شرح العقيدة الطحاوية/قوله: (يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي، فضلا. ويضل من يشاء، ويخذل ويبتلي، عدلا)
شرح: هذا رد على المعتزلة في قولهم بوجوب فعل الأصلح للعبد على الله، وهي مسألة الهدى والضلال.
قالت المعتزلة: الهدى من الله: بيان طريق الصواب، والإضلال: تسمية العبد ضالا، وحكمه تعالى على العبد بالضلال عند خلق العبد الضلال في نفسه.
وهذا مبني على أصلهم الفاسد: أن أفعال العباد مخلوقة لهم.
والدليل على ما قلناه قوله تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) 1 ولو كان الهدى بيان الطريق لما صح هذا النفي عن نبيه، لأنه ﷺ بين الطريق لمن أحب وأبغض وقوله تعالى: ( وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ) 2
وقوله: (يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) 3
ولو كان الهدى من الله البيان وهو عام في كل نفس لما صح التقييد بالمشيئة
وكذا قوله تعالى: (وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) 4 وقوله: (مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) 5.
هامش