كتاب الأم/كتاب النكاح/تفريع طلاق السنة في المدخول بها التي تحيض إذا كان الزوج غائبا
[قال الشافعي]: رحمه الله: إذا كان الرجل غائبا عن امرأته فأراد أن يطلقها للسنة كتب إليها " إذا أتاك كتابي هذا وقد حضت بعد خروجي من عندك فإن كنت طاهرا فأنت طالق " وإن كان علم أنها قد حاضت قبل أن يخرج ولم يمسها بعد الطهر أو علم أنها قد حاضت وطهرت وهو غائب كتب إليها " إذا أتاك كتابي فإن كنت طاهرا فأنت طالق وإن كنت حائضا فإذا طهرت فأنت طالق " [قال]: وإذا قال الرجل لامرأته التي تحيض وقد دخل بها أنت طالق للسنة سألته فإن قال أردت أن يقع الطلاق عليها للسنة أو لم يكن له نية فإن كانت طاهرا ولم يجامعها في طهرها ذلك وقع الطلاق عليها في حالها تلك وإن كانت طاهرا قد جامعها في ذلك الطهر أو حائضا أو نفساء وقع الطلاق عليها حين تطهر من النفاس أو الحيض ووقع على الطاهرة المجامعة حيث تطهر من أول حيضة تحيضها بعد قوله يقع على كل واحدة منهن حين ترى الطهر وقبل الغسل وإن قال أردت أن يقع حين تكلمت وقعت حائضا كانت أو طاهرا بإرادته، وإذا قال الرجل لامرأته التي تحيض أنت طالق ثلاثا للسنة وقعن جميعا معا في وقت طلاق السنة إذا كانت طاهرا من غير جماع وقعن حين قاله وإن كانت نفساء أو حائضا أو طاهرا فإذا طهرت قبل تجامع، ولو نوى أن يقعن عند كل طهر واحدة وقعن معا كما وصفت في الحكم، فأما فيما بينه وبين الله تعالى فيقعن على ما نواه ويسعه رجعتها وإصابتها بين كل تطليقتين ما لم تنقض عدتها.
[قال الشافعي]: وتنقضي عدة المرأة بأن تدخل في الحيضة الثالثة من يوم وقع الطلاق في الحكم ولها أن لا تنكحه وتمتنع منه، وإذا قال أنت طالق ثلاثا عند كل قرء لك واحدة فإن كانت طاهرا مجامعة أو غير مجامعة وقعت الأولى لأن ذلك قرء، ولو طلقت فيه اعتدت به، وإن كانت حائضا أو نفساء وقعت الأولى إذا طهرت من النفاس ووقعت الأخرى إذا طهرت من الحيضة الثانية والثالثة إذا طهرت من الحيضة الثالثة ويبقى عليها من عدتها قرء، فإذا دخلت في الدم من الحيضة الرابعة فقد انقضت عدتها من الطلاق كله [قال]: ولو قال لها هذا القول وهي طاهر أو وهي حبلى وقعت الأولى ولم تقع الثنتان كانت تحيض على الحبل أو لا تحيض حتى تلد ثم تطهر فيقع عليها إن ارتجع فإن لم يحدث لها رجعة فقد انقضت عدتها ولا تقع الثنتان لأنها قد بانت منه وحلت لغيره ولا يقع عليها طلاقه وليست بزوجة له [قال]: وسواء قال طالق واحدة أو ثنتين أو ثلاثا يقعن معا لأنه ليس في عدد الطلاق سنة إلا أني أحب له أن لا يطلق إلا واحدة وكذلك إن قال أردت طلاقا للسنة أن السنة أن يقع الطلاق عليها إذا طلقت فهي طالق مكانه ولو قال لها أنت طالق ولا نية له أو وهو ينوي وقوع الطلاق على ظاهر قوله وقع الطلاق حين تكلم به ولو قال لها أنت طالق للسنة واحدة وأخرى للبدعة فإن كانت طاهرا قد جومعت أو حائضا أو نفساء وقعت تطليقة البدعة. فإذا طهرت وقعت تطليقة السنة وسواء قال لها أنت طالق تطليقة سنية وأخرى بدعية أو تطليقة للسنة وأخرى للبدعة.
[قال]: ولو قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة وثلاثا للبدعة وقعت عليها ثلاثا حين تكلم به لأنها لا تعدو أن تكون في حال سنة أو حال بدعة فيقعن في أي الحالين كانت.
[قال الشافعي]: وكذلك لو قال لها أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة جعلنا القول قوله فإن أراد اثنتين للسنة وواحدة للبدعة أوقعنا اثنتين للسنة في موضعهما. وواحدة للبدعة في موضعها، وهكذا لو قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة وللبدعة فإن قال أردت بثلاث للسنة والبدعة أن يقعن معا وقعن في أي حال كانت المرأة وهكذا إن قال أردت أن السنة والبدعة في هذا سواء ولو قال بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة ولا نية له فإن كانت طاهرا من غير جماع وقعت ثنتان للسنة حين يتكلم بالطلاق وواحدة للبدعة حين تحيض. وإن كانت مجامعة أو في دم نفاس أو حيض وقعت حين تكلم اثنتان للبدعة وإذا طهرت واحدة للسنة.
[قال]: ولو قال لها أنت طالق أحسن الطلاق أو أجمل الطلاق أو أفضل الطلاق أو أكمل الطلاق أو خير الطلاق أو ما أشبه هذا من تفصيل الكلام سألته عن نيته فإن قال لم أنو شيئا وقع الطلاق للسنة وكذلك لو قال ما نويت إيقاعه في وقت أعرفه وكذلك لو قال ما أعرف حسن الطلاق ولا قبيحه بصفة غير أني نويت أن يكون أحسن الطلاق وما قلت معه أن يقع الطلاق حين تكلمت به لا يكون له مدة غير الوقت الذي تكلمت به فيه فيقع حينئذ حين يتكلم به أو يقول أردت بأحسنه أني طلقت من الغضب أو غيره فيقع حين يتكلم به إذا جاء بدلالة.
[قال]: ولو قال لها أنت طالق أقبح أو أسمج أو أقذر أو أشر أو أنتن أو آلم أو أبغض الطلاق أو ما أشبه هذا مما يقبح به الطلاق سألناه عن نيته فإن قال أردت ما يخالف السنة منه أو قال أردت إن كان فيه شيء يقبح الأقبح وقع طلاق بدعة إن كانت طاهرا مجامعة أو حائضا أو نفساء، حين تكلم به وقع مكانه، وإن كانت طاهرا من غير جماع وقع إذا حاضت أو نفست أو جومعت وإن قال لم أنو شيئا أو خرس أو عته قبل يسأل وقع الطلاق في موضع البدعة فإن سئل فقال نويت أقبح الطلاق لها إذا طلقتها لريبة رأيتها منها أو سوء عشرة أو بغضة مني لها أو لبغضها من غير ريبة فيكون ذلك يقبح بها وقع الطلاق حين تكلم به لأنه لم يصفه في أن يقع في وقت فيوقعه فيه.
[قال]: ولو قال لها أنت طالق واحدة حسنة قبيحة أو جميلة فاحشة أو ما أشبه هذا مما يجمع الشيء وخلافه كانت طالقا حين تكلم بالطلاق لأن ما أوقع في ذلك وقع بإحدى الصفتين، وإن قال نويت أن يقع في وقت غير هذا الوقت لم أقبل منه لأن الحكم في ظاهر قوله ثنتان أن الطلاق يقع حين تكلم به ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن لا يقع الطلاق إلا على نيته.
ولو قال لها أنت طالق إن كان الطلاق الساعة أو الآن أو في هذا الوقت أو في هذا الحين يقع عليك للسنة فإن كانت طاهرا من غير جماع وقع عليها الطلاق، وإن كانت في تلك الحال مجامعة أو حائضا أو نفساء لم يقع عليها الطلاق في تلك الحال ولا غيرها بهذا الطلاق.
ولو قال لها أنت طالق إن كان الطلاق الآن أو الساعة أو في هذا الوقت أو في هذا الحين يقع عليك للبدعة فإن كانت مجامعة أو حائضا أو نفساء طلقت وإن كانت طاهرا من غير جماع لم تطلق.
ولو كانت المسألة الأولى في هذا كله غير مدخول بها أو مدخولا بها لا تحيض من صغر أو كبر أو حبلى وقع هذا كله حين تكلم به وإن أراد بقوله في المدخول بها التي تحيض في جميع المسائل أردت طلاقا ثلاثا، أو أراد بقوله أنت طالق أحسن الطلاق أو بقوله: أنت طالق أقبح الطلاق ثلاثا كان ثلاثا وكذلك إن أراد اثنتين وإن لم يرد زيادة في عدد الطلاق كانت في هذا كله واحدة، ولو قال أنت طالق أكمل الطلاق فهكذا، ولو قال لها أنت طالق أكثر الطلاق عددا أو قال أكثر الطلاق ولم يزد على ذلك فهن ثلاث ويدين فيما بينه وبين الله تعالى لأن ظاهر هذا ثلاث.
[قال]: وطلاق المدخول بها حرة مسلمة أو ذمية أو أمة مسلمة سواء في وقت إيقاعه وإن نوى شيئا وسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن لا يقع الطلاق إلا في الوقت الذي نوى، ولو قال أنت طالق ملء مكة فهي واحدة إلا أن يريد أكثر منها، وكذلك إن قال ملء الدنيا أو قال ملء شيء من الدنيا لأنها لا تملا شيئا إلا بكلام فالواحدة والثلاث سواء فيما يملا بالكلام.
[قال]: ولو وقت فقال أنت طالق غدا أو إلى سنة أو إذا فعلت كذا وكذا أو كان منك كذا طلقت في الوقت الذي وقت ولا تطلق قبله، ولو قال للمدخول بها التي تحيض إذا قدم فلان أو عتق فلان أو إذا فعل فلان كذا وكذا أو إذا فعلت كذا فأنت طالق لم يقع ذلك إلا في الوقت الذي يكون فيه ما أوقع به الطلاق حائضا كانت أو طاهرا، ولو قال أنت طالق في وقت كذا للسنة فإن كان ذلك الوقت وهي طاهر من غير جماع وقع الطلاق وإن كان وهي حائض أو نفساء أو مجامعة لم يقع إلا بعد طهرها من حيضة قبل الجماع، ولو قال لها أنت طالق لا للسنة ولا للبدعة أو للسنة والبدعة كانت طالقا حين تكلم بالطلاق.