كتاب الأم/كتاب الزكاة/باب الرجل يختلف قوته
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: وإذا كان الرجل يقتات حبوبا مختلفة شعيرا وحنطة وتمرا وزبيبا فالاختيار له أن يخرج زكاة الفطر من الحنطة ومن أيها أخرج أجزأه إن شاء الله تعالى.
قال: فإن كان يقتات حنطة فأراد أن يخرج زبيبا، أو تمرا، أو شعيرا كرهت له ذلك وأحببت لو أخرجه أن يعيد فيخرجه حنطة؛ لأن الأغلب من القوت كان في زمن النبي ﷺ بالمدينة التمر وكان من يقتات الشعير قليلا، ولعله لم يكن بها أحد يقتات حنطة ولعل الحنطة كانت بها شبيها بالطرفة ففرض النبي ﷺ أن عليهم زكاة الفطر من قوتهم، ولا أحب إذا اقتات رجل حنطة أن يخرج غيرها وأحب لو اقتات شعيرا أن يخرج حنطة؛ لأنها أفضل. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يخرج في زكاة الفطر إلا التمر إلا مرة واحدة، فإنه أخرج شعيرا.
[قال الشافعي]: وأحسب نافعا كان مع عبد الله بن عمر، هو يقتات الحنطة وأحب إلي ما وصفت من إخراج الحنطة.
[قال الشافعي]: وإن اقتات قوم ذرة، أو دخنا، أو سلتا، أو أرزا، أو أي حبة ما كانت مما فيه الزكاة فلهم إخراج الزكاة منها؛ لأن رسول الله ﷺ إذ فرض زكاة الفطر من الطعام وسمى شعيرا وتمرا، فقد عقلنا عنه أنه أراد من القوت فكان ما سمى من القوت ما فيه الزكاة، فإذا اقتاتوا طعاما فيه الزكاة فأخرجوا منه أجزأ عنهم إن شاء الله تعالى، وأحب إلي في هذا أن يخرجوا حنطة إلا أن يقتاتوا تمرا، أو شعيرا فيخرجوا أيهما اقتاتوا.