محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة العاشرة
كتاب الزكاة
637 - مسألة : الزكاة فرض كالصلاة ، هذا إجماع متيقن ؛ وقال الله تعالى : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } فلم يبح الله تعالى سبيل أحد حتى يؤمن بالله تعالى ، ويتوب عن الكفر ، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو غسان مالك بن عبد الواحد المسمعي ثنا عبد الملك بن الصباح عن شعبة عن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله ﷺ : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله } قال أبو محمد : وبين الله تعالى على لسان رسوله ﷺ مقدار الزكاة ، ومن أي الأموال تؤخذ ، وفي أي وقت تؤخذ ، ومن يأخذها ، وأين توضع ؟
638 - مسألة : والزكاة فرض على الرجال والنساء الأحرار منهم والحرائر والعبيد ، والإماء ، والكبار والصغار ، والعقلاء ، والمجانين من المسلمين ، ولا تؤخذ من كافر . قال الله عز وجل : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فهذا خطاب منه تعالى لكل بالغ عاقل ، من حر ، أو عبد ، ذكر أو أنثى : لأنهم كلهم من الذين آمنوا . وقال تعالى : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } فهذا عموم لكل صغير وكبير ، وعاقل ومجنون ، وحر وعبد ؛ لأنهم كلهم محتاجون إلى طهرة الله تعالى لهم وتزكيته إياهم ، وكلهم من الذين آمنوا : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن زكرياء بن إسحاق عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس : { أن النبي ﷺ بعث معاذا إلى اليمن فقال : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم بأن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم ، تؤخذ من أغنيائهم ، وترد في فقرائهم } . فهذا عموم لكل غني من المسلمين ، وهذا يدخل فيه الصغير والكبير والمجنون والعبد والأمة إذا كانوا أغنياء . وقد اختلف الناس في هذا - : فأما أبو حنيفة ، والشافعي فقالا : زكاة مال العبد على سيده ؛ لأن مال العبد لسيده ، ولا يملكه العبد . قال أبو محمد : أما هذان فقد وافقا أهل الحق في وجوب الزكاة في مال العبد ، وإنما الخلاف بيننا وبينهم في : هل يملك العبد ماله أم لا ؟ وليس هذا مكان الكلام في هذه المسألة ؛ وحسبنا أنهما متفقان معنا في أن الزكاة واجبة في مال العبد . وقال مالك : لا تجب الزكاة في مال العبد ، لا عليه ولا على سيده . وهذا قول فاسد جدا ، لخلافه القرآن والسنن ، وما نعلم لهم حجة أصلا ، إلا أن بعضهم قال : العبد ليس بتام الملك . فقلنا : أما تام الملك فكلام لا يعقل . لكن مال العبد لا يخلو من أحد أوجه ثلاثة لا رابع لها - : إما أن يكون للعبد ، وهذا قولنا ، وإذا كان له فهو مالكه ، وهو مسلم ، فالزكاة عليه كسائر المسلمين ولا فرق . وإما أن يكون لسيده كما قال أبو حنيفة ، والشافعي ، فيزكيه سيده ؛ لأنه مسلم ؛ وكذلك إن كان لهما معا . وإما أن يكون لا للعبد ولا للسيد ؛ فإن كان ذلك . فهو حرام على العبد وعلى السيد ؛ وينبغي أن يأخذه الإمام ، فيضعه حيث يضع كل مال لا يعرف له رب . وهذا لا يقولون به ، لا سيما مع تناقضهم في إباحتهم للعبد أن يتسرى بإذن سيده ؛ فلولا أنه عندهم مالك لماله لما حل له وطء فرج لا يملكه أصلا ، ولكان زانيا ، قال الله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } فلو لم يكن العبد مالكا ملك يمينه لكان عاديا إذا تسرى . وهم يرون الزكاة على : السفيه ، والمجنون ، ولا ينفذ أمرهما في أموالهما ؛ فما الفرق بين هذا وبين مال العبد . وموه بعضهم بأنه صح الإجماع على أنه لا زكاة في مال المكاتب . فقلنا : هذا الباطل ، وما روي إسقاط الزكاة عن مال المكاتب إلا عن أقل من عشرة من بين صاحب وتابع ؛ وقد صح عن كثير من السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم : أن المكاتب : عبد ما بقي عليه درهم . وصح إيجاب الزكاة في مال العبد عن بعض الصحابة ؛ فالزكاة على هذا القول واجبة في مال المكاتب . وهذا مكان تناقض فيه أبو حنيفة ، والشافعي ، فقالا : لا زكاة في مال المكاتب . واحتجا بأنه لم يستقر عليه ملك بعد - : قال أبو محمد : وهذا باطل ؛ لأنهما مجمعان مع سائر المسلمين على أنه لا يحل لأحد أن يأخذ من مال المكاتب فلسا بغير إذنه ، أو بغير حق واجب ؛ وأن ماله بيده يتصرف فيه بالمعروف ، من نفقة على نفسه ، وكسوة ، وبيع وابتياع ، تصرف ذي الملك في ملكه ؛ فلولا أنه ماله وملكه ما حل له شيء من هذا كله فيه . وهم كثيرا يعارضون السنن بأنها خلاف الأصول ، كقولهم في حديث المصراة وحديث العتق في الستة الأعبد بالقرعة وحديث اليمين مع الشاهد ، وغير ذلك ، فليت شعري . في أي الأصول وجدوا مالا محكوما به لإنسان ممنوعا منه كل أحد سواه مطلقة عليه يده في بيع وابتياع ونفقة وكسوة وسكنى - ؛ وهو ليس له . أم في أي سنة وجدوا هذا . أم في أي القرآن . أم في غير قياس ؟ وممن رأى الزكاة في مال المكاتب : أبو ثور ، وغيره . والعجب أن أبا حنيفة ؛ والشافعي : مجمعان على أن المكاتب ، عبد ما بقي عليه درهم ؛ فمن أين أسقطا الزكاة عن ماله دون مال غيره من العبيد . وأيضا - فمن أين وقع لهم أن يفرقوا بين مال المكاتب ، ومال العبد ؟ ولا بد من أحد أمرين - : إما أن يعتق المكاتب ، فماله له وزكاته عليه ، وإما أن يرق ، فماله - قبل وبعد - كان عندهما لسيده ؛ فزكاته على السيد وشغب بعضهم بروايات رويت عن عمر بن الخطاب ، وابنه ، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم : لا زكاة في مال العبد ، والمكاتب . قال أبو محمد : أما الحنفيون والشافعيون فقد خالفوا هذه الروايات ، فرأوا الزكاة في مال العبد - ومن الباطل أن يكون قول من ذكرنا بعضه حجة وبعضه خطأ ؛ فهذا هو التحكم في دين الله تعالى بالباطل . وأما المالكيون فيقال لهم : قد خالف من ذكرنا ما هو أصح من تلك الروايات - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا الحجاج بن المنهال ثنا يزيد بن إبراهيم هو التستري - ثنا محمد بن سيرين حدثني جابر الحذاء قال : سألت ابن عمر قلت : على المملوك زكاة . قال : أليس مسلما . قلت : بلى ؛ قال : فإن عليه في كل مائتين خمسة فما زاد فبحساب ذلك - : حدثنا يوسف بن عبد الله ثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا قاسم بن أصبغ ثنا مطرف بن قيس ثنا يحيى بن بكير ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يقول : المكاتب عبد ما بقي عليه درهم . فالزكاة في قول ابن عمر على المكاتب . وقد صح عن أبي بكر الصديق أنه قال : لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ؟ قال أبو محمد : وهم مجمعون على أن الصلاة واجبة على العبد والمكاتب . والنص قد جاء بالجمع بينهما على كل مؤمن على ما أوجبهما النص - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا الحجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري : أنه قال : في مال العبد ، قال : يزكيه العبد . وبه إلى حماد بن سلمة عن قيس هو ابن سعد - عن عطاء بن أبي رباح : أنه قال في زكاة مال العبد ، قال : يزكيه المملوك . حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني ابن حجير : أن طاوسا كان يقول : في مال العبد زكاة - : حدثنا حمام ثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ثنا عبد الله بن يونس المرادي ثنا بقي بن مخلد ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زمعة عن عبد الله بن طاوس عن أبيه قال : في مال العبد زكاة ؟ وبه إلى أبي بكر بن أبي شيبة : ثنا غندر عن عثمان بن غياث عن عكرمة أنه سئل عن العبد هل عليه زكاة ؟ قال : هل عليه صلاة ؟ : وقد روينا نحو هذا عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وابن أبي ذئب ؛ وهو قول أبي سليمان وأصحابنا ؟ قال أبو محمد : وكم قصة خالفوا فيها عمر بن الخطاب ، وجابر بن عبد الله ، كقولهما جميعا في صدقة الفطر : مدان من قمح أو صاع من شعير . وغير ذلك كثير . وأما مال الصغير ، والمجنون ؛ فإن مالكا ، والشافعي قالا بقولنا ؟ وهو قول عمر بن الخطاب ، وابنه عبد الله وأم المؤمنين عائشة ، وجابر وابن مسعود ، وعطاء وغيره . وقال أبو حنيفة : لا زكاة في أموالهما من الناض والماشية خاصة ، والزكاة واجبة في ثمارهما وزروعهما ؟ ولا نعلم أحدا تقدمه إلى هذا التقسيم . وقال الحسن البصري ، وابن شبرمة : لا زكاة في ذهبه وفضته خاصة - وأما الثمار والزروع والمواشي ففيها الزكاة ؟ وأما إبراهيم النخعي ، وشريح ، فقالا : لا زكاة في ماله جملة . قال أبو محمد : وقول أبي حنيفة أسقط كلام وأغثه ؟ ليت شعري ما الفرق بين زكاة الزرع والثمار وبين زكاة الماشية والذهب والفضة ؟ فلو أن عاكسا عكس قولهم ، فأوجب الزكاة في ذهبهما وفضتهما وماشيتهما وأسقطها عن زرعهما وثمرتهما ، أكان يكون بين التحكمين فرق في الفساد ؟ قال أبو محمد : إن موه مموه منهم بأنه لا صلاة عليهما ؟ قيل له : قد تسقط الزكاة عمن لا مال له ولا تسقط عنه الصلاة ؟ وإنما تجب الصلاة والزكاة على العاقل البالغ ذي المال الذي فيه الزكاة ؛ فإن سقط المال : سقطت الزكاة ، ولم تسقط الصلاة ؛ وإن سقط العقل أو البلوغ : سقطت الصلاة ولم تسقط الزكاة ؛ لأنه لا يسقط فرض أوجبه الله تعالى أو رسوله ﷺ إلا حيث أسقطه الله تعالى أو رسوله ﷺ . ولا يسقط فرض من أجل سقوط فرض آخر بالرأي الفاسد ، بلا نص قرآن ولا سنة . وأيضا : فإن أسقطوا الزكاة عن مال الصغير والمجنون ؛ لسقوط الصلاة عنهما ، ولأنهما لا يحتاجان إلى طهارة فليسقطاها بهذه العلة نفسها من زرعهما وثمارهما ولا فرق ؛ وليسقطا أيضا عنهما زكاة الفطر بهذه الحجة ، فإن قالوا : النص جاء بزكاة الفطر على الصغير ؟ قلنا : والنص جاء بها على العبد ، فأسقطتموها عن رقيق التجارة بآرائكم ، وهذا مما تركوا فيه القياس ، إذ لم يقيسوا زكاة الماشية والناض على زكاة الزرع ، والفطر أو فليوجبوها على المكاتب ؛ لوجوب الصلاة عليه ، ولا فرق - : وقد قال بعضهم : زكاة الزرع والثمرة حق واجب في الأرض ، يجب بأول خروجهما - : قال أبو محمد : وقد كذب هذا القائل ولا فرق بين وجوب حق الله تعالى في الزكاة في الذهب والفضة والمواشي من حين اكتسابها إلى تمام الحول وبين وجوبه في الزرع والثمار من حين ظهورها إلى حلول وقت الزكاة فيها ، والزكاة ساقطة بخروج كل ذلك عن يد مالكه قبل الحول ، وقبل حلول وقت الزكاة في الزرع والثمار . وإنما الحق على صاحب الأرض لا على الأرض ، ولا شريعة على أرض أصلا ، إنما هي على صاحب الأرض . قال الله تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } فظهر كذب هذا القائل وفساد قوله . وأيضا : فلو كانت الزكاة على الأرض لا على صاحب الأرض لوجب أخذها في مال الكافر من زرعه وثماره ، فظهر فساد قولهم وبالله تعالى التوفيق . ولا خلاف في وجوب الزكاة على النساء كهي على الرجال . وهم مقرون بأنها قد تكون أرضون كثيرة لا حق فيها من زكاة ولا من خراج كأرض مسلم جعلها قصبا وهي تغل المال الكثير ، أو تركها لم يجعل فيها شيئا ، وكأرض ذمي صالح على جزية رأسه فقط ؟ وقد قال سفيان الثوري ، والحسن البصري ، وأشهب ، والشافعي : إن الخراجي الكافر إذا ابتاع أرض عشر من مسلم فلا خراج فيها ولا عشر . وقد صح أن اليهود والنصارى والمجوس بالحجاز واليمن والبحرين كانت لهما أرضون في حياة النبي ﷺ ولا خلاف بين أحد من الأمة في أنه لم يجعل عليه السلام فيها عشرا ولا خراجا . فإن ذكروا قول رسول الله ﷺ { رفع القلم عن ثلاثة فذكر الصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق } ؟ قلنا : فأسقطوا عنهما بهذه الحجة زكاة الزرع والثمار ، وأروش الجنايات ، التي هي ساقطة بها بلا شك ، وليس في سقوط القلم سقوط حقوق الأموال ، وإنما فيه سقوط الملامة ، وسقوط فرائض الأبدان فقط ، وبالله تعالى التوفيق . فإن قالوا لا نية لمجنون ، ولا لمن لم يبلغ ، والفرائض لا تجزئ إلا بنية ؟ قلنا : نعم ، وإنما أمر بأخذها الإمام والمسلمون ، بقوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } فإذا أخذها من أمر بأخذها بنية أنها الصدقة أجزأت عن الغائب ، والمغمى عليه والمجنون والصغير ، ومن لا نية له ؟ والعجب أن المحفوظ عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم إيجاب الزكاة في مال اليتيم - : روينا من طريق أحمد بن حنبل : ثنا سفيان هو ابن عيينة - عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وأيوب السختياني ، ويحيى بن سعيد الأنصاري أنهم كلهم سمعوا القاسم بن أبي بكر الصديق يقول : كانت عائشة تزكي أموالنا ونحن أيتام في حجرها ؛ زاد يحيى : وإنه ليتجر بها في البحر . ومن طريق أحمد بن حنبل : ثنا وكيع ثنا القاسم بن الفضل هو الحداني عن معاوية بن قرة عن الحكم بن أبي العاص الثقفي قال قال لي عمر بن الخطاب : إن عندي مال يتيم قد كادت الصدقة أن تأتي عليه ومن طريق عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا : أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في الرجل يلي مال اليتيم ، قال : يعطي زكاته ومن طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن عبيد الله بن أبي رافع قال : باع علي بن أبي طالب أرضا لنا بثمانين ألفا ، وكنا يتامى في حجره ؛ فلما قبضنا أموالنا نقصت . فقال : إني كنت أزكيه وعن ابن مسعود قال : احص ما في مال اليتيم من زكاة ، فإذا بلغ ، فإن آنست منه رشدا فأخبره ، فإن شاء زكى وإن شاء ترك ؟ وهو قول عطاء ، وجابر بن زيد ، وطاوس ، ومجاهد ، والزهري ، وغيرهم ، وما نعلم لمن ذكرنا مخالفا من الصحابة إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس ؛ فيها ابن لهيعة وقد حدثنا حمام عن ابن مفرج عن ابن الأعرابي عن الدبري عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال قال يوسف بن ماهك قال رسول الله ﷺ { ابتغوا في مال اليتيم لا تأكله الزكاة } والحنفيون يقولون : المرسل كالمسند ، وقد خالفوا هاهنا المرسل وجمهور الصحابة رضي الله عنهم
639 - مسألة : ولا يجوز أخذ الزكاة من كافر ؟ قال أبو محمد : هي واجبة عليه ، وهو معذب على منعها ؛ إلا أنها لا تجزئ عنه إلا أن يسلم ، وكذلك الصلاة ولا فرق ، فإذا أسلم فقد تفضل عز وجل بإسقاط ما سلف عنه من كل ذلك . قال الله تعالى : { إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين } وقال عز وجل { وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون } وقال تعالى : { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } قال أبو محمد : ولا خلاف في كل هذا ، إلا في وجوب الشرائع على الكفار ، فإن طائفة عندت عن القرآن والسنن : خالفوا في ذلك
640 - مسألة : ولا تجب الزكاة إلا في ثمانية أصناف من الأموال فقط وهي : الذهب ، والفضة ، والقمح ، والشعير ، والتمر ، والإبل ، والبقر ، والغنم ضأنها وماعزها فقط . قال أبو محمد : لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في وجوب الزكاة في هذه الأنواع ، وفيها جاءت السنة ، على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى ؛ واختلفوا في أشياء مما عداها .