الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية/كتاب اللعان

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عباس البعلي الدمشقي الحنبلي
  ► كتاب الظهار كتاب اللعان كتاب العدد ◄  


كتاب اللعان


ولو لم يقل الزوج في أيمانه فيما رميتها به قياس المذهب صحته كما إذا اقتصر الزوج في النكاح على قوله: قبلت وإذا جوزنا إبدال لفظ الشهادة والسخط واللعن فلأن تجوزه بغير العربية أولى وإن لاعن الزوج وامتنعت الزوجة عن اللعان حدث وهو مذهب الشافعي ولفظه علق هل هي صريح أو تعريض. اختلف فيه كلام أبي العباس. ولو شتم شخصا فقال: أنت ملعون ولد زنا وجب عليه التعزير على مثل هذا الكلام ويجب عليه حد القذف إن لم يقصد بهذه الكلمة أن المشتوم فعله كفعل الخبيث أو كفعل ولد الزنا ولا يحد القذف إلا بالطلب إجماعا،

والقاذف إذا تاب قبل علم المقذوف هل تصح توبته الأشبه أنه يختلف باختلاف الناس. وقال أبو العباس في موضع آخر: قال أكثر العلماء إن علم به المقذوف لم تصح توبته وإلا صحت ودعا له واستغفر وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب له الاعتراف لو سأله فعرض ولو مع استحلافه لأنه مظلوم وتصح توبته وفي تجويز التصريح بالكذب المباح هاهنا نظر ومع عدم توبته وإحسان تعريضه كذب ويمينه غموس واختيار أصحابنا لا يعلمه بل يدعو له في مقابلة مظلمته وزناه بزوجة غيره كغيبته، وولد الزنا مظنة أن يعمل عملا خبيثا كما يقع كثيرا وأكرم الخلق عند الله تعالى.

باب ما يلحق من النسب

ولا تصير الزوجة فراشا إلا بالدخول وهو مأخوذ من كلام الإمام أحمد في رواية حرب وتتبعض الأحكام لقوله: " احتجبي يا سودة " وعليه نصوص أحمد وإن استلحق ولده من الزنا ولا فراش لحقه وهو مذهب الحسن وابن سيرين والنخعي وإسحاق ولو أقر بنسب أو شهدت به بينة فشهدت بينة أخرى أن هذا ليس من نوع هذا بل هذا رومي وهذا فارسي فهذا في وجه نسبه تعارض القافة أو البينة ومن وجه كبر السن فهذا المعارض الباقي للنسب هل يقدح في المقتضي له. قال أبو العباس: هذه المسألة حدثت وسئلت عنها وكان الجواب أن التغاير بينهما إن أوجب القطع بعدم النسب فهو كالسن مثل أن يكون أحدهما حبشيا والآخر روميا ونحو ذلك فهنا ينتفي النسب وإن كان أمرا محتملا لم ينفه لكن إن كان المقتضي للنسب الفراش لم يلتفت إلى المعارضة وإن كان المثبت له مجرد الإقرار أو البينة فاختلاف الجنس معارض ظاهر فإن كان النسب بنوة فثبوتها أرجح من غيرها إذ لا بد للابن من أب غالبا وظاهرا قال في الكافي ولو أنكر المجنون بعد البلوغ لم يلتفت إلى إنكاره. قال أبو العباس: ويتوجه أن يقبل لأنه إيجاب حق عليه بمجرد قول غيره مع منازعته كما لو حكمنا للقيط بالحرية فإذا بلغ فأقر بالرق قبلنا إقراره ولو أدخلت المرأة لزوجها أمتها إن ظن جوازه لحقه الولد وإلا فروايتان ويكون حراما على الصحيح إن ظن حلها بذلك وإذا وطئ المرتهن الأمة المرهونة بإذن الراهن، وظن جواز ذلك لحقه الولد وانعقد حرا وإذا تداعيا بهيمة أو فصيلا فشهد القائف أن دابة هذا تنتجها ينبغي أن يقضي بهذه الشهادة وتقدم على اليد الحسية ويتوجه أن يحكم بالقيافة في الأموال كلها كما حكمنا بذلك في الجذع والمقلوع إذا كان له موضع في الدار وكما حكمنا في الاشتراك في اليد الحسية بما يظهر من اليد العرفية فأعطينا كل واحد من الزوجين ما يناسبه في العادة وكل واحد من الصانعين ما يناسبه. وكما حكمنا بالوصف في اللقطة إذا تداعاها اثنان وهذا نوع قيافة أو شبيه به، وكذلك لو تنازعا غراسا أو تمرا في أيديهما فشهد أهل الخبرة أنه من هذا البستان ويرجع إلى أهل الخبرة حيث يستوي المتداعيان كما رجع إلى أهل الخبرة بالنسب، وكذلك لو تنازع اثنان لباسا أو بغلا من لباس أحدهما دون الآخر أو تنازعا دابة تذهب من بعيد إلى إصطبل أحدهما دون الآخر أو تنازعا زوج خف أو مصراع مع الآخر شكله أو كان عليه علامة لأحدهما كالزربول التي للجند وسواء كان المدعي في أيديهما أو في يد ثالث. أما إن كانت اليد لأحدهما دون الآخر فالقيافة المعارضة لهذا كالقيافة المعارضة للفراش فإذا قلنا بتقديم القيافة في صورة الرجحان فقد نقول هاهنا كذلك، ومثل أن يدعي أنه ذهب من ماله شيء ويثبت ذلك فيقص القائف أثر الوطء من مكان إلى مكان آخر فشهادة القائف أن المال دخل إلى هذا الموضع توجب أحد الأمرين إما الحاكم به وإما أن يكون الحكم به مع اليمين للمدعي وهو الأقرب فإن هذه الأمارة ترجح جانب المدعي واليمين مشروعة في أقوى الجانبين ولو مات الطفل قبل أن تراه القافة قال المزني: يوقف ماله وما قاله ضعيف وإنما قياس المذهب للقرعة ويحتمل الشركة ويحتمل أن يرث واحد منهما.