تفسير المراغي/سورة البلد
هي مكية، وآياتها عشرون، نزلت بعد سورة ق.
ومناسبتها لما قبلها:
(1) أنه ذم في الأولى من أحب المال وأكل التراث ولم يحضّ على طعام المسكين، وذكر هنا الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة، والإطعام في يوم المسبغة.
(2) ذكر هناك حال النفس المطمئنة، وذكر هنا ما يكون به الاطمئنان.
[سورة البلد (90): الآيات 1 الى 4]
[عدل]بسم الله الرحمن الرحيم
لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (4)
شرح المفردات
البلد: مكة، حلّ: أي حالّ مقيم فيه، ووالد وما ولد: أي وأي والد وأي مولود من الإنسان والحيوان والنبات، والكبد: المشقة والتعب، قال لبيد يرثى أخاه أربد:
يا عين هل رأيت أربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد
الإيضاح
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) تقدّم أن قلنا إن مثل هذا التعبير قسم مؤكد في كلام العرب، وقد أقسم ربنا بمكة التي شرفها فجعلها حرما آمنا، وجعل فيها البيت الحرام مثابة للناس يرجعون إليه ويعاودون زيارته كلما دعاهم إليه الشوق، وجعل فيه الكعبة قبلة لأهل المشرق والمغرب، وأمر بالتوجه إليها في الصلوات التي تكرر كل يوم فقال: « وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ».
(وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) أي وأنت مقيم بهذا البلد حالّ فيه، وكأنه سبحانه جعل من أسباب شرف مكة وعظمتها كونه ﷺ مقيما فيه، ولا شك أن الأمكنة تشرف بشرف ساكنيها، والنازلين بها.
وأتى بهذه الجملة ليفيد أن مكة جليلة القدر في كل حال حتى في الحال التي لم يراع أهلها في معاملتك تلك الحرمة التي خصها الله بها.
وفي هذا إيقاظ وتنبيه لهم من غفلتهم، وتقريع على حط منزلة بلدهم.
(وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) أي وكل والد وكل مولود من الإنسان وغيره.
وفي القسم بهذا لفت لأنظارنا إلى رفعة قدر هذا الطور من أطوار الوجود وهو طور التوالد، وإلى ما فيه من بالغ الحكمة وإتقان الصنع، وإلى ما يعانيه كل من الوالد والمولود في إبداء النشء، وتبليغ الناشئ وإبلاغه حده من النمو المقدّر له.
انظر إلى البذرة في أطوار نموها، كم تعاني من اختلاف الأجواء، ومحاولة امتصاص الغذاء مما حولها من العناصر إلى أن تستقيم شجرة ذات فروع وأغصان، وتستعد لأن تلد بذرة أو بذورا أخرى تعمل عملها، وتزين الوجود بجمال منظرها.
وأمر الإنسان والحيوان في ذلك أعجب وأعظم، والتعب والعناء الذي يلاقيا كل منهما في سبيل حفظ نوعه، واستبقاء جمال الكون بوجوده أشد وأكبر.
ثم ذكر المحلوف عليه فقال:
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) أي إنه تعالى جعل حياة الإنسان سلسلة متصلة الجهاد، مبتدئة بالمشقة، منتهية بها فهو لا يزال يقاسى من ضروبها ما يقاسى منذ نشأته في بطن أمه إلى أن يصير رجلا، وكلما كبر ازدادت أتعابه وآلامه، فهو يحتاج إلى تحصيل أرزاقه وتربية أولاده، وإلى مقارعة الخطوب والنوازل، ومصابرة النفس على الطاعة والخضوع للواحد المعبود. ثم بعد هذا كله يمرض ويموت، ويلاقى في قبره وفى آخرته من المشاقّ والمتاعب، ما لا يقدر عليه إلا يتيسير الله سبحانه.
والسر في التنبيه إلى أن الإنسان قد خلق في عناء - الرغبة في تسلية رسوله ﷺ، وحضه على عمل الخير والمثابرة عليه، وألا يعبأ بما يلاقيه من الشدائد والمشاقّ، وأن ذلك لا يخلو منه إنسان.
إلى ما فيه من تنبيه المغرورين الذين يشعرون بالقوة في أنفسهم، ويظنون أنهم بها يستطيعون مصارعة الأقران، وكأنه يقول لهم: لا تتمادوا في غروركم، ولا تستمروا على صلفكم وكبريائكم، فإن الإنسان لا يخلو من العناء في تصريف شئونه وشئون ذويه، ومهما عظمت منزلته، وقويت شكيمته. فهو لا يستطيع الخلاص من مشاقّ الحياة.
وقد جمع سبحانه بين البلد المعظم والوالد والولد، ليشير إلى أن مكة على ما بها من عمل أهلها ستلد مولودا عظيما يكون إكليلا لمجد النوع الإنساني وشرفه، وهو دين الإسلام الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام وأن العناء الذي يلاقيه إنما هو العناء الذي يصيب الوالد في تربية ولده، والمولود في بلوغ الغاية في سبيل نموه إلى ما فيه من الوعد بإتمام نوره ولو كره الكافرون.
[سورة البلد (90): الآيات 5 الى 10]
[عدل]أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10)
شرح المفردات
أيحسب: أي أيظن، أهلكت: أي أنفقت، لبدا: أي كثيرا، والنجد: الطريق المرتفعة والمراد بالنجدين طريقا الخير والشر.
المعنى الجملي
بعد ذكر أنه لا ينبغي للمفتونين بقوة أبدانهم، المغرورين بواسع جاههم، أن يتمادوا في صلفهم وكبريائهم - شرع يوبخهم على الاغترار بقوتهم الزائلة ويذكرهم بما أنعم به عليهم من النعم الكثيرة الحسية والعقلية.
روي أن قوله: « أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ »؟ نزل في أبى الأشد أسيد بن كلدة الجمحي، وكان مغترا بقوته البدنية وأن قوله: « يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَدًا » نزل في الحرث بن نوفل وكان يقول: أهلكت مالا لبدا في الكفارات منذ أطعت محمدا. وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في هؤلاء أم في غيرهم فإن معناها عام كما علمت.
الإيضاح
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ؟) أي أيظن ذلك المغترّ بقوته، المفتون بما أنعمنا به عليه - أنه مهما عظمت حاله، وقوى سلطانه، يبلغ منزلة لا يقدر عليه فيها أحد؟ ما أجهله إذا ظن ذلك، فإن في الوجود قوة جميع القوى هي المهيمنة على كل قوة، والمسيطرة على كل قدرة، وهي القوّة التي أبدعته، والقدرة التي أنشأته.
ثم ذكر صنفا آخر من الأغنياء البخلاء المرائين فقال:
(يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَدًا) أي إنهم إذا طلب إليهم أن يعملوا عملا من أعمال البر قالوا: إننا ننفق الكثير من أموالنا في المفاخر والمكارم، ولم يعلموا أن المكرمة ما عدّه الله مكرمة، والبرّ ما اعتبره الله برا، فليس من البر إنفاقهم المال في مشاقة الله ورسوله، ولا إنفاقهم طائل الأموال في الصدّ عن سبيل الله، والكيد للذين آمنوا بالله ورسوله.
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) أي أيظن ذلك المغتر بماله، المدعى أنه أنفقه في سبيل الخير - أن الله لم يطلع على أفعاله ولم يعلم ما دعاه إلى الإنفاق؟ إنه لا ينبغي له أن يظن ذلك، فإن البارئ له مطلع على قرارة نفسه، عالم بخبيئات قلبه، لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء، عليم بأنه لم ينفق شيئا من ماله في سبيل الخير المشروع والبر المحمود، وإنما أنفق ما أنفق للرياء والسمعة، أو لمشاقة الله ورسوله، أو في وجوه أخرى يظنها خيرا وهي خسران وضلال مبين.
وبعد أن أنكر على هؤلاء اغترارهم بقوتهم وكثرة أموالهم - شرع يذكر آثار قدرته الغالبة، ليبين لهم أن هناك قوة لها من الآثار ما هم يشاهدون فقال:
(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) فهو إذا أبصر شيئا فإنما يكون ذلك بما خلقنا له من العينين، فهذه النعمة التي يعتز بها إنما هي من عملنا.
(وَلِسانًا وَشَفَتَيْنِ) فإذا أبان عما في نفسه، فإنما يبين بما وهبنا له من لدنا من تلك الجارحة التي يتكلم بها، فإذا غرّه حديثه، أو قوة حجته، فليس فضل ذلك راجعا إليه، وإنما الفضل لمن وهبه ذلك.
(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) أي وأودعنا في فطرة الإنسان التمييز بين الخير والشر، وجعلنا له من العقل والفكر ما يكون مذكرا ومنبها، ونصبنا له الدلائل على حسن الخير وأرشدناه إلى ما في الشر من هنوات وعيوب، ثم أقدرناه على أن يسلك أي الطريقين شاء، بعد أن آتيناه قوة التمييز، والقدرة على الاختيار والترجيح، ليسلك الطريق التي أراد منهما.
فليكن نجد الخير أحبّ إلى أحدكم من نجد الشر فمن نازعته نفسه واتجهت إلى نجد الشر فليقمعها بالنظر في آيات الله، والتدبر في دلائله، ليعلم أن ذلك الطريق مظلم معوجّ يهوى بصاحبه إلى طريق الردى، ويوقعه في المهالك.
وإنما سماهما الله نجدين، للإشارة إلى أنهما واضحان كطريقين عاليين يراهما ذوو الأبصار، وإلى أن في كل منهما وعورة يشق معها السلوك، ولا يصبر عليها إلا من جاهد نفسه وراضها.
وفي ذلك إيماء إلى أن طريق الشر ليست بأهون من طريق الخير، بل الغالب أن طريق الشر أصعب وأشق وأحوج إلى بذل الجهد حتى تقطع إلى النهاية وتوصّل إلى الغاية.
[سورة البلد (90): الآيات 11 الى 20]
[عدل]فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)
شرح المفردات
اقتحم الشيء: دخل فيه بشدة، والعقبة: الطريق الوعرة في الجبل يصعب سلوكها، والمراد بها مجاهدة الإنسان نفسه وهواه ومن يسوّل له فعل الشر من شياطين الإنس والجن، وفك الرقبة: عتقها أو المعاونة عليه، والمسبغة: الجوع، يقال سغب الرجل يسغب إذا جاع، والمقربة: القرابة في النسب، تقول فلان من ذوي قرابتى ومن أهل مقربتى إذا كان قريبك نسبا، والمتربة: الفقر، تقول ترب الرجل إذا افتقر، وأترب إذا كثر ماله حتى صار كالتراب، تواصوا بالصبر: أي نصح بعضهم بعضا به، والميمنة: طريق النجاة والسعادة، والمشأمة: طريق الشقاء، مؤصدة: أي مطبقة عليهم من آصدت الباب، أي أغلقته، قال:
تحنّ إلى أجبال مكة ناقتي ومن دونها أبواب صنعاء موصده
المعنى الجملي
بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبّا في الأحدوثة، وأنّبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلوّ بواطنهم من حسن النية، وبين لهم أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم - أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشىء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحى الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
الإيضاح
(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) أي فهلا جاهد النفس والشيطان وعمل أعمال البر، وقد ضرب الله العقبة مثلا لهذا الجهاد، لأن الإنسان يريد أن يرقى من عالم الحس عالم الأشباح إلى عالم الأنوار والأرواح، وبينه وبين ذلك عقبات من ورائها عقبات، وسبيل الوصول إلى غايته هذه هي فعل الخيرات.
ثم فخم شأن العقبة وعظم أمرها فقال:
(وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ) أي وأي شيء أعلمك ما اقتحام العقبة؟
ثم أرشد إلى أن اقتحامها يكون بفعل صنوف من الخير منها:
(1) (فَكُّ رَقَبَةٍ) أي عتق الرقبة أو الإعانة عليها، وقد ورد في الكتاب الكريم والسنة الترغيب في العتق والحث عليه.
روى البراء بن عازب رضي الله عنه قال: « جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله دلّنى على عمل يدخلنى الجنة، قال: عتق النسمة وفك الرقبة، قال: يا رسول الله أوليسا واحدا؟ قال لا: عتق الرقبة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ».
والكلام بتقدير مضاف: أي وما أدراك ما اقتحام العقبة، فك رقبة، لأن فك الرقبة ليس هو العقبة نفسها، وإنما هو اقتحامها لأنه سبب موصل إلى مجاوزة العقبة والوصول إلى عالم الأنوار.
(2) (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذا مَقْرَبَةٍ) أي أو إطعام يتيم من أقاربه في أيام الجوع والعوز.
وفي هذا جمع بين حقين: حق اليتيم وحق القرابة.
(3) (أَوْ مِسْكِينًا ذا مَتْرَبَةٍ) أي أو إطعام المسكين الذي لا وسيلة له إلى كسب المال لضعفه وعجزه.
(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) أي ثم كان مع اقتحامه العقبة من صادق الإيمان الذين يصبرون على الأذى وما يصيبهم من المكاره في سبيل الدفاع عن الحق، ويرحمون عباد الله ويواسونهم ويساعدونهم حين البأساء.
وإنما اشترط الإيمان مع فعل هذه المبارّ، لأن من فعلها دون أن يكون مؤمنا لم ينتفع بها، ولم يكن له ثواب عليها، إذ لا ينفع مع الكفر برّ.
ثم بيّن مآل فاعلي هذه المبرات فقال:
(أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أي أولئك الذين اقتحموا العقبة ففكوا الرقاب، وأطعموا المساكين، وواسوا ذوي القربى في يوم المسغبة هم السعداء الممتعون بجنات النعيم، وهم الذين عناهم الله بقوله: « وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ. فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ. وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ. وَظِلٍّ مَمْدُودٍ. وَماءٍ مَسْكُوبٍ. وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ. وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ».
ثم ذكر مقابل هؤلاء وهم الذين صدوا عن سبيل الله، وتواصوا بالإثم وتواصوا بالعدوان ومعصية الرسول فقال:
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) أي والذين جحدوا آياتنا الكونية وآياتنا السمعية التي جاءت على ألسنة الرسل كالقرآن وغيره من الكتب السماوية هم أصحاب المشأمة، أي أهل الشمال الذين وصفهم الله بقوله: « وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ. فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ. وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ. لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ. وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ. أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ ».
(عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) أي عليهم نار تطبق عليهم فلا يستطيعون الفكاك منها ولا الخلاص من عذابها. نجانا الله منها بمنه وكرمه، وجعلنا من أصحاب الميمنة.
مقاصد هذه السورة
[عدل]تشتمل هذه السورة على خمسة مقاصد:
(1) ما ابتلى به الإنسان في الدنيا من النصب والتعب.
(2) اغترار الإنسان بقوته.
(3) نكران الن عم التي أنعم الله بها عليه من العينين واللسان والعقل والفكر (4) سبل النجاة الموصلة إلى السعادة.
(5) كفران الآيات سبيل الشقاء.