كتاب الأم/كتاب النكاح/نكاح أهل الذمة
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وعقد نكاح أهل الذمة فيما بينهم ما لم يترافعوا إلينا كنكاح أهل الحرب ما استجازوه نكاحا ثم أسلموا لم نفسخه بينهم إذا جاز ابتداؤه في الإسلام بحال، وسواء كان بولي أو غير ولي وشهود أو غير شهود، وكل نكاح عندهم جائز أجزته إذا صلح ابتداؤه في الإسلام بحال قال وهكذا إن نكحها في العدة وذلك جائز عندهم ثم لم يسلما حتى تمضي العدة وإن أسلما في العدة فسخت نكاحهما لأنه لا يصلح ابتداء هذا في الإسلام بحال وإن نكح محرما له أو امرأة أبيه ثم أسلما فسخته لأنه لا يصلح ابتداؤه في الإسلام بحال وكذلك إن نكح امرأة طلقها ثلاثا قبل أن تتزوج زوجا غيره يصيبها، وإذا أسلم أحدهم وعنده أكثر من أربع نسوة قيل له أمسك أي الأربع شئت وفارق سائرهن.
[قال الشافعي]: وكذلك مهورهن فإذا أمهرها خمرا أو خنزيرا أو شيئا مما يتمول عندهم ميتة أو غيرها مما له ثمن فيهم فدفعه إليها ثم أسلم فطلبت الصداق لم يكن لها غير ما قبضت إذا عفيت العقدة التي يفسد بها النكاح فالصداق الذي لا يفسد به النكاح أولى أن يعفى فإذا لم تقبض من ذلك شيئا ثم أسلما فإن كان الصداق مما يحل في الإسلام فهو لها لا تزاد عليه وإن كان مما لا يحل فلها مهر مثلها، وإن كانت قبضته وهو مما لا يحل ثم طلقها قبل الدخول أو بعد إسلامهما لم يرجع عليها بشيء وهكذا إن كانت هي المسلمة وهو المتخلف عن الإسلام لا يأخذ مسلم حراما ولا يعطيه. قال وإن كانت لم تقبضه ثم أسلما وطلقها رجعت عليه بنصف مهر مثلها. وإذا أسلم هو وهي كتابية فهما على النكاح.
وإذا تناكح المشركون ثم أسلموا لم أفسخ نكاح واحد منهم.
وإن نكح يهودي نصرانية أو نصراني مجوسية أو مجوسي يهودية أو نصرانية أو وثني كتابية أو كتابي وثنية لم أفسخ منه شيئا إذا أسلموا.
[قال الشافعي]: وكذلك لو كان بعضهم أفضل من بعض نسبا فتناكحوا في الشرك نكاحا صحيحا عندهم ثم أسلموا لم أفسخه بتفاضل النسب ما كان التفاضل إذا عفي لهم عما يفسد العقدة في الإسلام فهذا أقل من فسادها.
وإذا كانت نصرانية تحت وثني أو وثنية تحت نصراني فلا ينكح الولد ولا تؤكل ذبيحة الولد ولا ينكحها مسلم لأنها غير كتابية خالصة ولا تسبى لذمة أحد أبويها ولو تحاكم أهل الكتاب إلينا قبل أن يسلموا وجب علينا الحكم بينهم كان الزوج الجائي إلينا أو الزوجة فإن كان النكاح لم يمض لم نزوجهم إلا بشهود مسلمين وصداق حلال وولي جائز الأمر أب أو أخ لا أقرب منه وعلى دين المزوجة وإذا اختلف دين الولي والمزوجة لم يكن لها وليا إن كان مسلما وهي مشركة لم يكن لها وليا ويزوجها أقرب الناس بها من أهل دينها فإن لم يكن لها قريب زوجها الحاكم لأن تزويجه حكم عليها ثم نصنع في ولاتهم ما نصنع في ولاة المسلمات وإن تحاكموا بعد النكاح فإن كان يجوز ابتداء نكاح المرأة حين تحاكمهم إلينا بحال أجزناه لأن عقده قد مضى في الشرك وقبل تحاكمهم إلينا وإن كان لا يجوز بحال فسخناه وإن كان المهر محرما وقد دفعه بعد النكاح لم يجعل لها عليه غيره وإن لم يدفعه جعلنا لها مهر مثلها لازما له قال ولو طلبت أن تنكح غير كفء وأبى ذلك ولاتها منعت نكاحه وإن نكحته قبل التحاكم إلينا لم نرده إذا كان مثل ذلك عندهم نكاحا لمضي العقد.
[قال الشافعي]: وإذا تحاكموا إلينا وقد طلقها ثلاثا أو واحدة أو آلى منها أو تظاهر أو قذفها حكمنا عليه حكمنا على المسلم عنده المسلمة وألزمناه ما نلزم المسلم ولا يجزيه في كفارة الظهار إلا رقبة مؤمنة وإن أطعم لم يجزه إلا إطعام المؤمنين ولا يجزيه الصوم بحال لأن الصوم لا يكتب له ولا ينفع غيره ولا حد على من قذف مشركة وإن لم يلتعن ويعزر ولو تحاكموا إلينا وقد طلقها ثلاثا ثم أمسكها فأصابها فإن كان ذلك جائزا عندهم جعلنا لها مهر مثلها بالإصابة وإن كان ذلك غير جائز عندهم فاستكرهها جعلنا لها مهر مثلها بالإصابة وإن كان عندهم زنا ولم يستكرها لم نجعل لها مهر مثلها وفرقنا بينهما في جميع الأحوال.
[قال الشافعي]: وإذا زوج الذمي ابنه الصغير أو ابنته الصغيرة فهما على النكاح يجوز لهم من ذلك ما يجوز لأهل الإسلام.
[قال الشافعي]: وإذا تزوجت المسلمة ذميا فالنكاح مفسوخ ويؤدبان ولا يبلغ بهما حد وإن أصابها فلها مهر مثلها وإذا تزوج المسلم كافرة غير كتابية كان النكاح مفسوخا ويؤدب المسلم إلا أن يكون ممن يعذر بجهالة وإن نكح كتابية من أهل الحرب كرهت ذلك له والنكاح جائز.