كتاب الأم/كتاب الحدود/باب ما جاء في الضرير من خلقته لا من مرض يصيب الحد
أخبرنا الربيع قال: [قال الشافعي]: رحمه الله: أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد وأبي الزناد كلاهما عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: (أن رجلا قال أحدهما أحبن وقال الآخر مقعد كان عند جوار سعد فأصاب امرأة حبل فرمته به فسئل فاعترف فأمر النبي ﷺ به قال أحدهما جلد بأثكال النخل وقال الآخر بأثكول النخل).
[قال الشافعي]: وبهذا نأخذ إذا كان الرجل مضنوء الخلق قليل الاحتمال يرى أن ضربه بالسوط في الحد تلف في الظاهر ضرب بأثكال النخل؛ لأن الله عز وجل قد حد حدودا منها حدود تأتي على النفس: الرجم والقتل غير الرجم بالقصاص فبينهما، وحد بالجلد فبين رسول الله ﷺ كيف الجلد وكان بينا في كتاب الله عز وجل ثم سنة رسول الله ﷺ أن الضرب لم يرد به التلف وأنه إنما أريد - والله أعلم - النكال للناس عن المحارم ولعله طهور أيضا. فإذا كان معروفا عند من يحد أن حده للضرير تلف لم يضرب المحدود بما يتلفه وضربه بما ضربه به رسول الله ﷺ. فإن قيل قد يتلف الصحيح المحتمل فيما يرى ويسلم غير المحتمل قيل إنما يعمل من هذا على الظاهر والآجال بيد الله عز وجل.
[قال الشافعي]: فأما الحبلى والمريض فيؤخر حدهما حتى تضع الحبلى ويبرأ المريض وليس كالمضنوء من خلقته فخالفنا بعض الناس. فقال: لا أعرف الحد إلا واحدا وإن كان مضنوءا من خلقته قلت أترى الحد أكثر أم الصلاة؟ قال كل فرض قلنا: قد يؤمر من لا يستطيع القيام في الصلاة بالجلوس، ومن لا يستطيع الجلوس بالإيماء وقد يزيل الحد عمن لا يجد إليه سبيلا [قال الربيع]: يريد كأن سارقا سرق ولا يدين له ولا رجلين فلم يجد الحاكم إلى أخذ ما وجب عليه من القطع سبيلا قال هذا اتباع ومواضع ضرورات. قلنا وجلد المضنوء بأثكال النخل اتباع لرسول الله ﷺ وهو الذي لا ينبغي خلافه وموضع ضرورة.