شرح العقيدة الطحاوية/قوله: ( والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق )

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: قوله: ( والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق )



والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق 1

شرح: قال تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } 2. أخبر سبحانه أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم وأنه لا إله إلا هو. وقد وردت أحاديث في أخذ الذرية من صلب آدم عليه السلام، وتمييزهم إلى أصحاب اليمين وإلى أصحاب الشمال، وفي بعضها الإشهاد عليهم بأن الله ربهم:

فمنها: ما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ، قال: إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرها بين يديه، ثم كلمهم قبلاً، قال: { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا } 3. إلى قوله: المبطلون. 4.

وروى الإمام أحمد أيضاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه سئل عن هذه الآية، فقال: سمعت رسول الله سئل عنها، فقال: إن الله خلق آدم عليه السلام، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية، قال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون. ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذرية قال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل ؟ قال رسول الله : إن الله عز وجل إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخل به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار. 5.

وروى الترمذي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : لما خلق الله آدم مسح على ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب، من هؤلاء ؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً منهم، فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب، من هذا ؟ قال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له: داود، قال: رب، كم عمره ؟ قال: ستون سنة، قال: أي رب، زده من عمري أربعين سنة، فلما انقضى عمر آدم، جاء ملك الموت، قال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود ؟ قال فجحد ! فجحدت ذريته، ونسي آدم، فنسيت ذريته، وخطىء آدم، فخطئت ذريته. 6.

وروى الإمام أحمد أيضاً عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي ، قال: يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت مفتدياً به ؟ قال: فيقول: نعم، قال: فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي شيئاً. 7.

وذكر أحاديث أخرى أيضاً كلها دالة على أن الله استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل النار وأهل الجنة. ومن هنا قال من قال: إن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد. وهذه الآثار لا تدل على سبق الأرواح الأجساد سبقاً مستقراً ثابتاً، وغايتها أن تدل على أن باريها وفاطرها سبحانه صور النسمة وقدر خلقها وأجلها وعملها، واستخرج تلك الصور من مادتها، ثم أعادها إليها، وقدر خروج كل فرد من أفرادها في وقته المقدر له، ولا يدل على أنها خلقت خلقاً مستقراً واستمرت موجودة ناطقة كلها في موضع واحد ثم يرسل منها إلى الأبدان جملة بعد جملة، كما قاله ابن حزم. فهذا لا تدل الآثار عليه. نعم، الرب سبحانه يخلق منها جملة بعد جملة، كما قاله على الوجه الذي سبق به التقدير أولاً، فيجيء الخلق الخارجي مطابقاً للتقدير السابق، كشأنه سبحانه في جمع مخلوقاته، فإنه قدر لها أقداراً وآجالاً، وصفات وهيآت، ثم أبرزها إلى الوجود مطابقة لذلك التقدير السابق.

فالآثار المروية في ذلك إنما تدل على القدر السابق، وبعضها يدل على أنه سبحانه استخرج أمثالهم وصورهم وميز أهل السعادة من أهل الشقاوة. وأما الإشهاد عليهم هناك، فإنما هو في حديثين موقوفين على ابن عباس و عمر رضي الله عنهم. ومن ثم قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرتهم على التوحيد، كما تقدم كلام المفسرين على هذه الآية الكريمة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ومعنى قوله ( شهدنا ): أي قالوا: بلى شهدنا أنك ربنا.

وهذا قول ابن عباس و أبي بن كعب. وقال ابن عباس أيضاً: أشهد بعضهم على بعض. وقيل: ( شهدنا ) من قول الملائكة، والوقف على قوله ( بلى ). وهذا قول مجاهد و الضحاك وقال السدي أيضاً: هو خبر من الله تعالى عن نفسه وملائكته أنهم شهدوا على إقرار بني آدم. والأول أظهر، وما عداه احتمال لا دليل عليه، وانما يشهد ظاهر الآية للأول.

واعلم أن من المفسرين من لم يذكر سوى القول بأن الله استخرج ذرية آدم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم ثم أعادهم، كالثعلبي و البغوي وغيرهما. ومنهم من لم يذكره، بل ذكر أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركبها الله فيهم، كالزمخشري وغيره، ومنهم من ذكر القولين، كالواحدي و الرازي و القرطبي وغيرهم، لكن نسب الرازي القول الأول إلى أهل السنة، والثاني إلى المعتزلة.

ولا ريب أن الآية لا تدل على القول الأول، أعني أن الأخذ كان من ظهر آدم، وإنما فيها أن الأخذ من ظهور بني آدم، وإنما ذكر الأخذ من ظهر آدم والإشهاد عليهم هناك في بعض الأحاديث، وفي بعضها الأخذ والقضاء بأن بعضهم إلى الجنة وبعضهم إلى النار، كما في حديث عمر رضي الله عنه، وفي بعضها الأخذ وإراء آدم إياهم من غير قضاء ولا إشهاد، كما في حديث أبي هريرة. والذي فيه الإشهاد - على الصفة التي قالها أهل القول الأول - موقوف على ابن عباس و عمر، وتكلم فيه أهل الحديث، ولم يخرجه أحد من أهل الصحيح غير الحاكم في المستدرك على الصحيحين و الحاكم معروف التساهل رحمه الله.

والذي فيه القضاء بأن بعضهم إلى الجنة وبعضهم إلى النار دليل على مسألة القدر. وذلك شواهده كثيرة، ولا نزاع فيه بين أهل السنة، وإنما يخالف فيه القدرية المبطلون المبتدعون.

وأما الأول: فالنزاع فيه بين أهل السنة من السلف والخلف، ولولا ما التزمته من الاختصار لبسطت الأحاديث الواردة في ذلك، وما قيل من الكلام عليها، وما ذكر فيها من المعاني المعقولة ودلالة ألفاظ الآية الكريمة.

قال القرطبي: وهذه الآية مشكلة، وقد تكلم العلماء في تأويلها، فنذكر ما ذكروه من ذلك، حسب ما وقفنا عليه. فقال قوم: معنى الآية: أن الله أخرج من ظهر بني آدم بعضهم من بعض، ومعنى { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } 8. دلهم على توحيده، لأن كل بالغ يعلم ضرورة أن له رباً واحداً سبحانه وتعالى قال: فقام ذلك مقام الإشهاد عليهم، كما قال تعالى في السماوات والأرض: { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } 9، ذهب إلى هذا القفال و أطنب. وقيل: أنه سبحانه وتعالى أخرج الأرواح قبل خلق الأجساد، وأنه جعل فيها من المعرفة ما علمت به ما خاطبها. ثم ذكر القرطبي بعد ذلك الأحاديث الواردة في ذلك، إلى آخر كلامه.

وأقوى ما يشهد لصحة القول الأول: حديث أنس المخرج في الصحيحين ! الذي فيه: قد أردت منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي. ولكن قد روي من طريق أخرى: قد سألتك أقل من ذلك وأيسر فلم تفعل، فيرد الى النار. وليس فيه: في ظهر آدم. وليس في الرواية الأولى إخراجهم من ظهر آدم على الصفة التي ذكرها أصحاب القول الأول.

بل القول الأول متضمن لأمرين عجيبين: أحدهما: كون الناس تكلموا حينئذ وأقروا بالإيمان وأنه بهذا تقوم الحجة عليهم يوم القيامة.

والثاني: أن الآية دلت على ذلك، والآية لا تدل عليه لوجوه:

أحدها: أنه قال: { مِنْ بَنِي آدَمَ } 10، ولم يقل: من آدم.

الثاني: أنه قال: من ظهورهم، ولم يقل: من ظهره، وهذا بدل بعض، أو بدل اشتمال، وهو أحسن.

الثالث: أنه قال: ذرياتهم ولم يقل: ذريته.

الرابع: أنه قال: { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ } 11، ولا بد أن يكون الشاهد ذاكراً لما شهد به، وهو إنما يذكر شهادته بعد خروجه إلى هذه الدار- كما تأتي الإشارة إلى ذلك - لا يذكر شهادة قبله.

الخامس: أنه سبحانه أخبر أن حكمة هذا الإشهاد إقامة للحجة عليهم، لئلا يقولوا يوم القيامة: { إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } 12، والحجة إنما قامت عليهم بالرسل والفطرة التي فطروا عليها، كما قال تعالى: { رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } 13.

السادس: تذكيرهم بذلك، لئلا يقولوا يوم القيامة: { إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } 14، ومعلوم أنهم غافلون عن الإخراج لهم من صلب آدم كلهم وإشهادهم جميعاً ذلك الوقت، فهذا لا يذكره أحد منهم.

السابع: قوله تعالى: { أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ } 15، فذكر حكمتين في هذا الإشهاد: لئلا يدعوا الغفلة، أو يدعوا التقليد، فالغافل لا شعور له، والمقلد متبع في تقليده لغيره. ولا تترتب هاتان الحكمتان إلا على ما قامت به الحجة من الرسل والفطرة.

الثامن: قوله: { أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ } 16، أي توعدهم بجحودهم وشركهم لما قالوا ذلك، وهو سبحانه إنما يهلكهم بمخالفة رسله وتكذيبهم، وقد أخبر سبحانه أنه لم يكن ليهلك القرى بظلم وأهلها غافلون، وإنما يهلكهم بعد الإعذار والإنذار بإرسال الرسل.

التاسع: أنه سبحانه أشهد كل واحد على نفسه أنه ربه وخالقه، واحتج عليه بهذا في غير موضع من كتابه، كقوله: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } 17، فهذه هي الحجة التي أشهدهم على أنفسهم بمضمونها، وذكرتهم بها رسله، بقولهم: { أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض } 18.

العاشر: أنه جعل هذا آية، وهي الدلالة الواضحة البينة المستلزمة لمدلولها، وهذا شأن آيات الرب تعالى، فقال تعالى: { وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } 19، وإنما ذلك بالفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، فما من مولود إلا يولد على الفطرة، لا يولد مولود على غير هذه الفطرة، هذا أمر مفروغ منه، لا تبديل ولا تغيير. وقد تقدمت الإشارة إلى هذا. والله أعلم.

وقد تفطن لهذا ابن عطية وغيره، ولكن هابوا مخالفة ظاهر تلك الأحاديث التي فيها التصريح بأن الله أخرجهم وأشهدهم على أنفسهم ثم أعادهم. وكذلك حكى القولين الشيخ أبو منصور الماتريدي في شرح التأويلات ورجح القول الثاني، وتكلم عليه ومال إليه.

ولا شك أن الإقرار بالربوبية أمر فطري، والشرك حادث طارىء، والأبناء تقلدوه عن الآباء، فإذا احتجوا يوم القيامة بأن الآباء أشركوا ونحن جرينا على عادتهم كما يجري الناس على عادة آبائهم في المطاعم والملابس والمساكن، يقال لهم: أنتم كنتم معترفين بالصانع، مقرين بأن الله ربكم لا شريك له، وقد شهدتم بذلك على أنفسكم، فإن شهادة المرء على نفسه هي إقراره بالشيء ليس إلا، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ } 20.

وليس المراد أن يقول: أشهد على نفسي بكذا، بل من أقر بشيء فقد شهد على نفسه به، فلم عدلتم عن هذه المعرفة والإقرار الذي شهدتم به على أنفسكم إلى الشرك ؟ بل عدلتم عن المعلوم المتيقن إلى ما لا يعلم له حقيقة، تقليداً لمن لا حجة معه، بخلاف اتباعهم في العادات الدنيوية، فإن تلك لم يكن عندكم ما يعلم به فسادها، وفيه مصلحة لكم، بخلاف الشرك، فإنه كان عندكم من المعرفة والشهادة على أنفسكم ما يبين فساده وعدولكم فيه عن الصواب.

فإن الدين الذي يأخذه الصبي عن أبويه هو: دين التربيه والعادة، وهو لأجل مصلحة الدنيا، فإن الطفل لا بد له من كافل، وأحق الناس به أبواه، ولهذا جاءت الشريعة بأن الطفل مع أبويه على دينهما في أحكام الدنيا الظاهرة، وهذا الدين لا يعاقبه الله عليه - على الصحيح -حتى يبلغ ويعقل وتقوم عليه الحجة، وحينئذ فعليه أن يتبع: دين العلم والعقل، وهو الذي يعلم بعقله هو أنه دين صحيح، فإن كان آباؤه مهتدين، كيوسف الصديق مع آبائه، قال: { وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوب } 21، وقال ليعقوب بنوه: { نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاق } 22، وإن كان الآباء مخالفين الرسل، كان عليه أن يتبع الرسل، كما قال تعالى: { وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا } 23، الآية.

فمن اتبع دين آبائه بغير بصيرة وعلم، بل يعدل عن الحق المعلوم إليه، فهذا اتبع هواه، كما قال تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ } 24.

وهذه حال كثير من الناس من الذين ولدوا على الإسلام، يتبع أحدهم أباه فيما كان عليه من اعتقاد ومذهب، وإن كان خطأ ليس هو فيه على بصيرة، بل هو من مسلمة الدار، لا مسلمة الإختيار، وهذا إذا قيل له في قبره: من ربك ؟ قال ؟ هاه هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

فليتأمل اللبيب هذا المحل، ولينصح نفسه، وليقم معه، ولينظر من أي الفريقين هو ؟ والله الموفق، فإن توحيد الربوبية لا يحتاج إلى دليل، فإنه مركوز في الفطر. وأقرب ما ينظر فيه المرء أمر نفسه لما كان نطفة، وقد خرج من بين الصلب والترائب والترائب: عظام الصدر، ثم صارت تلك النطفة في قرار مكين، في ظلمات ثلاث، وانقطع عنها تدبير الأبوين وسائر الخلائق، ولو كانت موضوعة على لوح أو طبق، واجتمع حكماء العالم على أن يصوروا منها شيئاً لم يقدروا. ومحال توهم عمل الطبائع فيها، لأنها موات عاجزة، ولا توصف بحياة، ولن يتأتى من الموات فعل وتدبير، فإذا تفكر في ذلك وانتقال هذه النطفة من حال الى حال، علم بذلك توحيد الربوبية، فانتقل منه إلى توحيد الإلهية. فإنه إذا علم بالعقل أن له ربا أوجده، كيف يليق به أن يعبد غيره ؟ وكلما تفكر وتدبر ازداد يقيناً وتوحيداً، والله الموفق، لا رب غيره، ولا إله سواه.



هامش

  1. [قال الألباني: يشير إلى بعض الأحاديث المصرحة بأن الله تعالى استخرج الذرية من صلب آدم عليه الصلاة والسلام وقد ذكر في الشرح أربعة منها وهي مخرجة في تعليقي عليه وفي " تخريج السنة " ( رقم 195 - 205 ) وقد كنت استثنيت في التعليق المشار إليه ( ص 266 - الطبعة الرابعة شرح العقيدة الطحاوية ص 204) من الصحة مسح الظهر الوارد في حديث عمر وكان ذلك سهوا مني أسأله تعالى أن يغفره لي فقد تنبهت إلى أن له شاهدا حسنا من حديث أبي هريرة وهو مذكور في " الشرح " وآخر من حديث ابن عباس بسند ضعيف خرجته في " السنة " ( 203 ) فاقتضى التنبيه. وسوف نستدرك ذلك في الطبعة الجديدة]
  2. [الأعراف: 172]
  3. [الأعراف: 172]
  4. [ورواه النسائي أيضاً، وابن جرير، و ابن أبي حاتم، و الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه]
  5. [ورواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم، و ابن جرير، و ابن حبان في صحيحه]
  6. [ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه]
  7. [وأخرجاه في الصحيحين أيضاً]
  8. [الأعراف: 172]
  9. [فصلت: 11]
  10. [الأعراف: 172]
  11. [الأعراف: 172]
  12. [الأعراف: 172]
  13. [النساء: 165]
  14. [الأعراف: 172]
  15. [الأعراف: 173]
  16. [الأعراف: 173]
  17. [لقمان: 25]
  18. [ابراهيم: 10]
  19. [الأعراف: 174]
  20. [النساء: 135]
  21. [يوسف: 38]
  22. [البقرة: 133]
  23. [العنكبوت: 8]
  24. [البقرة: 170]
شرح العقيدة الطحاوية
المقدمة | قوله: (نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله أن الله واحد لا شريك له) | (انواع التوحيد الذي دعت إليه الرسل) | قوله: (ولاشيء مثله) | قوله: (ولا شيء يعجزه) | قوله: (ولا إله غيره) | قوله:(قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء) | قوله: ( لايفنى ولايبيد ) | قوله: (ولا يكون إلا ما يريد) | قوله: ( لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام ) | قوله: (ولا يشبهه الأنام) | قوله: (حي لا يموت قيوم لا ينام) | قوله: (خالق بلا حاجة، رازق بلا مؤنة) | قوله: (مميت بلا مخافة، باعث بلا مشقة) | قوله: (ما زال بصفاته قديما قبل خلقه) | قوله: (ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بأحداثه البرية استفاد اسم الباري) | قوله: (له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق) | قوله: (وكما أنه محيي الموتى بعد ما أحيا) | قوله: (ذلك بأنه على كل شيء قدير) | قوله: (خلق الخلق بعلمه) | قوله: ( وقدر لهم أقدارا ) | قوله: ( وضرب لهم آجالا ) | قوله: (ولم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم، وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم) | قوله: (وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته) | قوله: (وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته) | قوله: (يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي، فضلا. ويضل من يشاء، ويخذل ويبتلي، عدلا) | قوله: ( وكلهم يتقلبون في مشيئته، بين فضله وعدله ) | قوله: ( وهو متعال عن الأضداد والأنداد ) | قوله: ( لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره) | قوله: ( آمنا بذلك كله، وأيقنا أن كلا من عنده) | قوله:(وإن محمدا عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى) | قوله: (وإنه خاتم الانبياء) | قوله: ( وإمام الاتقياء ) | قوله: ( وسيد المرسلين ) | قوله: (وحبيب رب العالمين) | قوله: (وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى) | قوله:(وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، بالحق والهدى، وبالنور والضياء) | قوله: (وإن القرآن كلام الله ) | قوله: (ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر) | قوله: (والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية) | قوله:(ولا تثبت قدم الإسلام الا على ظهر التسليم والاستسلام) | قوله: (فمن رام علم ما حظر عنه علمه) | قوله: (فيتذبذب بين الكفر والإيمان) | قوله:(ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم، أو تأولها بفهم) | قوله: (ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه) | قوله: (فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية) | قوله: ( وتعالى عن الحدود والغايات) | قوله: ( والمعراج حق) | قوله:( والحوض - الذي أكرمه الله تعالى به غياثاً لأمته - حق) | قوله: (والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما روي في الأخبار) | قوله: ( والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق ) | قوله: (وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار) | قوله: (وكل ميسر لما خلق له، والأعمال بالخواتيم) | وقوله: (وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه) | قوله: (فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى) | قوله: ( ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم ) | قوله: ( فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن) | قوله: (وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه) | قوله: (وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه) | قوله:(وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة والإعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته) | قوله:(فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيماً) | وقوله : ( والعرش والكرسي حق ) | قوله:(وهو مستغن عن العرش وما دونه) | قوله:(ونقول: ان الله اتخذ إبراهيم خليلاً ،وكلم الله موسى تكليماً) | قوله:(ونؤمن بالملائكة والنبيين ،والكتب المنزلة على المرسلين) | قوله:(ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين) | قوله : ( ولا نخوض في الله ، ولا نماري في دين الله ) | قوله:(ولا نجادل في القرآن ، ونشهد أنه كلام رب العالمين) | قوله:(ولا نكفرأحداً من أهل القبلة بذنب ، ما لم يستحله) | قوله ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته | قوله والأمن والإياس ينقلان عن ملة الاسلام وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة | قوله ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه | قوله والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان | تابع قوله والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان | تابع أيضا قوله والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان | قوله والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن | قوله وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن | قوله والايمان هو الايمان بالله | قوله ونحن مؤمنون بذلك كله لا نفرق بين أحد من رسله | قوله وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون | قوله ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم | قوله ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً | قوله ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق | قوله ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من وجب عليه السيف | قوله ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا | قوله ونتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة | قوله ونحب أهل العدل والأمانة ونبغض أهل الجور والخيانة | قوله ونقول الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه | قوله ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الاثر | قوله والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين | قوله ونؤمن بالكرام الكاتبين فإن الله قد جعلهم علينا حافظين | قوله ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين | قوله وبعذاب القبر لمن كان له أهلاً | قوله ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة | وقوله والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبداً ولا تبيدان | قوله والاستطاعة التي يجب بها الفعل | قوله وأفعال العباد هي خلق الله وكسب من العباد | قوله ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون ولا يطيقون إلا ماكلفهم | قوله وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم للأموات | قوله والله تعالى يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات | قوله ويملك كل شيء ولا يملكه شيء | قوله والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى | وقوله ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم | قوله ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً لأبي بكر الصديق | قوله ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه | قوله ثم لعثمان رضي الله عنه | قوله ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه | قوله وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون | قوله وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة | قوله ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات من كل دنس | قوله وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر | قوله ولا نفضل أحداً من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام | قوله ونؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن الثقات من رواياتهم | قوله ونؤمن بأشراط الساعة | قوله ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة | قوله ونرى الجماعة حقاً وصواباً والفرقة زيغاً وعذاباً | قوله ودين الله في الأرض والسماء واحد وهو دين الإسلام | قوله فهذا ديننا واعتقادنا ظاهراً وباطناً