مجموع الفتاوى/المجلد العشرون/المنحرفون من أتباع الأئمة على أنواع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


المنحرفون من أتباع الأئمة على أنواع[عدل]

وقال شيخ الإسلام:

المنحرفون من أتباع الأئمة في الأصول والفروع، كبعض الخراسانيين من أهل جيلان وغيرهم المنتسبين إلى أحمد وغير أحمد، انحرافهم أنواع:

أحدها: قول لم يقله الإمام ولا أحد من المعروفين من أصحابه بالعلم كما يقوله بعضهم من قدم روح بني آدم ونور الشمس والقمر والنيران وقال بعض متأخريهم بقدم كلام الآدميين وخرس الناس إذا رفع القرآن وتكفير أهل الرأي ولعن أبي فلان وقدم مداد المصحف.

الثاني: قول قاله بعض علماء أصحابه وغلط فيه كقدم صوت العبد ورواية أحاديث ضعيفة يحتج فيها بالسنة في الصفات والقدر، والقرآن والفضائل، ونحو ذلك.

الثالث: قول قاله الإمام فزيد عليه قدرا أو نوعا كتكفيره نوعا من أهل البدع كالجهمية فيجعل البدع نوعا واحدا حتى يدخل فيه المرجئة والقدرية أو ذمه لأصحاب الرأي بمخالفة الحديث والإرجاء فيخرج ذلك إلى التكفير واللعن أو رده لشهادة الداعية وروايته وغير الداعية في بعض البدع الغليظة فيعتقد رد خبرهم مطلقا مع نصوصه الصرائح بخلافه وكخروج من خرج في بعض الصفات إلى زيادة من التشبيه. الرابع: أن يفهم من كلامه ما لم يرده أو ينقل عنه ما لم يقله.

الخامس: أن يجعل كلامه عاما أو مطلقا وليس كذلك ثم قد يكون في اللفظ إطلاق أو عموم فيكون لهم فيه بعض العذر وقد لا يكون كإطلاقه تكفير الجهمية الخلقية مع أنه مشروط بشروط انتفت فيمن ترحم عليه من الذين امتحنوه وهم رءوس الجهمية.

السادس: أن يكون عنه في المسألة اختلاف فيتمسكون بالقول المرجوح. السابع: أن لا يكون قد قال أو نقل عنه ما يزيل شبهتهم مع كون لفظه محتملا لها.

الثامن: أن يكون قوله مشتملا على خطأ.

فالوجوه الستة تبين من مذهبه نفسه أنهم خالفوه وهو الحق والسابع خالفوا الحق وإن لم يعرف مذهبه نفيا وإثباتا والثامن خالفوا الحق وإن وافقوا مذهبه.

فالقسمة ثلاثية، لأنهم إذا خالفوا الحق فإما أن يكونوا قد خالفوه أيضا أو وافقوه أو لم يوافقوه ولم يخالفوه لانتفاء قوله في ذلك وكذلك إذا وافقوا الحق فإما أن يوافقوه هو أو يخالفوه، أو ينتفي الأمران.

وأهل البدع في غير الحنبلية أكثر منهم في الحنبلية بوجوه كثيرة، لأن نصوص أحمد في تفاصيل السنة ونفي البدع أكثر من غيره بكثير فالمبتدعة المنتسبون إلى غيره إذا كانوا جهمية أو قدرية أو شيعة أو مرجئة، لم يكن ذلك مذهبا للإمام إلا في الإرجاء، فإنه قول أبي فلان وأما بعض التجهم فاختلف النقل عنه ولذلك اختلف أصحابه المنتسبون إليه ما بين سنية وجهمية، ذكور وإناث، مشبهة ومجسمة، لأن أصوله لا تنفي البدع وإن لم تثبتها. وفي الحنبلية أيضا مبتدعة، وإن كانت البدعة في غيرهم أكثر وبدعتهم غالبا في زيادة الإثبات في حق الله وفي زيادة الإنكار على مخالفهم بالتكفير وغيره، لأن أحمد كان مثبتا لما جاءت به السنة، منكرا على من خالفها مصيبا في غالب الأمور مختلفا عنه في البعض ومخالفا في البعض.

وأما بدعة غيرهم فقد تكون أشد من بدعة مبتدعهم في زيادة الإثبات والإنكار، وقد تكون في النفي وهو الأغلب كالجهمية، والقدرية، والمرجئة، والرافضة.

وأما زيادة الإنكار من غيرهم على المخالف من تكفير وتفسيق فكثير. والقسم الثالث من البدع: الخلو عن السنة نفيا وإثباتا وترك الأمر بها والنهي عن مخالفتها وهو كثير في المتفقهة والمتصوفة.


هامش



مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد العشرون - أصول الفقه
اتفاق الرسل في الأصول الاعتقادية | سئل عن معنى إجماع العلماء | فصل في أقوال الصحابة | سئل عن الاجتهاد والاستدلال والتقليد والاتباع | سئل هل كل مجتهد مصيب | فصل في الخطأ المغفور في الاجتهاد | فصل في التفريق في الأحكام قبل الرسالة وبعدها | سئل هل كان البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم مجتهدين أم مقلدين | القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بمجرد رأيه فهو ترجيح شرعي | فصل في تعارض الحسنات والسيئات | فصل في الحسنات والعبادات ثلاثة أقسام | قاعدة جامعة في كل واحد من الدين الجامع بين الواجبات وسائر العبادات | فصل في كلام الفقهاء في الطاعات الشرعية والعقلية | فصل في أن الصدق أساس الحسنات وجماعها | فصل أن الحسنات كلها عدل والسيئات كلها ظلم | فصل في العدل القولي والصدق | قاعدة في أن جنس فعل المأمورات أعظم من جنس فعل المنهيات | أعظم الحسنات هو الإيمان بالله ورسوله | أول ذنب عصي الله به | ما يكفر به الشخص عند أهل السنة | الحسنات تذهب بعقوبة الذنوب | تارك المأمور به عليه قضاؤه وإن تركه لعذر | قتل من ترك أركان الإسلام الخمسة | أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية | أكثر شرك بني آدم من عدم التصديق بالحق | جوامع تتضمن امتثال المأمور به والوعيد على المعصية بتركه | عامة ما ذم الله به المشركين هو الشرك | خلق الله الخلق لعبادته | مقصود النهي ترك المنهي عنه | المأمور به هو الأمور التي يصلح بها العبد ويكمل | المطلوب بالأمر وجود المأمور به | الأمر أصل والنهي فرع | لم يأمر الله بأمر إلا وقد خلق سببه ومقتضيه في جبلة العبد | فعل الحسنات يوجب ترك السيئات | فعل الحسنات موجب للحسنات أيضا | ترجيح الوجود على العدم إذا علم أنه حسنة | بعث الله الرسل وأنزل الكتب بالكلم الطيب والعمل الصالح | النفي والنهي لا يستقل بنفسه بل لا بد أن يسبقه ثبوت | الحسنات سبب للتحليل دينا وكونا | تنازع الناس في الأمر بالشيء هل يكون أمرا بلوازمه | فصل في تعليل الحكم الواحد بعلتين | فصل في العلتين لا تكونان مستقلتين بحكم واحد حال الاجتماع | فصل في أن العلتين كلا منهما ليس واجبا بنفسه بل مفتقرا إلى غيره | المنحرفون من أتباع الأئمة على أنواع | فصل في المتكلم باللفظ العام لا بد أن يقوم بقلبه معنى عام | قاعدة في تعليل الحسنات | فصل في الإيجاب والتحريم | فصل في التمذهب | سئل عن تقليد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد | سئل عمن سئل عن مذهبه فقال إنه محمدي | سئل عن رجل تفقه في مذهب من المذاهب واشتغل بعده بالحديث | سئل هل لازم المذهب مذهب أم لا | سئل عمن لازم مذهبا هل ينكر عليه مخالفته | موالاة علماء المسلمين | أعذار العلماء في الخطأ في الأحكام | المجتهد ودخوله تحت أحكام الوعيد | سئل عن الشيخ عبد القادر والإمام أحمد | سئل عن صحة أصول مذهب أهل المدينة | والكلام في إجماع أهل المدينة ومراتبه | حديث أهل المدينة أصح حديث أهل الأمصار | موقف أهل المدينة من الكلام والرأي | مالك أقوم الناس بمذهب أهل المدينة | أصول مالك وأهل المدينة أصح الأصول | قواعد توضح أن جملة مذاهب أهل المدينة راجحة في الجملة على المذاهب | مذهب أهل المدينة في المحرم لكسبه | فصل في أنواع الكسب | مذهب أهل المدينة في مسائل العبادات | مذهب أهل المدينة في مسائل النكاح | مذهب أهل المدينة في العقوبات والأحكام | فصل في مذهب أهل المدينة في الأحكام | فصل نسخ القرأن بالسنة | فصل في الحقيقة والمجاز | فصل في ألفاظ لا تستعمل إلا مقرونة | فصل في تسمية أهل الأمصار الحقيقة والمجاز | فصل في حجة نفاة المجاز | فصل في حجة أخرى لنفاة المجاز | فصل في رد ابن عقيل على من تكلف وجعل المجاز حقيقة | فصل في أصول العلم والدين | سئل عن القياس | فصول عن القياس | فصل أن الإجارة خلاف القياس | فصل في قول من يقول حمل العقل على خلاف القياس | فصل في الأحكام التي يقال عنها أنها خلاف القياس | فصل في قولهم إن المضي في الحج الفاسد على خلاف القياس | فصل في حجة من قال إن الأكل ناسيا على خلاف القياس | فصل في موقف الصحابة من القياس | سئل هل يسوغ تقليد هؤلاء الأئمة كحماد بن أبي سليمان وابن المبارك وسفيان الثوري والأوزاعي