مجموع الفتاوى/المجلد الثالث/سئل الشيخ رحمه الله عن مسألة القرآن والصوت
سئل الشيخ رحمه الله عن مسألة القرآن والصوت
وسئل عن مسألة القرآن والصوت
فأجاب بالتفصيل، وكان أجاب به قديمًا فقال: من قال: إن صوت العبد بالقرآن ومداد المصحف قديم فهو مخطئ ضال، ولم يقل بهذا أحد من علماء أصحاب الإمام أحمد ولا غيرهم، وما نقل عنهم أنهم يقولون ليس القرآن إلا الصوت المسموع من القارئ والمداد الذي في المصحف وهو مع ذلك قديم فهذا كذب مفترى، ما قاله أحمد. وأحضر نصوص الإمام أحمد وأصحابه وأصحاب مالك والشافعي والأشعري وغيرهم: أن من قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع فكيف بمن يقول صوتي به غير مخلوق! أو يقول صوتي به قديم! وحرر الكلام فيها، وأن إطلاق القول بنفي الحرف بدعة لم يتلكم به الإمام أحمد ولا غيره من الأئمة المتبوعين، بل مذهب السلف أن القرآن كلام الله حروفه ومعانيه والكلام يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئًا لا إلى من قاله مبلغًا مؤديًا وأن الله تكلم بصوت وذكر حديث أبي سعيد رضي الله عنه الذي في الصحيحين، فأخذ نائب المالكي يقول: أنت تقول إن الله ينادي بصوت؟ فقال له الشيخ: هكذا قال نبيك إن كنت مؤمنا به وهكذا قال محمد بن عبدالله إن كان رسولا عندك، وجعل نائب السلطان كلما ذكر حديثا وعزاه إلى الصحيحين يقول لهم: هكذا قاله النبي ﷺ، يقولون: نعم، فيقول: فمن قال بقول النبي ﷺ أي شيء يقال له؟ وقال له كل شيء قلته من عندك قلته، فقال: بل أنقله جميعا عن نبي الأمة ﷺ، وأبين أن طوائف الإسلام تنقله عن السلف كما نقلته، وأن أئمة الإسلام عليه وأنا أناظر عليه وأعلم كل من يخالفني بمذهبه. وانزعج الشيخ انزاعاجا عظيما على نائب المالكي والصفي الهندي، وأسكتهما سكوتًا لم يتكلما بعده بما يذكر، وجزئيات الأمور لا يتسع لها هذا الورق، وبعد المجلس حمل بعض الشافعية النقل من تفسير القرطبي بأن السلف لم ينكر أحد منهم أن الله تعالى استوى على العرش حقيقة وأنهم لا يقولون بنفي ولا ينطقون إلا بما أخبرت به رسله، وخص العرش بذلك لأنه أعظم المخلوقات وإنما جهلوا كيفية الاستواء وأنه لا تعلم حقيقته كما قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم يعني في اللغة والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، فقال المالكي: ما كنا نعرف هذا.
وبعد المجلس حصل من ابن الوكيل وغيره من الكذب والأختلاق والتناقض بما عليه الحال ما لا يوصف، فجميع ما يرد اليك مما يناقض ما ذكرت من الأكإذيب والأختلاقات فتعلم ذلك، ولم ندر إلى الأن كيف وقع الأمر في مصر إلا ما في كتاب السلطان: أنه بلغنا أن الشيخ فلانا كتب عقيدة يدعو إليها وأن بعض الناس أنكرها فليعقد له مجلس لذلك، ولتطالع ما يقع، وتكشف أنت ذلك كشفا شافيا، وتعرفنا به والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، وعلى الشيخ الإمام الكبير العالم الفاضل قرة العين عز الدين أفضل السلام وكذلك كل فرد من الأهل والأصحاب والمعارف والسلام
هامش