كتاب الأم/كتاب الحدود/مسألة الحجام والخاتن والبيطار
[أخبرنا الربيع] قال: [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أمر الرجل أن يحجمه أو يختن غلامه أو يبيطر دابته فتلفوا من فعله فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة فلا ضمان عليه وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح وكان عالما به فهو ضامن وله أجر ما عمل في الحالين في السلامة والعطب قال أبو محمد " وفيه قول آخر: إذا فعل ما لا يفعل فيه مثله فليس له من الأجر شيء لأنه متعد والعمل الذي عمله لم يؤمر به فهو ضامن ولا أجر له وهذا أصح القولين وهو معنى قول الشافعي.
[قال الشافعي]: ولا أعلم أحدا ممن ضمن الصناع يضمن هؤلاء وإن في تركهم تضمين هؤلاء لما وجه به من لا يضمن الصناع الحجة عليهم لأنهم إذا ألغوا الضمان عمن لم يبعد من هؤلاء لزمهم إلغاؤه عمن لم يبعد من الصناع وما علمت أني سألت أحدا منهم ففرق بينهما بأكثر من أن قال هذا أذن للصانع قلما وكذلك ذاك أذن للصانع وما وجدت بينهما فرقا إلا فرقا خطر ببالي فقد يفرق الناس بما هو أبعد منه وأغمض وما هو بالفرق البين. وذلك أن ما كان فيه روح قد يموت بقدر الله عز وجل لا من شيء عرفه الآدميون فلما عالج هؤلاء فيه شيئا فمات لم يكن الظاهر أنه مات من علاجهم لأنه يمكن أن يموت من غيره فلم يضمن من قبل أنه مأذون له فيما فعل وغير ذوي الأرواح مما صنع إنما جعل إتلافه بشيء يحدثه فيه الآدميون أو بحدث يرى. ومن فرق بهذا الفرق دخل عليه أن يقال فأنت لو كان هؤلاء متعدين جعلتهم ماتوا بهذا الفعل وإن كان يمكن غيره فكذلك كان ينبغي أن تقول في الصناع كلهم.
[قال]: وإذا استأجر الرجل الرجل أن يخبز له خبزا معلوما في تنور أو فرن فاحترق الخبز سئل أهل العلم به فإن كان خبزه في حال لا يخبز في مثلها باستيقاد التنور أو شدة جمرته أو تركه تركا لا يترك مثله فهذا كله تعد يضمن فيه بكل حال عند من يضمن الأجير ومن لم يضمنه وإن قالوا الحال التي خبز فيها والتي تركه فيها والعمل الذي عمل فيه إصلاح لا إفساد لم يضمن عند من لا يضمن الأجير ضمن عند من يضمن الأجير.
[قال]: وإذا استودع الرجل الرجل إناء من قوارير فأخذه المستودع في يده ليحرزه في منزله فأصابه شيء من غير فعله فانكسر لم يضمن وإن أصابه بفعله مخطئا أو عامدا قبل أن يصير إلى البيت أو بعد ما صار إليه فهو له ضامن.