مجموع الفتاوى/المجلد الثالث/فصل من أصول أهل السنة أن الدين والإيمان قول وعمل
فصل من أصول أهل السنة أن الدين والإيمان قول وعمل[عدل]
ومن أصول أهل السنة: أن الدين والإيمان قول وعمل؛ قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر، كما يفعله الخوارج، بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي، كما قال سبحانه وتعالى في آية القصاص: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} 1، وقال: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} 2.
ولا يسلبون الفاسق المِلِّيّ اسم الإيمان بالكلية ولا يخلدونه في النار، كما تقوله المعتزلة، بل الفاسق يدخل في اسم الإيمان في مثل قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} 3.
وقد لا يدخل في اسم الإيمان المطلق، كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} 4، وقوله ﷺ: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نُهْبةً ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن». 5
ويقولون: هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا يعطى الاسم المطلق، ولا يسلب مطلق الاسم.
هامش
- ↑ [البقرة: 178]
- ↑ [الحجرات: 9، 10]
- ↑ [النساء: 92]
- ↑ [الأنفال: 2]
- ↑ [قوله: «لا ينتهب نهبة»: النهب: الغارة والسلب، أي: لا يختلس شيئا له قيمة عالية]