محلى ابن حزم - المجلد السادس/الصفحة الرابعة والستون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


كتاب الحدود

2210 - مسألة : حد المملوك إذا زنى , وهل عليه وعلى الأمة المحصنة رجم أم لا

قال أبو محمد : اختلف الناس في المملوك الذكر إذا زنى : فقالت طائفة : إن حده حد الحر من الجلد والنفي والرجم : كما ،

حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا أحمد بن عبد البصير ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الله بن إدريس الأودي ، حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال : قدمت المدينة وقد أجمعوا على عبد زنى وقد أحصن بحرة أنه يرجم , إلا عكرمة فإنه قال : عليه نصف الحد. قال مجاهد : وإحصان العبد أن يتزوج الحرة , وإحصان الأمة أن يتزوجها الحر وبهذا يأخذ أصحابنا كلهم. وقال أبو ثور : الأمة المحصنة والعبد المحصن عليهما الرجم , إلا أن يمنع من ذلك إجماع. وقال الأوزاعي : إذا أحصن العبد بزوجة حرة فعليه الرجم , وإن لم يعتق , فإن كان تحته أمة لم يجب عليه الرجم إن زنى وإن عتق

وكذلك قال أيضا : إذا أحصنت الأمة بزوج حر فعليها الرجم , وإن لم تعتق , ولا تكون محصنة بزوج عبد.

وقال أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وأحمد : حد العبد المحصن , وغير المحصن , والأمة : لا رجم في شيء من ذلك

قال أبو محمد : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك فيما احتج به أصحابنا لقولهم , فوجدناهم يقولون الزانية والزاني الآية.

وقال رسول الله  : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام , والثيب بالثيب جلد مائة والرجم. قالوا : فجاء القرآن والسنة بعموم لا يحل أن يخص منه إلا ما خصه الله تعالى ورسوله عليه السلام , فوجدنا النص من القرآن والسنة قد صح بتخصيص الإماء من جملة هذا الحكم بأن على المحصنات منهن نصف ما على المحصنات الحرائر , وكذلك النص الوارد في الأمة التي لم تحصن , فخصصنا الإماء بالقرآن والسنة , وبقي العبد وما كان ربك نسيا. وبيقين ندري أن الله تعالى لو أراد أن يخص العبيد لذكرهم كما ذكر الإماء , ولما أغفل ذلك , ولا أهمله والقياس كله باطل , ودعوى بلا

برهان. وكل ما يشغبون به في إثبات القرآن فحتى لو صح لهم وهو لا يصح لهم منه شيء أصلا لما كان في شيء منه إيجاب تخصيص القرآن به , ولا إباحة الإخبار عن مراد الله تعالى , إذ لا يجوز أن يعرف مغيب أحد بقياس. قالوا : فوجب أن يكون حكم العبد كحكم الحر في حد الزنى.

ثم نقول لأصحاب القياس : قد أجمعتم على أن حد العبد كحد الحر في الردة , وفي المحاربة , وفي قطع السرقة , فيلزمكم على أصولكم في القياس أن تردوا ما اختلف فيه من حكمه في الزنى إلى ما اتفقتم فيه من حكمه في الردة , والمحاربة , والسرقة : بالقتل رجما , والقتل صلبا أو بالسيف : أشبه بالقتل رجما بالجلد , قالوا : لا , ولا سيما المالكيون المشغبون بإجماع أهل المدينة , وهذا إجماع إلا عكرمة قد خالفوه.

فإن قالوا : إن راوي هذا الخبر ليث بن أبي سليم وليس بالقوي

قلنا لهم : رب خبر احتججتم فيه لأنفسكم بليث ومن هو دون ليث , كجابر الجعفي عن الشعبي لا يؤمن أحد بعدي جالسا وليث أقوى من جابر بلا شك. ثم نظرنا فيما احتج به أبو ثور فوجدنا من حجته أن قال : قال الله تعالى {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}

قلنا : أمر الله تعالى بالمخالفة بين حد الأمة وحد الحرة فيما له نصف , وليس ذلك إلا الجلد والتغريب فقط ,

وأما الرجم فلا نصف له أصلا , فلم يكن للرجم في هذه الآية دخول أصلا ، ولا ذكر.

وكذلك لم يكن له ذكر في قوله تعالى {والزانية والزاني} الآية. ووجدنا الرجم قد جاءت به سنة رسول الله على من أحصن.

وكذلك جاء عن عمر رضي الله عنه وغيره , من الصحابة : الرجم على من أحصن جملة , ولم يخص حرا من عبد , ولا حرة من أمة. فوجب أن يكون الرجم واجبا على كل من أحصن من حر أو عبد , أو حرة أو أمة , بالعموم الوارد في ذلك , إلا أن جلد الأمة نصف جلد الحرة , ونفيها نصف أمد الحرة.

قال أبو محمد رحمه الله : فنظرنا في هذين الأحتجاجين فوجدناهما صحيحين , إذ لم يرد نص صحيح يعارضهما

فنظرنا في ذلك , فوجدنا رسول الله قد قال : إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه , وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه

وقد ذكرناه بإسناده في الباب الذي قبل هذا متصلا به فأغنى عن إعادته. فاقتضى لفظ رسول الله وحكمه في هذا الخبر حكم المماليك في الحد بخلاف حكم الأحرار جملة إذ لو كان ذلك سواء لما كان لقول رسول الله أن يقام عليه الحد بحساب ما عتق منه معنى أصلا , ولكان المكاتب الذي عتق بعضه كأنه حر كله , هذا خلاف حكم رسول الله .

قال أبو محمد رحمه الله : فإذ قد صح أن حكم أهل الردة في الحدود خلاف حكم الحر , فليس إلا أحد وجهين لا ثالث لهما , ولا بد من أحدهما : إما أن لا يكون على المماليك حد أصلا , وهذا باطل بما أوردناه أيضا بإسناده في الباب المتصل بهذا الباب وإسناده : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام ، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن عبد الأعلى ، هو ابن عبد الأعلى التغلبي عن ميسرة ، هو ابن جميلة عن علي بن أبي طالب " أن رسول الله قال : أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم فكان هذا عموما موجبا لوقوع الحدود على العبيد والإماء.

وأما أن يكون للمماليك حد مخالف لحكم حدود الأحرار , وهذا هو الحق , إذ قد بطل الوجه الآخر ولم يبق إلا هذا , والحق في أحدهما ، ولا بد مع ورود هذين النصين اللذين ذكرنا من وجوب إقامة الحدود على ما ملكت أيماننا , وأنهم في ذلك بخلاف حدود الأحرار , فإذ قد وجب هذا بلا شك فلم يكن بد من تحديد حد المماليك بخلاف حكم الأحرار في الحدود , فقد صح إجماع القائلين بهذا القول وهم أهل الحق : على أن المماليك في الحد نصف حد الحر , فكان هذا حجة صحيحة مع صحة الإجماع المتيقن على إطباق جميع أهل الإسلام : على أن حد العبد والأمة ليس يكون أقل من نصف حد الحر , ولا أكثر من نصف حد الحر , ولم يأت بهذا نص قط فهذا إجماع صحيح متيقن على إبطال القول بأن يكون حد المملوك أو المملوكة أقل من نصف حد الحر , أو أكثر من نصف حد الحر فبطل بالنصوص المذكورة

قال أبو محمد رحمه الله : فلولا نص رسول الله على إقامة الحدود على ما ملكت أيماننا لكانت الحدود عنهم ساقطة جملة , فإذ قد صحت الحدود عليهم فلا يجوز أن يقام عليهم منها إلا ما أوجبه عليهم نص أو إجماع , ولا نص ، ولا إجماع بوجوب الرجم عليهم , ولا بإيجاب أزيد من خمسين جلدة ونفي نصف سنة , فوجب الأخذ بما أوجبه النص والإجماع وإسقاط ما لا نص فيه ، ولا إجماع وبالله تعالى التوفيق

قال أبو محمد رحمه الله : فصح بما ذكرنا أن قول الله تعالى {والزانية والزاني فاجلدوا} الآية إنما عنى بلا شك الأحرار والحرائر ,

وكذلك قول رسول الله  : البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم إنما عنى به عليه السلام الأحرار والحرائر لا العبيد ، ولا الإماء.

وأما من لم يصحح الحديث الذي أوردنا عن رسول الله في أن يقام الحد على المكاتب بقدر ما عتق ولم يصحح الحكم بقول رسول الله  : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ولم يعتمد في الرجم إلا على الأحاديث الواردة في رجم ماعز , والغامدية , والجهينية ، رضي الله عنهم ، فإنه لا مخلص لهم من دليل أبي ثور وأصحابنا , ولا نجد ألبتة دليلا على إسقاط الرجم عن الأمة المحصنة والعبد المحصن فإن رجع إلى القياس فقال : أقيس العبد على الأمة قيل له : القياس كله باطل , ولو كان حقا لما كان لكم هاهنا وجه من القياس تتعلقون به في إسقاط الرجم أصلا , لأن قول الله تعالى {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} ليس فيه نص ، ولا دليل على إسقاط الرجم عنها , ولا نجد دليلا على إسقاطه أصلا , ولا سيما من قال : إحصانها هو إسلامها , وأنه أيضا يلزمه أن تكون كل حرة مسلمة محصنة ، ولا بد , وإن لم تتزوج قط , لأن إحصانها أيضا إسلامها. ومن الباطل المحال أن يكون إسلام الأمة إحصانا لها , ولا يكون إسلام الحرة إحصانا لها , فإذا وجب هذا ، ولا بد , فواجب أن تكون الآية المذكورة , يعني قوله تعالى {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} اللواتي لم يتزوجن من الإماء والحرائر ; لأن أهل هذه المقالة لا يرون المحصنات هاهنا إلا الحرائر اللواتي لم يتزوجن فهن عندهم اللواتي لعذابهن نصف.

وأما الرجم الذي هو عندهم عذاب المتزوجات فقط عذاب عليهن عندهم غيره , فلا نصف له , فإذا لزمهم هذا واقتضاه قولهم , فواجب أن تبقى الأمة المحصنة بالزواج والحرة المحصنة بالزواج : على وجوب الرجم الذي إنما وجب عندهم بأن النبي رجم من أحصن فقط وبالله تعالى التوفيق.


2211 - مسألة : وجدت امرأة ورجل يطؤها فقالت : هو زوجي وقال هو : هي زوجتي وذلك لا يعرف

قال أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في هذا : فقالت طائفة : لا حد عليهما كما، حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا عبد الله بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا موسى بن معاوية ، حدثنا وكيع ، حدثنا داود بن يزيد الزعاوي عن أبيه أن رجلا وامرأة وجدا في " حرب مرداس " فرفعا إلى علي بن أبي طالب فقال : ابنة عمي تزوجتها , فقال لها علي : ما تقولين فقال لها الناس : قولي نعم , فقالت : نعم , فدرأ عنهما.

حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا أحمد بن عون الله ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا محمد بن بشار بندار ، حدثنا محمد بن جعفر غندر ، حدثنا شعبة عن الحكم بن عتيبة , وحماد بن سليمان أنهما قالا في الرجل يوجد مع المرأة فيقول : هي امرأتي : أنه لا حد عليه قال شعبة : فذكرت ذلك لأيوب السختياني , فقال : ادرءوا الحدود ما استطعتم.

قال أبو محمد رحمه الله : وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي.

وقالت طائفة : عليهما الحد .

كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا عبد الله بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا موسى بن معاوية ، حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن المغيرة عن إبراهيم النخعي في الرجل يوجد مع المرأة فيقول : هي امرأتي , فقال إبراهيم : إن كان كما يقول لم يقم على فاجر حد.

حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا أحمد بن عون الله ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم النخعي في الرجل يوجد مع المرأة فيقول : هي امرأتي قال : عليه الحد.

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا سحنون ، حدثنا ابن وهب عن غير واحد عن الأوزاعي قال : سألت ابن شهاب عن الرجل يوجد مع المرأة فيقول : تزوجتها فقال : يسأل البينة , فإن جاء ببينته وإلا وقع عليه الحد .

وبه يقول , مالك , وأصحابه. وقال عثمان البتي : إن كانا لا يعرفان فلا حد عليهما , فإن كانا معروفين فإن كان يرى قبل ذلك يدخل إليها ويذكر ذلك , فلا حد عليه , وإن لم يكن شيء من ذلك فعليهما الحد.

قال أبو محمد رحمه الله : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك : فوجدنا من قال : لا حد عليهما يحتج بأن قال : هو قول روي عن علي بن أبي طالب بحضرة الصحابة ، ولا مخالف له منهم , فلا يجوز تعديه. وقالوا : ادرءوا الحدود بالشبهات وأوجب هذه شبهة قوية. وقالوا : لا خلاف بين أحد من الأمة في أن رجلا لو وجد يطأ أمة معروفة لغيره فقال الذي عرف ملكها له : قد كان اشتراها مني , وقال هو كذلك , وأقرت هي بذلك : أنه لا حد عليهما فهذا مثله

قال أبو محمد رحمه الله : ما نعلم لهم حجة غير ما ذكرنا , وكل هذا لا حجة لهم فيه : أما قولهم : إنه قول روي عن علي , فهذا لا حجة لهم فيه , لأنه لا حجة في أحد دون رسول الله فهذا لا يلزمنا.

وأما قولهم : " ادرءوا الحدود ما أمكنكم " فقد ثبت بطلان هذا القول , وأنه لا يحل درء حد بشبهة ، ولا إقامته بشبهة في دين الله تعالى , وإنما هو الحق واليقين فقط , ويكفي من بطلان قول من قال " ادرءوا الحدود بالشبهات " أنه قول لم يأت به قرآن ، ولا سنة وإنما جاء القرآن والسنة بتحريم دم المسلم وبشرته حتى يثبت عليه حد من حدود الله تعالى , فإذا ثبت لم يحل درؤه أصلا , فيكون عاصيا لله تعالى.

وأما قوله في تنظيرهم ذلك بالأمة المعروفة لأنسان فيوجد معها رجل فيقول : قد صارت إلي وملكتها , ويقول سيدها بذلك , ودعواهم الإجماع في ذلك : قول بالظن لا يصح , وما عهدنا قول مالك المشهور فيمن قامت عليه بينة بأنه أخرج من حرزه مالا مستترا بذلك , فادعى أن صاحب ذلك الشيء أمره بذلك , أو أنه وهبه , وأقر صاحب المال بذلك : بأنه لا يلتفت إلى ذلك : بل تقطع يده ، ولا بد

قال أبو محمد رحمه الله : والذي نقول به : أن من وجد مع امرأة يطؤها وقامت البينة بالوطء , فقال هو : إنها امرأتي , أو قال : أمتي , فصدقته في ذلك , فإن كانا غريبين , أو يعرفان , فلا شيء عليهما , ولا يعرض لهما ، ولا يكشفان عن شيء , لأن الإجماع قد صح بنقل الكواف : أن الناس كانوا يهاجرون إلى رسول الله أفذاذا ومجتمعين , من أقاصي اليمن , ومن جميع بلاد العرب بأهليهم ونسائهم وإمائهم وعبيدهم فما حيل بين أحد وبين من زعم أنها امرأته أو أمته , ولا كلف أحد على ذلك بينة. ثم على هذا إجماع جميع أهل الإسلام , وجميع أهل الأرض من عهد رسول الله وإلى يومنا هذا لا يزال الناس يرحلون بأهليهم وإمائهم ورقيقهم , ولا يكلف أحد منهم بينة على ذلك , بل تصدق أقوالهم في ذلك مسلمين كانوا أو كفارا فإذ قد صح النص بهذا والإجماع فلا يجوز مخالفة ذلك , فإن كانت معروفة في البلد , ومعروف أنه لا زوج لها , فإن أمكن ما يقول , فلا شيء عليهما , لأن أصل دمائهما وأبشارهما على التحريم بقول رسول الله  : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام فلا يجوز إباحة ما حرم الله تعالى إلا بيقين لا شك فيه وإن كان كذبهما في ذلك متيقنا فالحد واجب عليهما وإن قال : هي أمتي , وصدقه صاحبها الذي عرف ملكها له , وأقر أنه قد كان وهبها له , أو كان باعها منه : صدق ، ولا شيء عليهما في ذلك , فإن كذبه حد , إلا أن يأتي ببينة على صحة دعواه , فلو قال : هي أمتي , وقالت هي : بل أنا زوجته , أو قال : هي زوجتي , وقالت هي : بل أنا أمته , أو قالت : بل أم ولده فقد اتفقا على صحة الفراش فلا حد في ذلك , وهي على الحرية حتى يقيم هو بينة بملكه لها , فإن لم يفعل حلف لها فيما يدعيه من الزوجية , وفرق بينهما , لأن الملك قد بطل إذا لم تقم بينة , والناس على الحرية حتى يصح الرق , والزوجية لم تثبت لا بإقرارهما ، ولا ببينة وإنما يحكم عليهما من الآن ,

وأما إذا كانت أمة معروفة لأنسان , فأنكر سيدها خروجها عن ملكه إلى الذي وجد معها , فالحد عليها وعلى الذي وجد معها , إلا أن يأتي ببينة على ذلك , وله على سيدها اليمين ، ولا بد.


2212 - مسألة : فيمن وجد مع امرأة فشهد له أبوها أو أخوها بالزوجية

قال أبو محمد رحمه الله : فلو وجد يطأ امرأة معروفة وهو مجهول أو معروف فادعى هو وهي الزوجية , وشهد لهما بذلك أبوها أو أخوها فإن مالكا قال : عليهما الحد , وقال أصحابنا : إن كان اللذان شهدا لهما عدلين صح العقد , وبطل الحد وبهذا نأخذ , فإن لم يكونا عدلين , فالحد عليهما ما لم يكن على صحة النكاح بينة , أو استفاضة , لأن اليقين صح أنهما غير زوجين , وأنها حرام عليه , فلا ينتقل التحريم إلى التحليل , ولا ينتقلان إلى حكم الزوجية إلا بيقين من بينة أو استفاضة.

محلى ابن حزم - المجلد السادس/كتاب الحدود
كتاب الحدود (مسألة 2167 - 2169) | كتاب الحدود (مسألة 2170 - 2171) | كتاب الحدود (مسألة 2172 - 2173) | كتاب الحدود (مسألة 2174 - 2175) | كتاب الحدود (مسألة 2176 - 2178) | كتاب الحدود (مسألة 2179 - 2180) | كتاب الحدود (مسألة 2181 - 2182) | كتاب الحدود (مسألة 2183 - 2186) | كتاب الحدود (مسألة 2187 - 2188) | كتاب الحدود (مسألة 2189 - 2192) | كتاب الحدود (مسألة 2193 - 2194) | كتاب الحدود (مسألة 2195 - 2196) | كتاب الحدود (مسألة 2197 - 2198) | كتاب الحدود (مسألة 2199) | كتاب الحدود (مسألة 2200 - 2202) | كتاب الحدود (مسألة 2203) | كتاب الحدود (تتمة 1 مسألة 2203) | كتاب الحدود (تتمة 2 مسألة 2203) | كتاب الحدود (تتمة 3 مسألة 2203) | كتاب الحدود (مسألة 2204 - 2207) | كتاب الحدود (مسألة 2208 - 2209) | كتاب الحدود (مسألة 2210 - 2212) | كتاب الحدود (مسألة 2213 - 2216) | كتاب الحدود (مسألة 2217 - 2220) | كتاب الحدود (مسألة 2221 - 2223) | كتاب الحدود (مسألة 2224 - 2228) | كتاب الحدود (مسألة 2229 - 2231) | كتاب الحدود (مسألة 2232 - 2235) | كتاب الحدود (مسألة 2236 - 2238) | كتاب الحدود (مسألة 2239 - 2243) | كتاب الحدود (مسألة 2244 - 2246) | كتاب الحدود (مسألة 2247 - 2255)