كتاب الأم/كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي/في قطع الشجر وحرق المنازل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: في قطع الشجر وحرق المنازل


[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولا بأس بقطع الشجر المثمر وتخريب العامر وتحريقه من بلاد العدو وكذلك لا بأس بتحريق ما قدر لهم عليه من مال وطعام لا روح فيه لأن رسول الله حرق نخل بني النضير وأهل خيبر وأهل الطائف وقطع فأنزل الله عز وجل في بني النضير {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها} الآية فأما ماله روح فإنه يألم مما أصابه فقتله محرم إلا بأن يذبح فيؤكل ولا يحل قتله لمغايظة العدو لأن رسول الله قال: (من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأله الله عنها قيل: وما حقها يا رسول الله قال: يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي به) ولا يحرق نحلا ولا يغرق لأنه له روح وإذا كان المسلمون أسرى أو مستأمنين في دار الحرب فقتل بعضهم بعضا أو قذف بعضهم بعضا أو زنوا بغير حربية فعليهم في هذا كله الحكم كما يكون عليهم لو فعلوه في بلاد الإسلام إنما يسقط عنهم لو زنى أحدهم بحربية إذا ادعى الشبهة، ولا تسقط دار الحرب. عنهم فرضا كما لا تسقط عنهم صوما ولا صلاة ولا زكاة والحدود فرض عليهم كما هذه فرض عليهم، قال: وإذا أصاب الرجل حدا وهو محاصر للعدو أقيم عليه الحد ولا يمنعنا الخوف عليه من اللحوق بالمشركين أن نقيم عليه حدا لله عز وجل فلو فعلنا توقيا أن يغضب ما أقمنا الحد عليه أبدا لأنه يمكنه من كل موضع أن يلحق بدار الحرب والعلة أن يلحق بدار الحرب فيعطل عنه الحد إبطالا لحكم الله عز وجل ثم حكم رسول الله بعلة جهالة وغيا قد أقام رسول الله الحد بالمدينة والشرك قريب منها وفيها شرك كثير موادعون وضرب الشارب بحنين والشرك قريب منه وإذا أصاب المسلم نفسه بجرح خطأ فلا يكون له عقل على نفسه ولا على عاقلته ولا يضمن المرء ما جنى على نفسه وقد يروى أن رجلا من المسلمين ضرب رجلا من المشركين في غزاة أظنها خيبر بسيف فرجع السيف عليه فأصابه فرفع ذلك إلى النبي فلم يجعل له النبي في ذلك عقلا وإذا نصب القوم المنجنيق فرموا بها فرجع الحجر على أحدهم فقتله فديته على عواقل الذين رموا بالمنجنيق فإن كان ممن رمى به معهم رفعت حصته من الدية وذلك أن يكونوا عشرة هو عاشرهم فجناية العشر على نفسه مرفوعة عن نفسه وعاقلته ولا يضمن هو ولا عاقلته عما جنى على نفسه وعلى عواقلهم تسعة أعشار ديته وعلى الرامين الكفارة ولا يكون كفارة ولا عقل على من سددهم وأرشدهم وأمرهم حيث يرمون لأنه ليس بفاعل شيئا إنما تكون الكفارة والدية على الذين كان بفعلهم القتل وتحمل العاقلة كل شيء كان من الخطأ ولو كان درهما أو أقل منه إذا حملت الأكثر حملت الأقل وقد قضى النبي على العاقلة بدية الجنين وإذا دخل المسلم دار الحرب مستأمنا فأدان دينا من أهل الحرب ثم جاءه الحربي الذي أدانه مستأمنا قضيت عليه بدينه كما أقضي به للمسلم والذمي في دار الإسلام لأن الحكم جار على المسلم حيث كان لا نزيل الحق عنه بأن يكون بموضع من المواضع كما لا تزول عنه الصلاة أن يكون بدار الشرك فإن قال رجل: الصلاة فرض فكذلك أداء الدين فرض ولو كان المتداينان حربيين فاستأمنا ثم تطالبا ذلك الدين فإن رضيا حكمنا فليس علينا أن نقضي لهما بالدين حتى نعلم أنه من حلال فإذا علمنا أنه من حلال قضينا لهما به وكذلك لو أسلما فعلمنا أنه حلال قضينا لهما به إذا كان كل واحد منهما مقرا لصاحبه بالحق لا غاصب له عليه فإن كان غصبه عليه في دار الحرب لم أتبعه بشيء لأني أهدر عنهم ما تغاصبوا به فإن قال قائل: ما دل على أنك تقضي له به إذا لم يغصبه؟ قيل له: أبى أهل الجاهلية في الجاهلية ثم سألوا رسول الله فأنزل الله تبارك وتعالى {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} وقال في سياق الآية {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم} فلم يبطل عنهم رءوس أموالهم إذا لم يتقابضوا وقد كانوا مقرين بها ومستيقنين في الفضل فيها فأهدر رسول الله لهم ما أصابوا من دم أو مال لأنه كان على وجه الغصب لا على وجه الإقرار به وإذا أحصن الذميان ثم زنيا ثم تحاكما إلينا رجمناهما وكذلك لو أسلما بعد إحصانهما ثم زنيا مسلمين رجمناهما إذا عددنا إحصانهما وهما مشركان إحصانا نرجمهما به فهو إحصان بعد إسلامهما ولا يكون إحصانا مرة وساقطا أخرى والحد على المسلم أوجب منه على الذمي وإذا أتيا جميعا فرضي أحدهما ولم يرض الآخر حكمنا على الراضي بحكمنا وأي رجل أصاب زوجة صحيحة النكاح حرة ذمية أو أمة مسلمة وهو حر بالغ فهو محصن وكذلك الحرة المسلمة يصيبها المسلم وكذلك الحرة الذمية يصيبها الزوج المسلم أو الذمي إنما الإحصان الجماع بالنكاح لا غيره فمتى وجدنا جماعا بنكاح صحيح فهو إحصان للحر منهما وإذا دخل الرجل دار الحرب فوجد في أيديهم أسرى رجالا ونساء من المسلمين فاشتراهم وأخرجهم من دار الحرب وأراد أن يرجع عليهم بما أعطى لم يكن ذلك له وكان متطوعا بالشراء لما ليس يباع من الأحرار فإن كانوا أمروه بشرائهم رجع عليهم بما أعطى فيهم من قبل أنه أعطى بأمرهم وكذلك قال بعض الناس ثم رجع فنقض قوله فزعم أن رجلا لو دخل بلاد الحرب وفي أيديهم عبد لرجل اشتراه بغير أمر الرجل ولا العبد كان له إلا أن يشاء سيد العبد أن يعطيه ثمنه وهذا خلاف قوله الأول إذا زعم أن المشتري غير مأمور متطوع لزمه أن يزعم أن هذا العبد لسيده ولا يرجع على سيده بشيء من ثمنه وهكذا نقول في العبد كما نقول في الحر لا يختلفان وإنما غلط فيه من قبل أنه يزعم أن المشركين يملكون على المسلمين وأنه اشتراه مالك من مالك ويدخل عليه في هذا الموضع أنه لا يكون عليه رده إلى سيده لأنه اشتراه مالك من مالك وكذلك لو كان الذمي اشتراه وإذا أسرت المسلمة فنكحها بعض أهل الحرب أو وطئها بلا نكاح ثم ظهر عليها المسلمون لم تسترق هي ولا ولدها لأن أولادها مسلمون بإسلامها فإن كان لها زوج في دار الإسلام لم يلحق به هذا الولد ولحق بالناكح المشرك وإن كان نكاحه فاسدا لأنه نكاح شبهة وإذا دخل المستأمن بلاد الإسلام فقتله مسلم عمدا فلا قود عليه وعليه الكفارة في ماله وديته فإن كان يهوديا أو نصرانيا فثلث دية المسلم وإن كان مجوسيا أو وثنيا فهو كالمجوسي فثمانمائة درهم في ماله حالة فإن قتله خطأ فديته على عاقلته وعليه الكفارة في ماله أخبرنا فضيل بن عياض عن منصور عن ثابت الحداد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في اليهودي والنصراني أربعة آلاف وفي المجوسي ثمانمائة درهم أخبرنا ابن عيينة عن صدقة بن يسار قال: أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن دية اليهودي والنصراني قال: قضى فيه عثمان بن عفان بأربعة آلاف فإن كان مع هذا المستأمن المقتول مال رد إلى ورثته كما يرد مال المعاهد إلى ورثته إذا كان الدم ممنوعا بالإسلام والأمان فالمال ممنوع بذلك وإذا دخل المسلم أو الذمي دار الحرب مستأمنا فخرج بمال من مالهم يشتري لهم به شيئا فأما ما مع المسلمين فلا نعرض له ويرد على أهله من أهل دار الحرب لأن أقل ما فيه أن يكون خروج المسلم به أمانا للكافر فيه وإذا استأمن العبد من المشركين على أن يكون مسلما ويعتق فذلك للإمام أمن رسول الله في حصار ثقيف من نزل إليه من عبد فأسلم فشرط لهم أنهم أحرار فنزل إليه خمسة عشر عبدا من عبيد ثقيف فأعتقهم ثم جاء سادتهم بعدهم مسلمين فسألوا رسول الله أن يردهم إليهم فقال: هم أحرار لا سبيل عليهم ولم يردهم وإذا وجد الرجل من أهل الحرب على قارعة الطريق بغير سلاح وقال: جئت رسولا مبلغا قبل منه ولم نعرض له فإن ارتيب به أحلف فإذا حلف ترك وهكذا لو كان معه سلاح وكان منفردا ليس في جماعة يمتنع مثلها لأن حالهما جميعا يشبه ما ادعيا ومن ادعى شيئا يشبه ما قال لا يعرف بغيره كان القول قوله مع يمينه وإذا أتى الرجل من أهل الشرك بغير عقد عقد له المسلمون فأراد المقام معهم فبهذه الدار لا تصلح إلا لمؤمن أو معطي جزية فإن كان من أهل الكتاب قيل له: إن أردت المقام فأد الجزية وإن لم ترده فارجع إلى مأمنك فإن استنظر فأحب إلي أن لا ينظر إلا أربعة أشهر من قبل أن الله عز وجل جعل للمشركين أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر وأكثر ما يجعل له أن لا يبلغ به الحول لأن الجزية في الحول فلا يقيم في دار الإسلام مقام من يؤدي الجزية ولا يؤديها وإن كان من أهل الأوثان فلا تؤخذ منه الجزية بحال عربيا كان أو أعجميا ولا ينظرا إلا كإنظار هذا وذلك دون الحول وإذا دخل قوم من المشركين بتجارة ظاهرين فلا سبيل عليهم لأن حال هؤلاء حال من لم يزل يؤمن من التجار وإذا دخل الحربي دار الإسلام مشركا ثم أسلم قبل يؤخذ فلا سبيل عليه ولا على ماله ولو كان جماعة من أهل الحرب ففعلوا هذا كان هذا هكذا ولو قاتلوا ثم أسروا فأسلموا بعد الإسار فهم فيء وأموالهم ولا سبيل على دمائهم للإسلام فإذا كان هذا ببلاد الحرب فأسلم رجل في أي حال ما أسلم فيها قبل أن يؤسر أحرز له إسلامه دمه ولم يكن عليه رق وهكذا إن صلى فالصلاة من الإيمان أمسك عنه فإن زعم أنه مؤمن فقد أحرز ماله ونفسه وإن زعم أنه صلى صلاته وأنه على غير الإيمان كان فيئا إن شاء الإمام قتله وحكمه حكم أسرى المشركين.

كتاب الأم - كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي
الخلاف فيمن تؤخذ منه الجزية ومن لا تؤخذ | مسألة مال الحربي | الأسارى والغلول | المستأمن في دار الحرب | ما يجوز للأسير في ماله إذا أراد الوصية | المسلم يدل المشركين على عورة المسلمين | الغلول | الفداء بالأسارى | العبد المسلم يأبق إلى أهل دار الحرب | الخلاف في التحريق | ذوات الأرواح | السبي يقتل | سير الواقدي | الاستعانة بأهل الذمة على قتال العدو | الرجل يسلم في دار الحرب | في السرية تأخذ العلف والطعام | في الرجل يقرض الرجل الطعام أو العلف إلى دار الإسلام | الرجل يخرج الشيء من الطعام أو العلف إلى دار الإسلام | الحجة في الأكل والشرب في دار الحرب | بيع الطعام في دار الحرب | الرجل يكون معه الطعام في دار الحرب | ذبح البهائم من أجل جلودها | كتب الأعاجم | توقيح الدواب من دهن العدو | زقاق الخمر والخوابي | إحلال ما يملكه العدو | البازي المعلم والصيد المقرط والمقلد | في الهر والصقر | في الأدوية | الحربي يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة | الحربي يصدق امرأته | كراهية نساء أهل الكتاب الحربيات | من أسلم على شيء غصبه أو لم يغصبه | المسلم يدخل دار الحرب فيجد امرأته | الذمية تسلم تحت الذمي | باب النصرانية تسلم بعدما يدخل بها زوجها | النصرانية تحت المسلم | نكاح نساء أهل الكتاب | إيلاء النصراني وظهاره | في النصراني يقذف امرأته | فيمن يقع على جارية من المغنم | المسلمون يوجفون على العدو، فيصيبون سبيا فيهم قرابة | المرأة تسبى مع زوجها | المرأة تسلم قبل زوجها والزوج قبل المرأة | الحربي يخرج إلى دار الإسلام | من قوتل من العرب والعجم ومن يجري عليه الرق | المسلم يطلق النصرانية | وطء المجوسية إذا سبيت | ذبيحة أهل الكتاب ونكاح نسائهم | الرجل تؤسر جاريته أو تغصب | الرجل يشتري الجارية وهي حائض | عدة الأمة التي لا تحيض | من ملك الأختين فأراد وطأهما | وطء الأم بعد البنت من ملك اليمين | التفريق بين ذوي المحارم | الذمي يشتري العبد المسلم | الحربي يدخل دار الإسلام بأمان | العبد الذي يكون بين المسلم والذمي فيسلم | الأسير يؤخذ عليه العهد | الأسير يأمنه العدو على أموالهم | الأسير يرسله المشركون على أن يبعث إليهم | المسلمون يدخلون دار الحرب بأمان فيرون قوما | الرجل يدخل دار الحرب فتوهب له الجارية | الرجل يرهن الجارية ثم يسبيها العدو | المدبرة تسبى فتوطأ ثم تلد ثم يقدر عليها صاحبها | المكاتبة تسبى فتوطأ فتلد | أم ولد النصراني تسلم | الأسير لا تنكح امرأته | ما يجوز للأسير في ماله وما لا يجوز | الحربي يدخل بأمان وله مال في دار الحرب ثم يسلم | الحربي يدخل دار الإسلام بأمان فأودع ماله ثم رجع | في الحربي يعتق عبده | الصلح على الجزية | فتح السواد | في الذمي إذا اتجر في غير بلده | نصارى العرب | الصدقة | في الأمان | المسلم أو الحربي يدفع إليه الحربي مالا وديعة | في الأمة يسبيها العدو | في العلج يدل على القلعة على أن له جارية سماها | في الأسير يكره على الكفر | النصراني يسلم في وسط السنة | الزكاة في الحلية من السيف وغيره | العبد يأبق إلى أرض الحرب | في السبي | العدو يغلقون الحصون على النساء والأطفال والأسرى هل ترمى الحصون بالمنجنيق | في قطع الشجر وحرق المنازل | الحربي إذا لجأ إلى الحرم | الحربي يدخل دار الإسلام بأمان ويشتري عبدا مسلما | عبد الحربي يسلم في بلاد الحرب | الغلام يسلم | في المرتد