كتاب الأم/كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي/في الأمان
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وقال رسول الله ﷺ: (المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم) قال: فإذا أمن مسلم بالغ حر أو عبد يقاتل أو لا يقاتل أو امرأة فالأمان جائز وإذا أمن من دون البالغين والمعتوه قاتلوا أو لم يقاتلوا لم نجز أمانهم وكذلك إن أمن ذمي قاتل أو لم يقاتل لم نجز أمانه وإن أمن واحد من هؤلاء فخرجوا إلينا بأمان فعلينا ردهم إلى مأمنهم ولا نعرض لهم في مال ولا نفس من قبل أنهم ليسوا يفرقون بين من في عسكرنا ممن يجوز أمانه ولا يجوز وننبذ إليهم فنقاتلهم وإذا أشار إليهم المسلم بشيء يرونه أمانا فقال أمنتهم بالإشارة فهو أمان فإن قال: لم أؤمنهم بها فالقول قوله وإن مات قبل أن يقول شيئا فليسوا بآمنين إلا أن يجدد لهم الوالي أمانا وعلى الوالي إذا مات قبل أن يبين أو قال وهو حي لم أؤمنهم أن يردهم إلى مأمنهم وينبذ إليهم قال الله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله} وقال الله عز وجل في غير أهل الكتاب: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} فحقن الله دماء من لم يدن دين أهل الكتاب من المشركين بالإيمان لا غيره وحقن دماء من دان دين أهل الكتاب بالإيمان أو إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون والصغار أن يجري عليهم الحكم لا أعرف منهم خارجا من هذا من الرجال (وقتل يوم حنين دريد بن الصمة ابن مائة وخمسين سنة في شجار لا يستطيع الجلوس فذكر ذلك للنبي ﷺ فلم ينكر قتله) ولا أعرف في الرهبان خلاف أن يسلموا أو يؤدوا الجزية أو يقتلوا ورهبان الديارات والصوامع والمساكن سواء ولا أعرف ما يثبت عن أبي بكر رضي الله عنه خلاف هذا ولو كان يثبت لكان يشبه أن يكون أمرهم بالجد على قتال من يقاتلهم وأن لا يتشاغلوا بالمقام على صوامع هؤلاء كما يؤمرون أن لا يقيموا على الحصون وأن يسيحوا لأنها تشغلهم وأن يسيحوا لأن ذلك أنكى للعدو وليس أن قتال أهل الحصون محرم عليهم وذلك أن مباحا لهم أن يتركوا ولا يقتلوا كان التشاغل بقتال من يقاتلهم أولى بهم وكما يروى عنه أنه نهى عن قطع الشجر المثمر ولعله لا يرى بأسا بقطع الشجر المثمر لأنه قد حضر رسول الله ﷺ يقطع الشجر المثمر على بني النضير وأهل خيبر والطائف وحضره يترك وعلم أن رسول الله ﷺ وقد وعد بفتح الشام فأمرهم بترك قطعه لتبقى لهم منفعته إذ كان واسعا لهم ترك قطعه وتسبى نساء الديارات وصبيانهم وتؤخذ أموالهم.
[قال الشافعي]: ويقتل الفلاحون والأجراء والشيوخ الكبار حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية.