كتاب الأم/الأيمان والنذور والكفارات في الأيمان/باب الخلاف في اليمين مع الشاهد
[أخبرنا الربيع] قال: [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: فخالفنا بعض الناس في اليمين مع الشاهد خلافا أسرف فيه على نفسه فقال أرد حكم من حكم بها لأنها خلاف القرآن فقلت لأعلى من لقيت ممن خالفنا فيها علما: أمر الله بشاهدين أو شاهد وامرأتين؟ فقال نعم فقلت ففيه أن حتما من الله عز وجل أن لا يجوز أقل من شاهدين، أو شاهد وامرأتين فقال فإن قلته؟ قلت له فقله فقال فقد قلته فقلت وتجد من الشاهدان اللذان أمر الله عز وجل بهما فقال حران مسلمان بالغان عدلان قلت ومن حكم بدون ما قلت خالف حكم الله؟ قال نعم قلت له إن كان كما زعمت فقد خالفت حكم الله عز وجل قال وأين؟ قلت إذ أجزت شهادة أهل الذمة وهم غير الذين شرط الله جل وعز أن تجوز شهادتهم وأجزت شهادة القابلة وحدها على الولادة وهذان وجهان أعطيت بهما من جهة الشهادة، ثم أعطيت بغير شهادة في القسامة وغيرها قال فتقول ماذا؟ قلت أقول إن القضاء باليمين مع الشاهد ليس بخلاف حكم الله عز وجل، بل بحكم الله حكمت باليمين مع الشاهد ففرض الله طاعة رسوله فاتبعت رسوله فعن الله قبلت كما قبلت عن رسول الله ﷺ على المعنى الذي وصفت من أن اتباع أمره فرض ولهذا كتاب طويل هذا مختصر منه قد قالوا فيه وقلنا وأكثرنا. قال: أفتوجدني لها نظيرا في القرآن؟ قلت: نعم أمر الله عز وجل في الوضوء بغسل القدمين، أو مسحهما فمسحنا ومسحت على الخفين بالسنة. وقول الله عز وجل: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} فحرمنا نحن وأنت كل ذي ناب من السباع بالسنة. وقول الله عز وجل: {كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم} فحرمنا نحن وأنت أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها بالسنة. قال الله عز وجل: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} وقال: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} ودلت السنة على أنه إنما يقطع بعض السراق دون بعض ويجلد مائة بعض الزناة دون بعض فقلنا نحن وأنت به، وكان رسول الله ﷺ المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد خاصا وعاما فكذلك اليمين مع الشاهد تلزمك من حيث لزمك هذا فإن كنت مصيبا باتباع ما وصفنا من السنة مع القرآن لم تسلم من أن تكون مخطئا بترك اليمين مع الشاهد وإن كنت مصيبا بترك اليمين مع الشاهد لم تسلم من أن يكون عليك ترك المسح على الخفين وترك تحريم كل ذي ناب من السباع وقطع كل سارق فقد خالفك في هذا كله بعض أهل العلم ووافقنا في اليمين مع الشاهد عوام من أصحابنا. ومنهم من خالف أحاديث عن النبي ﷺ هي أثبت من اليمين مع الشاهد، وإن كانت اليمين ثابتة لعلة أضعف من كل علة اعتل بها من رد اليمين مع الشاهد فإن كانت لنا وله بهذا حجة على من خالفنا كانت عليه فيما خالف من الأحاديث.