختلاف نسخ التوراة والإنجيل وتناقضها | نصوص الكتب المتقدمة في البشارة به وصفته ونعت أمته | النصارى آمنوا بمسيح لا وجود له واليهود ينتظرون المسيح الدجال | ما عوض به إبليس والنصارى وكل مستكبر عن حق | أدلة من التوراة على نبوة محمد | نطق التوراة صراحة بنبوة محمد | ما ذكر في نبوة حبقوق | مناظرة المؤلف لأحد كبار اليهود | صفات النبي المذكورة في كتبهم | خبر المباهلة | حديث وهب عن الزبور | خبر الحجر الذي وجد في قبر دانيال | أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي | خبر بحيرا الراهب | خبر آخر عن هرقل | الطرق الأربعة الدالة على صحة البشارة به | تحريف التوراة والإنجيل | سبب تحريف التوراة | جحدهم بنبوة محمد نظير جحدهم نبوة المسيح | التغيير في ألفاظ الكتب | المناقضات في الإنجيل | الرد على من طالب بالنسخ الصحيحة | الرد على من قال بعدم كفر هاتين الأمتين | الرد على من طعن بالصحابة | معاصي الأمم لا تقدح في الرسل ولا في رسالتهم | كتب اليهود | من شريعتهم نكاح امرأة الأخ أو العار | دين النصارى | مقالة أشباه الحمير في مريم وابنها | لو لم يظهر محمد لبطلت نبوة سائر الأنبياء | النصارى أشد الأمم افتراقا في دينهم | اختلاف فرقهم المشهورة في شخصية المسيح | تاريخ المجامع النصرانية | ذكر ماني الكذاب | بولس أول من ابتدع اللاهوت والناسوت في شأن المسيح | أول من ابتدع شارة الصليب قسطنطين | المجمع الأول | المجمع الثاني | المجمع الثالث | المجمع الرابع | المجمع الخامس | المجمع السادس | المجمع السابع | المجمع الثامن | المجمع التاسع | المجمع العاشر | لو عرض دين النصرانية على قوم لم يعرفوا لهم إلها لامتنعوا من قبوله | يستحيل الإيمان بنبي من الأنبياء مع جحد نبوة محمد | إنكار النبوات شيمة الفلاسفة والمجوس وعباد الأصنام | غباوة اليهود | إشراق الأرض بالنبوة