شرح العقيدة الطحاوية/قوله والايمان هو الايمان بالله
والايمان : هو الايمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر، والقدر، خيره وشره ، وحلوه ومره ، من الله تعالى
شرح : تقدم أن هذه الخصال هي أصول الدين ، وبها أجاب النبي ﷺ في حديث جبرائيل المشهور المتفق على صحته ، حين جاء إلى النبي ﷺ على صورة رجل إعرابي ، وسأله عن الإسلام ؟ فقال : أن تشهد لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت اليه سبيلا . وسأله عن الإيمان ؟ فقال : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر، خيره وشره . وسأله عن الإحسان ؟ فقال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك . وقد ثبت كذلك في الصحيح عنه ﷺ : أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر تارة بسورتي الإخلاص : قل يا أيها الكافرون ، و قل هو الله أحد الاخلاص . وتارة بآيتي الإيمان والإسلام : التي في سورة البقرة : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية ، والتي في آل عمران : قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ، الآية . و فسر ﷺ الإيمان في حديث وفد عبد القيس ، المتفق على صحته ، حيث قال لهم : آمركم بالإيمان بالله وحده ، أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم . ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيماناً بالله بدون إيمان القلب ، لما قد أخبر في غير موضع أنه لا بد من إيمان القلب . فعلم أن هذه مع إيمان القلب هو الإيمان ، وقد تقدم الكلام على هذا .
والكتاب والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان إلا بالعمل مع التصديق ، وهذا أكثر من معنى الصلاة والزكاة ، فإن تلك إنما فسرتها السنة ، والإيمان بين معناه الكتاب والسنة . فمن الكتاب قوله تعالى : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، الآية . وقوله تعالى : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا الآية . وقوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ، فنفي الإيمان حتى توجد هذه الغاية - : دل على أن هذه الغاية فرض على الناس ، فمن تركها كان من أهل الوعيد و لم يكن قد أتى بالإيمان الواجب ، الذي وعد أهله بدخول الجنة بلا عذاب . ولا يقال إن بين تفسير النبي ﷺ الإيمان في حديث جبرائيل وتفسيره إياه في حديث وفد عبد القيس معارضة ، لأنه فسر الإيمان في حديث جبرائيل بعد تفسير الإسلام ، فكان المعنى أنه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر مع الأعمال التي ذكرها في تفسير الإسلام ، كما أن الإحسان متضمن للإيمان الذي قدم تفسيره قبل ذكره . بخلاف حديث وفد عبد القيس ، لأنه فسره ابتداء ، لم يتقدم قبله تفسير الإسلام . ولكن هذا الجواب لا يتأتى على ما ذكره الشيخ رحمه الله من تفسير الإيمان ، فحديث وفد عبد القيس مشكل عليه .
ومما يسأل عنه : أنه إذا كان ما أوجبه الله من الأعمال الظاهرة أكثر من الخصال الخمس التي أجاب بها النبي ﷺ في حديث جبرائيل المذكور، فلم قال إن الإسلام هذه الخصال الخمس ؟ وقد أجاب بعض الناس بأن هذه أظهر شعائر الاسلام وأعظمها ، وبقيامه بها يتم استسلامه ، وتركه لها يشعر بانحلال قيد انقياده . والتحقيق : أن النبي ﷺ ذكر الدين الذي هو استسلام العبد لربه مطلقاً ، الذي يجب لله على عباده محضه على الأعيان ، فيجب على كل من كان قادراً عليه ، ليعبد الله مخلصاً له الدين ، وهذه هي الخمس ، وما سوى ذلك فإنما يجب بأسباب مصالح ، فلا يعلم وجوبها جميع الناس ، بل إما أن يكون فرضاً على الكفاية كالجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، وما يتبع ذلك من إمارة ، وحكم ، وفتيا ، وإقراء ، وتحديث ، وغير ذلك . وأما ما يجب بسبب حق الآدميين ، فيختص به من وجب له وعليه ، وقد يسقط بإسقاطه ، من قضاء بإسقاطه ، من قضاء الديون ، ورد الأمانات والغصوب ، والإنصاف من المظالم ، من الدماء والأموال والإعراض ، وحقوق الزوجة والأولاد ، وصلة الأرحام ، ونحو ذلك ، فإن الواجب من ذلك على زيد غير الواجب على عمرو . بخلاف صوم رمضان وحج البيت والصلوات الخمس والزكاة ، فإن الزكاة وإن كانت حقاً مالياً فإنها واجبة لله ، والأصناف الثمانية مصارفها ، ولهذا وجبت فيها النية ، ولم يجز أن يفعلها الغير بلا إذنه ، ولم تطلب من الكفار ، وحقوق العباد لا يشترط لها النية ، ولو أداها غيره عنه بغير إذنه برئت ذمته ، ويطالب بها الكفار . وما يجب حقاً لله تعالى ، كالكفارات ، هو بسبب من العبد ، وفيها معنى العقوبة ، ولهذا كان التكليف شرطاً في الزكاة ، فلا تجب على الصغير والمجنون عند أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله تعالى ، على ما عرف في موضعه .
وقوله : والقدر خيره وشره ، وحلوه ومره ، من الله تعالى - تقدم قوله ﷺ في حديث جبرائيل : وتؤمن بالقدر خيره وشره ، وقال تعالى : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا . وقال تعالى : إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك الآية .
فإن قيل : فكيف الجمع بين قوله : كل من عند الله ، وبين قوله : فمن نفسك ؟ ، قيل : قوله : كل من عند الله : الخصب والجدب ، والنصر والهزيمة ، كلها من عند الله ، وقوله : فمن نفسك : أي ما أصابك من سيئة من الله فبذنب نفسك عقوبة لك ، كما قال تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم . يدل على ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه : أنه قرأ : وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، ولو أنا كتبنا عليهم . والمراد بالحسنة هنا النعمة ، وبالسيئة البلية ، في أصح الأقوال . وقد قيل : الحسنة الطاعة ، والسيئة المعصية . و قيل : الحسنة ما أصابه يوم بدر ، والسيئة ما أصابه يوم أحد . والقول الأول شامل لمعنى القول الثالث . والمعنى الثاني ليس مراداً دون الأول قطعاً ، ولكن لا منافاة بين أن تكون سيئة العمل وسيئة الجزاء من نفسه ، مع أن الجميع مقدر ، فإن المعصية الثانية قد تكون عقوبة الأولى ، فتكون من سيئات الجزاء ، مع أنها من سيئات العمل ، والحسنة الثانية قد تكون من ثواب الأولى ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة . وليس للقدرية أن يحتجوا بقوله تعالى : فمن نفسك ، فإنهم يقولون : إن فعل العبد -حسنة كان أو سيئة - فهو منه لا من الله ! والقرآن قد فرق بينهما ، وهم لا يفرقون ، ولأنه قال تعالى : كل من عند الله ، فجعل الحسنات من عند الله ، كما جعل السيئات من عند الله ، وهم لا يقولون بذلك في الأعمال ، بل في الجزاء . وقوله بعد هذا : ما أصابك من حسنة و من سيئة ، مثل قوله : وإن تصبهم حسنة و إن تصبهم سيئة . وفرق سبحانه وتعالى بين الحسنات التي هي النعم ، وبين السيئات التي هي المصائب ، فجعل هذه من الله ، وهذه من نفس الإنسان ، لأن الحسنة مضافة إلى الله ، إذ هو أحسن بها من كل وجه ، فما من وجه من أوجهها إلا وهو يقتضي الإضافة إليه ، وأما السيئة ، فهو إنما يخلقها لحكمة ، وهي باعتبار تلك الحكمة من إحسانه ، فإن الرب لا يفعل سيئة قط ، بل فعله كله حسن وخير .
ولهذا كان النبي ﷺ يقول في الاستفتاح : والخير كله بيديك ، والشر ليس إليك . أي : فإنك لا تخلق شراً محضاً ، بل كل ما يخلقه ففيه حكمة ، هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس ، فهذا شر جزئي إضافي ، فأما شر كلي ، أو شر مطلق - : فالرب سبحانه وتعالى منزه عنه . وهذا هو الشر الذي ليس إليه ، ولهذا لا يضاف الشر إليه مفرداً قط ، بل إما أن يدخل في عموم المخلوقات ، كقوله تعالى : الله خالق كل شيء ، كل من عند الله ، وإما أن يضاف إلى السبب ، كقوله : من شر ما خلق ، وإما أن يحذف فاعله ، كقول الجن : وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً ، وليس إذا خلق ما يتأذى به بعض الحيوان لا يكون فيه حكمة ، بل لله من الرحمة والحكمة لا يقدر قدره إلا الله تعالى ، وليس إذا وقع في المخلوقات ما هو شر جزئي بالإضافة - يكون شراً كلياً عاماً ، بل الأمور العامة الكلية لا تكون إلا خيراً أو مصلحة للعباد ، كالمطر العام ، وكإرسال رسول عام . وهذا مما يقتضي أنه لا يجوز أن يؤيد كذاباً عليه بالمعجزات التي أيد بها الصادقين ، فإن هذا شر عام للناس ، يضلهم ، فيفسد عليهم دينهم ودنياهم وأخراهم . وليس هذا كالملك الظالم و العدو ، فإن الملك الظالم لا بد أن يدفع الله به من الشر أكثر من ظلمه ، وقد قيل : ستون سنة بإمام ظالم خير من ليلة واحدة بلا إمام ، وإذا قدر كثرة ظلمه ، فذاك خير في الدين ، كالمصائب ، تكون كفارة لذنوبهم ، ويثابون على الصبر عليه ، ويرجعون فيه إلى الله ، ويستغفرونه ويتوبون إليه ، وكذلك ما يسلط عليهم من العدو . ولهذا قد يمكن الله كثيراً من الملوك الظالمين مدة ، وأما المتنبئون الكذابون فلا يطيل تمكينهم ، بل لا بد أن يهلكهم ، لأن فسادهم عام في الدين والدنيا والآخرة ، قال تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين .
وفي قوله : فمن نفسك - من الفوائد : أن العبد لا يطمئن إلى نفسه ولا يسكن إليها ، فإن الشر كامن فيها ، لا يجيء إلا منها ، ولا يشتغل بملام الناس ولا ذمهم إذا أساؤوا إليه ، فإن ذلك من السيئات التي أصابته ، وهي إنما أصابته بذنوبه ، فيرجع إلى الذنوب ، ويستعيذ بالله من شر نفسه وسيئات عمله ، ويسأل الله أن يعينه على طاعته . فبذلك يحصل له كل خير ، ويندفع عنه كل شر .
ولهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة : اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته ، فلم يصبه شر ، لا في الدنيا ولا في الآخرة . لكن الذنوب هي لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الطعام والشراب . ليس كما يقوله بعض المفسرين : إنه قد هداه ! فلماذا يسأل الهدى ؟ ! وإن المراد التثبيت ، أو مزيد الهداية ! بل العبد محتاج إلى أن يعلمه الله ما يفعله من تفاصيل أحواله ، وإلى ما يتركه من تفاصيل الأمور، في كل يوم ، وإلى أن يلهمه أن يعمل ذلك . فإنه لا يكفي مجرد علمه إن لم يجعله مريداً للعمل بما يعلمه ، وإلا كان العلم حجة عليه ، ولم يكن مهتدياً . ومحتاج إلى أن يجعله قادراً عل العمل بتلك الإرادة الصالحة ، فإن المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم ، وما لا نريد فعله تهاوناً وكسلاً مثل ما نريده أو أكثر منه أو دونه ، وما لا نقدر عليه مما نريده كذلك ، وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله فأمر يفوت الحصر. ونحن محتاجون إلى الهداية التامة ، فمن كملت له هذه الأمور كان سؤاله سؤال تثبيت ، وهي آخر الرتب . وبعد ذلك كله هداية أخرى ، وهي الهداية إلى طريق الجنة في الآخرة . ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة ، لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء . فيجب أن يعلم أن الله بفضل رحمته جعل هذا الدعاء من أعظم الأسباب المقتضية للخير ، المانعة من الشر ، فقد بين القرآن أن السيئات من النفس ، وإن كانت بقدر الله ، وأن الحسنات كلها من الله تعالى . وإذا كان الأمر كذلك وجب أن يشكر سبحانه ، وأن يستغفره العبد من ذنوبه ، وألا يتوكل إلا عليه وحده ، فلا يأتي بالحسنات إلا هو . فأوجب ذلك توحيده ، والتوكل عليه وحده ، والشكر له وحده ، والإستغفار من الذنوب .
وهذه الأمور كان النبي ﷺ يجمعها في الصلاة ، كما ثبت عنه في الصحيح : أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول : ربنا لك الحمد ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه . ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ماشئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قاله العبد ، وكلنا لك عبد . فهذا حمد ، وهو شكر لله تعالى ، وبيان أن حمده أحق ما قاله العبد ، ثم يقول بعد ذلك : لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد . وهذا تحقيق لوحدانيته ، لتوحيد الربوبية ، خلقاً وقدراً ، وبداية ونهاية ، هو المعطي المانع ، لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، وتوحيد الإلهية ، شرعاً وأمراً ونهياً ، وإن العباد وإن كانوا يعطون جداً : ملكاً وعظمة وبختاً ورياسة ، في الظاهر ، أو في الباطن ، كأصحاب المكاشفات والتصرفات الخارقة ، فلا ينفع ذا الجد منك الجد ، أي لا ينجيه ولا يخلصه ، ولهذا قال : لاينفعه منك ، ولم يقل ولا ينفعه عندك لأنه لو قيل ذلك أوهم أنه لا يتقرب به إليك ، لكن قد لا يضره . فتضمن هذا الكلام تحقيق التوحيد ، أو تحقيق قوله : إياك نعبد وإياك نستعين ، فإنه لو قدر أن شيئاً من الأسباب يكون مستقلاً بالمطلوب ، وإنما يكون بمشيئة الله وتيسيره - : لكان الواجب أن لا يرجى إلا الله ، ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يسأل إلا هو، ولا يستغاث إلا به ، ولا يستعان إلا هو ، فله الحمد وإليه المشتكى ، وهو المستعان ، وبه المستغاث ، ولا حول ولا قوة إلا به . فكيف وليس شيء من الأسباب مستقلاً بمطلوب ، بل لا بد من انضمام أسباب أخر اليه ، ولا بد أيضاً من صرف الموانع والمعارضات عنه ، حتى يحصل المقصود ، فكل سبب فله شريك ، وله ضد ، فإن لم يعاونه شريكه ، ولم ينصرف عنه ضده - : لم يحصل مسببه . والمطر وحده لا ينبت النبات إلا بما ينضم اليه من الهواء والتراب وغير ذلك ، ثم الزرع لا يتم حتى تصرف عنه الآفات المفسدة له ، والطعام والشراب لا يغذي إلا بما جعل في البدن من الأعضاء والقوى ، ومجموع ذلك لا يفيد إن لم تصرف عنه المفسدات .
والمخلوق الذي يعطيك أو ينصرك ، فهو- مع أن الله يجعل فيه الإرادة والقوة والفعل - : فلا يتم ما يفعله إلا بأسباب كثيرة ، خارجة عن قدرته ، تعاونه على مطلوبه ، ولو كان ملكاً مطاعاً ، ولا بد أن يصرف عن الأسباب المتعاونة ما يعارضها ويمانعها ، فلا يتم المطلوب إلا بوجود المقتضي وعدم المانع .
وكل سبب معين فإنما هو جزء من المقتضي ، فليس في الوجود شيء واحد هو مقتض تام ، وإن سمي مقتضياً ، وسمي سائر ما يعينه شروطاً - فهذا نزاع لفظي . وأما أن يكون في المخلوقات علة تامة تستلزم معلولها فهذا باطل .
ومن عرف هذا حق المعرفة انفتح له باب توحيد الله ، وعلم أنه لا يستحق أن يسأل غيره ، فضلاً عن أن يعبد غيره ، ولا يتوكل على غيره ، ولا يرجى غيره .