كتاب الأم/كتاب الحدود/وشهود الزنا أربعة
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: فإن زنى بكر بامرأة ثيب رجمت المرأة وجلد البكر مائة ونفي سنة. ثم يؤذن له في البلد الذي خرج منه وينفي المرأة والرجل الحران معا إذا زنيا ولا يقام الحد على الزاني إلا بأن يشهد عليه أربعة شهداء عدول. ثم يقفهم الحاكم حتى يثبتوا أنهم رأوا ذلك منه يدخل في ذلك منها دخول المرود في المكحلة فإذا أثبتوا ذلك حد الزاني والزانية حدهما أو باعتراف من الزاني والزانية فإذا اعترف مرة وثبت عليها حد حده، وكذلك هي وإن اعترف هو وجحدت هي أو اعترفت هي وجحد هو أقيم الحد على المعترف منهما ولم يقم على الآخر. ولو قال رجل قد زعمت أنها زنت بي أو المرأة قد زعم أني زنيت به فاجلده لي لم يجلده؛ لأن كل واحد منهما أقر بحد على غيره نفسه يؤخذ به وإن كان فيه قذف لغيره.
[قال الشافعي]: فمتى رجع المعترف منهما عن الإقرار بالزنا قبل منه ولم يرجم ولم يجلد. وإن رجع بعدما أخذته الحجارة أو السياط كف عن الرجم والجلد ذكر علة أو لم يذكرها وقال الله عز وجل في الإماء فيمن أحصن: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}.
[قال الشافعي] فقال من أحفظ عنه من أهل العلم إحصانها إسلامها فإذا زنت الأمة المسلمة جلدت خمسين؛ لأن العذاب في الجلد يتبعض ولا يتبعض في الرجم. وكذلك العبد وذلك أن حدود الرجال والنساء لا تختلف في كتاب الله عز وجل ولا سنة نبيه ﷺ ولا عامة المسلمين وهما مثل الحرين في أن لا يقام عليهما الحد إلا بأربعة كما وصفت في الحرين أو باعتراف يثبتان عليه لا يخالفان في هذا الحرين واختلف أصحابنا في نفيهما فمنهم من قال لا ينفيان كما لا يرجمان ولو نفيا نفيا نصف سنة وهذا مما أستخير الله عز وجل فيه [قال الربيع]: قول الشافعي أنه ينفي العبد والأمة نصف سنة.
[قال الشافعي]: ولسيد العبد والأمة أن يقيما عليهما حد الزنا فإذا فعلا لم يكن للسلطان أن يثني عليهما الحد ولا نحكم بين أهل الكتاب في الحدود إلا أن يأتونا راغبين فإن فعلوا فلنا الخيار أن نحكم أو ندع فإن حكمنا حكمنا بحكم الإسلام فرجمنا الحرين المحصنين في الزنا وجلدنا البكرين والحرين مائة ونفيناهما سنة وجلدنا العبد والأمة في الزنا خمسين خمسين مثل حكم الإسلام.