كتاب الرسالة/(منزلة الإجماع والقياس)

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​كتاب الرسالة​ المؤلف الشافعي
(منزلة الإجماع والقياس)



(منزلة الإجماع والقياس)


قال: فقد حكمت بالكتاب والسنة، فكيف حكمت بالإجماع، ثم حكمت بالقياس، فأقمتها مع كتاب أو سنة؟

فقلت: إني وإن حكمت بها كما احكم بالكتاب والسنة: فأصل ما أحكم به منها مفترق.

قال: أفيجوز أن تكون أصول مفرقة الأسباب يحكم فيها حكما واحدا؟

قلت: نعم، يحكم بالكتاب والسنة المجتمع عليها، الذي لا اختلاف فيها، فنقول لهذا: حكمنا بالحق في الظاهر والباطن.

ويحكم بالسنة قد رويت من طريق الانفراد، لا يجتمع الناس عليها، فنقول حكمنا بالحق في الظاهر، لأنه قد يمكن الغلط فيمن روى الحديث.

ونحكم بالإجماع ثم القياس، وهو أضعف من هذا، ولكنها منزلة ضرورة، لأنه لا يحل القياس والخبر موجود، كما يكون التيمم طهارة في السفر عند الإعواز من الماء، ولا يكون طهارة إذا وجد الماء، إنما يكون طهارة في الإعواز.

وكذلك يكون ما بعد السنة حجة إذا أعوز من السنة.

وقد وصفت الحجة في القياس، وغيره قبل هذا.

قال: أفتجد شيئا شبهه.

قلت: نعم، أقضي على الرجل بعلمي أن ما ادعي عليه كما ادعي، أو إقراره، فإن لم أعلم ولم يقر قضيت عليه بشاهدين، وقد يغلطان ويهمان، وعلمي وإقراره أقوى عليه من شاهدين، وأقضي عليه بشاهد ويمين، وهو أضعف من شاهدين، ثم أقضي عليه بنكوله عن اليمين ويمين صاحبه، وهو أضعف من شاهد ويمين، لأنه قد ينكل خوف الشهرة واستصغار ما يحلف عليه، ويكون الحالف لنفسه غير ثقة وحريصا فاجرا.

آخر كتاب الرسالة والحمد لله وصلى الله على محمد.


كتاب الرسالة
المقدمة | باب كيف البيان | باب البيان الأول | باب البيان الثاني | باب البيان الثالث | باب البيان الرابع | باب البيان الخامس | باب: بيان ما نزل من الكتاب عاما يُراد به العام | باب: بيان ما أنزل من الكتاب عام الظاهر وهو يجمع العام والخصوص | باب: بيان ما نزل من الكتاب عام الظاهر يراد به كله الخاص | باب: الصنف الذي يبين سياقه معناه | الصنف الذي يدل لفظه على باطنه، دون ظاهره | باب: ما نزل عاماًّ دلت السنة خاصة على أنه يراد به الخاص | بيان فرض الله في كتابه اتباع سنة نبيه | باب: ما أمر الله من طاعة رسوله | باب: ما أبان الله لخلقه من فرائض | ابتداء الناسخ والمنسوخ | الناسخ والمنسوخ الذي يدل الكتاب على بعضه والسنة على بعضه | باب: فرض الصلاة الذي دل الكتاب ثم السنة على من تزول عنه بعذر | الناسخ والمنسوخ الذي تدلُّ عليه السنة والإجماع | باب: الفرائض التي أنزل الله نصاً | الفرائض المنصوصة التي سن رسول الله معها | الفرض المنصوص الذي دلت السنة على أنه إنما أراد الخاص | جمل الفرائض | في الزكاة | (في الحج) | (في العدد) | في محرمات النساء | في محرمات الطعام | عدة الوفاة | باب العلل في الحديث | وجه آخر من الناسخ والمنسوخ | وجه آخر في الناسخ والمنسوخ | وَجه آخر | وجه آخر من الاختلاف | اختلاف الرواية على وجه غير الذي قبله | وجه آخر مما يعد مختلفا وليس عندنا بمختلف | وجه آخر مما يعد مختلفا | وجه آخر في الاختلاف | في غسل الجمعة | النهي عن معنى دل عليه معنى في حديث غيره | النهي عن معنى أوضح من معنى قبله | النهي عن معنى يشبه الذي قبله في شيء ويفارقه في شيء غيره | باب آخر- وجه آخر يشبه الباب قبله | وجه يشبه المعنى الذي قبله | صفة نهي الله ونهي رسوله | باب العلم | باب خبر الواحد | الحجة في تثبيت خبر الواحد | باب الإجماع | القياس | باب الاجتهاد | باب الاستحسان | باب الاختلاف | أقاويل الصحابة | منزلة الإجماع والقياس