محلى ابن حزم - المجلد السادس/الصفحة السابعة والعشرون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


كتاب الدماء والقصاص والديات

2119 - مسألة: في قول الله تعالى {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}

روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان الثوري عن خصيف عن مجاهد ، عن ابن عباس في قول الله تعالى {أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} قال : من أوبقها ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا قال : من كف عن قتلها. وبه إلى سفيان عن منصور عن مجاهد ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا قال : من أنجاها من غرق أو حرق فقد أحياها. وبه إلى وكيع ، حدثنا العلاء بن عبد الكريم قال : سمعت مجاهدا يقول ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا قال : من كف عن قتلها فقد أحياها.

قال علي هذا ليس في تفسيره عن رسول الله شيء فيسلم له , والرواية ، عن ابن عباس فيها خصيف , وليس بالقوي.

قال أبو محمد : وهذا حكم إنما كتبه الله تعالى على بني إسرائيل ولم يكتبه علينا , قال الله تعالى {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض}.

قال علي : فهذا أمر قد كفيناه ولله الحمد إذ لو كتبه الله تعالى علينا لاعلمنا بذلك , فله الحمد كثيرا , وهذا والله أعلم إذ كتبه الله على بني إسرائيل فهو من الإصر الذي حمله على من قبلنا. وأمرنا تعالى أن ندعوه في أن لا يحمله علينا إذ يقول تعالى {ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا} فإذ لم يكتبه الله تعالى علينا فلم نكلف معرفة كيفيته , إلا أن الذي كتب الله تعالى علينا : هو تحريم القتل , والوعيد الشديد فيه , ففرض علينا اجتنابه , واعتقاد أنه من أكبر الكبائر بعد الشرك , وهو مع ترك الصلاة أو بعده. ومما كتبه الله تعالى أيضا علينا استنقاذ كل متورط من الموت إما بيد ظالم كافر , أو مؤمن متعد , أو حية أو سبع , أو نار أو سيل , أو هدم أو حيوان , أو من علة صعبة نقدر على معاناته منها , أو من أي وجه كان , فوعدنا على ذلك الأجر الجزيل الذي لا يضيعه ربنا تعالى , الحافظ علينا صالح أعمالنا وسيئه. ففرض علينا أن نأتي من كل ذلك ما افترضه الله تعالى علينا , وأن نعلم أنه قد أحصى أجرنا على ذلك من يجازي على مثقال الذرة من الخير والشر. نسأل الله تعالى التوفيق لما يرضيه بمنه آمين , وبالله تعالى نعتصم.


2120 - مسألة: من شق نهرا فغرق ناسا , أو طرح نارا , أو هدم بناء فقتل

قال علي : من شق نهرا فغرق قوما , فإن كان فعل ذلك عامدا ليغرقهم فعليه القود والديات من قتل جماعة , وإن كان شقه لمنفعة أو لغير منفعة وهو لا يدري أنه لا يصيب به أحدا فما هلك به فهو قاتل خطأ , والديات على عاقلته , والكفارة عليه ; لكل نفس كفارة , ويضمن في كل ذلك ما أتلف من المال وهكذا القول فيمن ألقى نارا أو هدم بناء ، ولا فرق. وإن عمد إحراق قوم أو قتلهم بالهدم فعليه القود , وإن لم يعمد ذلك فهو قاتل خطأ. ولو ساق ماء فمر على حائط فهدم الماء الحائط فقتل : فكما قلنا أيضا سواء سواء ، ولا فرق ; لأن كل من ذكرنا مباشر لأتلاف ما تلف , فإن مات أحد بذلك بعد موت الجاني , أو تلف به مال بعد موته , فلا ضمان في ذلك لأن الجناية حدثت بعده , ولا جناية على ميت. ولو أن إنسانا رمى حجرا أو سهما ثم مات إثر خروج السهم أو الحجر فأصاب الحجر أو السهم إنسانا عمده أو لم يعمده فلا ضمان عليه , ولا على عاقلته ; لأن الجناية لم تكن إلا وهو ممن لا فعل له , بخلاف ما خرج خطأ ثم مات ; لأن الجناية قد وقعت وهو حي , فلو جن إثر رمي السهم أو الحجر فكموته ، ولا فرق , وكذلك لو أغمي عليه.

وأما النائم فبخلاف المغمى عليه , والمجنون , لأنه مخاطب , وهما غير مخاطبين , إلا أنه لا عمد له , فلو أن نائما انقلب في نومه على إنسان فقتله فالدية على عاقلته , والكفارة عليه في ماله ; لأنه مخاطب وبالله تعالى التوفيق.


2121 - مسألة: من أوقد نارا ثم نام فاشتعلت تلك النار

قال علي : وأما من أوقد نارا ليصطلي , أو ليطبخ شيئا , أو أوقد سراجا ثم نام , فاشتعلت تلك النار فأتلفت أمتعة وناسا , فلا شيء عليه في ذلك أصلا. وقد جاءت في هذا آثار :

كما روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع عن شعبة قال : سألت الحكم بن عتيبة , وحماد بن أبي سليمان عن رجل رمى نارا في دار قوم فاحترقوا , قالا جميعا : ليس عليه قود ، ولا يقتل. وبه إلى وكيع عن عبد العزيز بن حصين عن يحيى بن يحيى الغساني قال : أحرق رجل تبنا في فراج له فخرجت شررة من نار فأحرقت شيئا لجاره فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز فكتب إلي أن رسول الله قال : العجماء جرحها جبار وأرى أن النار جبار.

قال علي : صدق رضي الله عنه: النار عجماء فهي جبار

قال علي : فنظرنا , هل روي في ذلك عن رسول الله شيء فوجدنا ما ناه أحمد بن عبد الله الطلمنكي قال : حدثنا ابن مفرج ، حدثنا محمد بن أيوب الرقي الصموت ، حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ، حدثنا سلمة بن شبيب , وأحمد بن منصور ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  : النار جبار. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا زيد بن المبارك ، حدثنا عبد الملك الصنعاني عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  : النار جبار.

قال علي : وهذا خبر صحيح تقوم به الحجة , ولا يحل خلافه , فوجب بهذا أن كل ما تلف بالنار فهو هدر , إلا نارا اتفق الجميع على تضمين طارحها , وليس ذلك إلا ما تعمد الإنسان طرحها للإفساد , والإتلاف , فهذا مباشر متعد فعليه القود فيما عمد قتله , والدية على العاقلة في الخطأ.

وأما نار أوقدها غير متعد فهي جبار , كما قال رسول الله وهذا عموم لا يجوز تخصيصه إلا ما خصه نص أو إجماع , ولا إجماع إلا فيما ذكرنا من القصد وبالله تعالى التوفيق.


2122- مسألة: قال علي : جاء في الرجل أثر نذكره , ونذكر ما قيل فيه إن شاء الله تعالى : حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا محمد بن أيوب الصموت ، حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ، حدثنا عبد الله بن أسد الباهلي ، حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  : الرجل جبار. ، حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن يزيد ، حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي قال : الرجل جبار.

قال أبو محمد : وجاء هذا أيضا عن بعض السلف , كما ، حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق النصري ، حدثنا عيسى بن حبيب ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، حدثنا جدي محمد بن عبد الله بن يزيد ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا أبو فروة هو عروة بن الحارث عن الشعبي قال : الرجل جبار.

قال علي : فقال قوم : سفيان بن حسين ضعيف في الزهري.

قال علي وما ندري وجه هذا وسفيان بن حسين ثقة , فمن ادعى عليه خطأ فليبينه وإلا فروايته حجة , وهذا إسناد مستقيم لأتصال الثقات فيه.

قال أبو محمد : فاختلف الناس في هذا الخبر : فقالت طائفة : معنى " الرجل جبار " : إنما هو ما أصابت الدابة برجلها. وقال آخرون : هو ما أصيب بالرجل عن غير قصد في الطواف وغيره.

قال علي : وكلا التفسيرين حق ; لأنهما موافقان للفظ النبي ولا يجوز أن يخص أحدهما دون الآخر ; لأنه تخصيص بلا برهان ودعوى بلا دليل.

فصح أن كل ما جني برجل من إنسان , أو حيوان , فهو هدر لا غرامة فيه , ولا قود , ولا كفارة , إلا ما صح الإجماع به بأنه محكوم فيه بالقود , كالتعمد لذلك وبالله تعالى التوفيق.


2123 - مسألة: الجاني يستقاد منه فيموت أحدهما

قال علي : اختلف الناس في هذا فقالت طائفة : إذا مات المستقيد , فكما روينا من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج قلت لعطاء : رجل استقاد من رجل قبل أن يبرأ ثم مات المستقيد من الذي أصابه , قال أرى : أن يودى قلت : فمات المستقاد منه , قال : أرى أن يودى , قال ابن جريج : قال عمرو بن دينار : أظن أنه سيودى. وعن عبد الرزاق عن معمر ، عن ابن طاووس عن أبيه قال : لو أن رجلا استقاد من آخر ثم مات المستقاد منه غرم ديته.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر , وابن جريج ، عن ابن شهاب قال : السنة أن يودى يعني المستقاد منه. وبه إلى معمر عن الزهري في رجل أشل أصبع رجل قال يستقيد منه , فإن شلت أصبعه , وإلا غرم له الدية. وعن عبد الرزاق عن هشيم عن أبي إسحاق الشيباني أو غيره شك عبد الرزاق في ذلك الشعبي في رجل جرح رجلا فاقتص منه ثم هلك المستقاد قال : عقله على المستقاد منه ويطرح عنه دية جرحه من ذلك فما فضل فهو عليه.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر ، عن ابن شبرمة عن الحارث العقيلي في الذي يستقاد منه ثم يموت , قال : يغرم ديته ; لأن النفس خطأ. وعن إبراهيم النخعي عن علقمة : أنه قال في المقتص منه : أيهما مات ودي.

ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم بن عتيبة قال : استأذنت زياد بن جرير في الحج فسألني عن رجل شج رجلا فاقتص له منه فمات المقتص منه فقلت : عليه الدية ويرفع عنه بقدر الشجة , ثم نسيت ذلك , فجاء إبراهيم فسألته فقال : عليه الدية , قال شعبة فسألت الحكم وحمادا عن ذلك فقالا جميعا : عليه الدية. وقال حماد : ويرفع عنه بقدر الشجة.

وقال أبو حنيفة , وسفيان الثوري , وابن أبي ليلى : إذا اقتص من يد , أو شجة , فمات المقتص منه فديته على عاقلة المقتص له. وقد روي ذلك ، عن ابن مسعود , وعن إبراهيم النخعي ، عن ابن مسعود.

قال أبو محمد : الذي يقتص منه ديته على المقتص له غير أنه يطرح عنه دية جرحه. وقال آخرون : لا شيء في هلاك المقتص منه. كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا عبد الله بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا موسى بن معاوية ، حدثنا وكيع ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ، عن ابن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب في الرجل يموت في القصاص : قتله كتاب الله تعالى , أو حق , لا دية له.

ومن طريق الحجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي بن أبي طالب , وعمر بن الخطاب , قالا جميعا : من مات في قصاص أو حد , فلا دية له. وبه إلى قتادة عن الحسن من مات في قصاص أو حد , فلا دية له.

ومن طريق ابن وضاح ، حدثنا موسى بن معاوية ، حدثنا وكيع ، حدثنا مسعر بن كدام وسفيان عن أبي حصين عن عمير بن سعد قال : قال علي بن أبي طالب : ما كنت لأقيم على رجل حدا فيموت فأجد في نفسي منه شيئا إلا صاحب الخمر , لو مات وديته. وعن الحسن البصري عن الأحنف بن قيس عن عمر بن الخطاب , وعلي بن أبي طالب , قالا جميعا في المقتص منه يموت قالا جميعا : قتله الحق ، ولا دية له. وعن سعيد بن المسيب مثل ذلك : قتله الحق , لا دية له. وعن أبي سعيد أن أبا بكر , وعمر , قالا : من قتله حد فلا عقل له. قال ابن وهب : وأخبرني الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، أنه قال : من استقيد منه بمثل ما دخل على الناس منه فقتله القود , فليس له عقل ولو أن كل من استقيد منه حق قبله للناس فمات منه غرمه المستقيد : رفض الناس حقوقهم. قال ابن وهب : قال يونس : قال ربيعة : إن مات الأول وهو المقتص قتل به الجارح المقتص منه وإن مات الآخر وهو المقتص منه فبحق أخذ منه كان منه التلف. وبه يقول مالك , وعبد العزيز بن أبي سلمة , والشافعي , وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن , وأبو سليمان.

قال أبو محمد : فهذه ثلاثة أقوال. أحدها أنه إن مات المقتص ودي , وإن مات المقتص منه ودي , ورفع عنه قدر جنايته. وهو قول روي ، عن ابن مسعود , كما أوردنا عن إبراهيم النخعي , والشعبي وحماد بن أبي سليمان .

وبه يقول عثمان البتي , وابن أبي ليلى. وقول آخر : أنه يودى , ولا يرفع عنه لجنايته شيء

وهو قول عطاء , وطاووس

وروي أيضا عن الحكم بن عتيبة

وهو قول الزهري , وعن عمرو بن دينار , وأبي حنيفة , وسفيان الثوري. وقول ثالث : أنه لا دية للمقتص منه

وروي عن أبي بكر , وعمر رضي الله عنهما وصح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وهو قول الحسن , وابن سيرين , والقاسم , وسالم , وسعيد بن المسيب , ويحيى بن سعيد الأنصاري , وربيعة.

وهو قول مالك , والشافعي , وأبي يوسف , ومحمد بن الحسن , وأبي سليمان

قال أبو محمد : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك ليلوح الحق فنتبعه بعون الله تعالى فوجدنا من قال : أنه يودى جملة ,

فأما يرفع عنه بقدر جنايته , وأما لا يرفع عنه بقدر جنايته. يقولون : إن الله تعالى إنما أوجب على القاطع , والجارح , والكاسر , والفاقئ , والضارب : القود مما فعلوا فقط , ولم يوجب عليهم قتلا , فدماؤهم محرمة ,

ولا خلاف في أن المقتص من شيء من هذا لو تعمد القتل فلزمه القود , فإذ هو كذلك فمات المقتص منه مما فعل به بحق , فقد أصيب دمه خطأ , ففيه الدية. وقالوا أيضا : إن من أدب امرأته فماتت فيها الدية , وهو إنما فعل مباحا , فهذا المقتص منه , وإن مات من مباح ففيه الدية

قال علي : ما نعلم لهم حجة غير هاتين

فنظرنا في قول من أسقط الدية في ذلك , فكان من حجتهم أن قالوا : إن القصاص مأمور به , ومن فعل ما أمر به فقد أحسن , وإذ أحسن فقد قال الله تعالى {ما على المحسنين من سبيل} وإذ لا سبيل عليه فلا غرامة تلحقه , ولا على عاقلته من أهله.

وأما قياس المقتص على موت امرأته فالقياس باطل , ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل ; لوجهين : أحدهما أنه قياس مموه وذلك من أدب امرأته فلا يخلو من أن يكون متعديا وضع الأدب في غير موضعه أو غير متعد. فإن كان متعديا ففيه القود , وإن كان وضع الأدب موضعه , فلا سبيل إلى أن يموت من ذلك الأدب الذي أبيح له , إذ لم يبح له قط أن يؤدبها أدبا يمات مع مثله , ومن أدب هذا النوع من الأدب فهو ظالم متعد , والقود عليه في النفس فما دونها ; لأنه لا يجوز لأحد أن يجلد في غير حد أكثر من عشر جلدات على ما صح عن النبي . كما روينا من طريق البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث بن سعد حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر عن عبد الله عن أبي بردة قال كان النبي يقول لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله تعالى. قالوا : فلم يبح له في العدد أكثر من عشر جلدات , ولا أبيح له جلدها بما يكسر عظما , ويجرح جلدا , أو يعفن لحما ; لأن كل هذا هو غير الجلد , ولم يبح له إلا الجلد وحده. وبيقين يدري كل ذي حس سليم أن عشر جلدات لأمرأة صحيحة غير مريضة , ولا ضعيفة , ولا صغيرة : لا تجرح , ولا تكسر , وأنه لا يموت منها أحد. فإن وافقت منية في خلال ذلك أو بعده : فبأجلها ماتت , ولا دية في ذلك , ولا قود , لأننا على يقين من أنها لم تمت من فعله أصلا. وإن تعدى في العدد أو ضرب بما يكسر , أو يجرح , أو يعفن فعفن , أو جرح أو كسر , فالقود في كل ذلك في العمد , في النفس فما دونها , أو الدية فيما لم يعمده وبالله تعالى التوفيق.

قال أبو محمد : وأما قولهم : إن المقتص منه إنما أبيح عضوه , أو بشرته ولم يبح دمه فصح أنه إن مات من ذلك , فإنه مقتول خطأ , ففيه الدية فإن هذا قول غير صحيح ; لأن القصاص الذي أمر الله تعالى بأخذه لا يخلو من أحد وجهين : إما أن يكون مما يمات من مثله , كقطع اليد , أو شق الرأس , أو كسر الفخذ , أو غير ذلك. أو يكون مما لا يمات من مثله , كاللطمة , وضربة السوط , ونحو ذلك. فإن كان مما يمات من مثله فذلك الذي قصد فيه ; لأنه قد تعدى بما قد يمات من مثله , فوجب أن يتعدى عليه بما قد يمات من مثله , فإن مات فعلى ذلك بنى فيه , وعلى ذلك بنى هو فيما تعدى فيه. والوجه الذي مات منه أمرنا الله تعالى أن نتعمده فيه , فإذ ذلك كذلك فليس عدوانا , وإذ ليس عدوانا عليه فلا قود , ولا دية ; لأنه لم يقتل خطأ , فإن مات من عمد أمرنا الله تعالى أن نتعمده فيه , ولم يكلفنا أن لا يموت من ذلك ولو أن الله تعالى أراد ذلك لما أهمله , ولا أغفله , ولا ضيعه , فإذ لم يبين لنا تعالى ذلك فبيقين ندري أنه تعالى لم يرده قط. وإن كان الذي اقتص به منه مما لا يمات منه أصلا فوافق منيته فإنما مات بأجله , ولم يمت مما عمل به , لا قود , ولا دية. فإن تعمد المقتص فتعدى على المقتص منه ما لم يبح له , فهو متعد , وعليه القود في النفس فما دونها , وإن أخطأ فأتى بما لم يبح له عمله : فهو خطأ الدية على عاقلته , وعليه الكفارة في النفس وبالله تعالى التوفيق.


2124 - مسألة: من أفزعه السلطان فتلف

قال علي : روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن مطر الوراق وغيره عن الحسن قال : أرسل عمر إلى امرأة مغنية كان يدخل عليها , فأنكر ذلك , فقيل لها : أجيبي عمر فقالت : يا ويلها مالها ولعمر قال : فبينما هي في الطريق فزعت , فضمها الطلق , فدخلت دارا فألقت ولدها فصاح الصبي صيحتين فمات فاستشار عمر أصحاب النبي فأشار عليه بعضهم : أن ليس عليك شيء , إنما أنت وال , ومؤدب , قال : وصمت علي فأقبل عليه عمر فقال : ما تقول فقال : إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم , وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك , أرى أن ديته عليك لأنك أنت أفزعتها , وألقت ولدها في سبيلك , فأمر عليا أن يقسم عقله على قريش يعني : يأخذ عقله من قريش ; لأنه أخطأ.

قال أبو محمد : فالصحابة ، رضي الله عنهم ، قد اختلفوا , فالواجب الرجوع إلى ما أمر الله تعالى به بالرجوع إليه عند التنازع إذ يقول تعالى {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}. فوجدنا الله تعالى يقول {كونوا قوامين بالقسط} , {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف}.

وقال رسول الله  : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع فإن لم يستطع فبلسانه.

فصح أن فرضا على كل مسلم قدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ومن المحال أن يفترض الله تعالى على الأئمة أو غيرهم أمرا إن لم يعملوه عصوا الله تعالى ثم يؤاخذهم في ذلك ووجدنا هذه المبعوث فيها : بعث فيها بحق , ولم يباشر الباعث فيها شيئا أصلا فلا شيء عليه , وإنما كان يكون عليه دية ولدها لو باشر ضربها أو نطحها

وأما إذا لم يباشر فلم يجن شيئا أصلا. ولا فرق بين هذا , وبين من رمى حجرا إلى العدو ففزع من هويه إنسان فمات , فهذا لا شيء عليه

وكذلك من بنى حائطا فانهدم , ففزع إنسان فمات وبالله تعالى التوفيق.


2125 - مسألة: من سم طعاما لأنسان , ثم دعاه إلى أكله , فأكله , فمات

قال علي : ذهب قوم إلى أن من سم طعاما وقدمه إلى إنسان وقال له : كل فأكل فمات , فإن عليه القود

وهو قول مالك. وقال آخرون : ليس عليه القود , لكن على عاقلته الدية. قال آخرون : لا قود فيه ، ولا دية ، ولا كفارة , وإنما عليه ضمان الطعام الذي أفسد إن كان لغيره والأدب , إلا أن يؤجره إياه : فعليه القود

وهو قول أصحابنا ولم يختلف قول الشافعي في إيجاره إياه وهو يدري أنه يقتل : أن فيه القود وله في إذا لم يؤجره إياه قولان : أحدهما : كقول مالك , والآخر : كقول أصحابنا.

قال علي : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك لعل في ذلك سنة جرت فوجدنا. ما ناه عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا مخلد بن خالد ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن الزهري " ، عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن أم مبشر قالت للنبي في مرضه الذي مات فيه : ما نتهم بك يا رسول الله , فإني لا أتهم بابني إلا الشاة المسمومة التي أكل معك بخيبر قال النبي وأنا لا أتهم بنفسي إلا ذلك فهذا أوان قطع أبهري. قال أبو داود : وربما حدث عبد الرزاق بهذا الحديث مرسلا عن معمر عن الزهري عن النبي وربما حدث به عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب وذكر عبد الرزاق : أن معمرا كان يحدثهم بالحديث مرة مرسلا فيكتبونه , ويحدثهم مرة فيسنده فيكتبونه , فلما قدم عليه ابن المبارك أسند له معمر أحاديث كان يوقفها. وبه إلى أبي داود ، حدثنا أحمد بن حنبل أنا إبراهيم بن خالد ، حدثنا رباح عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أمه أم مبشر قال : دخلت على النبي فذكر معنى حديث مخلد بن خالد , قال ابن الأعرابي : هكذا قال عن أمه , وإنما الصواب عن أبيه.

وبه إلى أبي داود ، حدثنا سليمان بن داود المهري ، حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال : كان جابر بن عبد الله يحدث أن يهودية من أهل خيبر سمت شاة , ثم ساق القصة بطولها وفيها : أن رسول الله قال لها : أسممت هذه الشاة قالت : نعم , فعفا عنها رسول الله ولم يعاقبها , وتوفي بعض أصحابه الذين أكلوا من الشاة. وبه إلى أبي داود ، حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب , وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن امرأة من اليهود أهدت إلى رسول الله شاة مسمومة. وبه إلى أبي داود ، حدثنا يحيى بن حبيب بن عدي ، حدثنا خالد بن الحارث ، حدثنا شعبة ، حدثنا هشام بن زيد عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت رسول الله بشاة مسمومة فأكل منها , فجيء بها إلى رسول الله فسألها عن ذلك فقالت : أردت لأقتلك قال : ما كان الله ليسلطك على ذلك , أو قال علي , فقالوا : ألا تقتلها قال : لا. قال أنس : فما زلت أعرفها في لهواة رسول الله .

قال أبو محمد : فجاءت هذه الآثار الصحاح أن رسول الله سمت له اليهودية لعنها الله شاة وأهدتها له مريدة بذلك قتله , فأكل منها عليه السلام وقوم من أصحابه فماتوا من ذلك , وقيل لرسول الله ألا تقتلها قال : لا فكانت هذه حجة قاطعة , وأن لا قود على من سم طعاما لأحد مريدا قتله فأطعمه إياه فمات منه ، ولا دية عليه , ولا على عاقلته , ولا شيء وما كان رسول الله ليبطل دم رجل من أصحابه قد وجب فيه قود ودية

فنظرنا : هل للطائفة الأخرى اعتراض أم لا فوجدنا : ما حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : كان رسول الله يقبل الهدية ، ولا يأكل الصدقة. قال أبو داود : وحدثنا وهب بن بقية في موضع آخر عن خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة , ولم يذكر أبا هريرة قال : كان رسول الله يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة زاد فأهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية سمتها فأكل رسول الله منها , وأكل القوم , فقال : ارفعوا أيديكم , فإنها أخبرتني : أنها مسمومة فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري , فأرسل إلى اليهودية : ما حملك على الذي صنعت قالت : إن كنت نبيا لم يضرك , وإن كنت ملكا أرحت الناس معك فأمر بها رسول الله فقتلت , ثم قال في وجعه الذي مات منه : فما زلت أجد من الأكلة التي أكلت بخيبر , فهذا أوان قطع أبهري. وما حدثناه أحمد بن قاسم ، حدثنا أبي قاسم بن محمد بن قاسم ، حدثنا جدي قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن نعمان لقيته بقيروان إفريقية ثنا إبراهيم بن موسى البزاز أو البزار شك قاسم بن أصبغ ، حدثنا أبو همام ، حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله قتلها يعني : التي سمته.

قال أبو محمد : فنظرنا في الرواية فوجدناها معلولة : أما رواية وهب بن بقية , فإنها مرسلة , ولم يسند منها وهب في المرة التي أسند إلا أنه كان يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة , فقط.

وأما سائر الخبر , فإنه أرسله ، ولا مزيد هكذا في نص الخبر الذي أوردنا لما انتهى إلى آخر لفظه ، ولا يأكل الصدقة. قال : وزاد فأتى بخبر الشاة مرسلا فقط , ولا حجة في مرسل.

وأما رواية قاسم , فإنها عن رجال مجهولين : ابن نعمان القيرواني لا نعرفه ، وإبراهيم بن موسى البزاز كذلك وأبو همام كثير لا ندري أيهم هو وسعيد بن سليمان يروي من طريق عباد بن العوام مسندا إلى أبي هريرة : أن رسول الله لم يعرض لليهودية التي سمته وهذا القيرواني يروي من طريق عباد بن العوام أنه عليه الصلاة والسلام قتلها , فسقطت هذه الرواية جملة ; لجهالة ناقليها. ثم لو صحت لما كان فيها حجة ; لأنها عن أبي هريرة كما أوردنا , وقد صح عن أبي هريرة أنه لم يعرض لها , وكانت الرواية لو صحت وهي لا تصح مضطربة عن أبي هريرة : مرة أنه قتلها , ومرة أنه لم يعرض لها فلو صحت الرواية عن أبي هريرة في أنه عليه الصلاة والسلام قتلها , كما قد صح عن أبي هريرة : أنه عليه الصلاة والسلام لم يعرض لها , لكان الكلام في ذلك لا يخلو من أحد ثلاثة أوجه لا رابع لها : إما أن تترك الروايتان معا لتعارضهما ; ولأن إحداهما وهم , بلا شك ; لأنها قصة واحدة , في امرأة واحدة , في سبب واحد , ويرجع إلى رواية من لم يضطرب عنه , وهما : جابر وأنس , اللذان اتفقا على أنه عليه الصلاة والسلام لم يقتلها فهذا وجه. والوجه الثاني : وهو أن تصح الروايتان معا فيكون عليه الصلاة والسلام لم يقتلها إذ سمته من أجل أنها سمته , فتصح هذه عن أبي هريرة , وتكون موافقة لرواية جابر , وأنس بن مالك , ويكون عليه الصلاة والسلام قتلها لأمر آخر , والله أعلم به. أو يكون الحكم على وجه ثالث وهو أصح الوجوه وهو أن قول أبي هريرة رضي الله عنه: قتلها رسول الله وقوله : لم يعرض لها رسول الله أنهما جميعا لفظ أبي هريرة , لا يبعد الوهم عن الصاحب. وحديث أنس هو لفظ رسول الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه , ولا من خلفه , ولا يقره ربه تعالى على الوهم , ولا على الخطأ في الدين أصلا وهذا أن إنسانا ذكر أنه قيل له : يا رسول الله ألا تقتلها فقال : لا , فهذا هو المغلب المحكوم به الذي لا يحل خلافه

فصح أن من أطعم آخر سما فمات منه : أنه لا قود عليه , ولا دية عليه , ولا على عاقلته ; لأنه لم يباشر فيه شيئا أصلا , بل الميت هو المباشر في نفسه , ولا فرق بين هذا وبين من غر آخر يوري له طريقا أو دعاه إلى مكان فيه أسد فقتله. وقد صح الخبر : أن رسول الله لم يوجب على التي سمته وأصحابه فمات من ذلك السم بعضهم : قودا ، ولا دية فبطل النظر مع هذا النص. ووجه آخر وهو أنه لا يطلق على من سم طعاما لأخر , فأكله ذلك المقصود فمات أنه قتله , إلا مجازا لا حقيقة , ولا يعرف في لغة العرب أنه " قاتل " وإنما يستعمل هذا العوام , وليس الحجة إلا في اللغة , وفي الشريعة , وبالله تعالى التوفيق.

وأما إذا أكرهه وأوجره السم , أو أمر من يوجره : فهو قاتل بلا شك , ومباشر لقتله , ويسمى " قاتلا " في اللغة , وفي الأثر : كما ، حدثنا حمام حدثنا عباس بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ، حدثنا بكر بن حماد ، حدثنا مسدد ، حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  : من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا أبدا , ومن شرب سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا فيها , مخلدا فيها أبدا , ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا فيها مخلدا أبدا.

قال علي : فقد سمى رسول الله من شرب السم ليموت به " قاتلا لنفسه " : فوجب أن يكون عليه القود , وظهر خطأ من أسقط هاهنا القود وبالله تعالى التوفيق.

محلى ابن حزم - المجلد السادس/كتاب الدماء والقصاص والديات
كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2022 - 2024) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2025) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة مسألة 2025 - 2026) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2027) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 1 مسألة 2027) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 2 مسألة 2027) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2028) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة مسألة 2028) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2029 - 2030) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 1 مسألة 2030) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 2 مسألة 2030) | كتاب الدماء والقصاص والديات (تتمة 3 مسألة 2030) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2031 - 2037) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2038 - 2050) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2051 - 2059) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2060 - 2074) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2075 - 2078) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2079 - 2085) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2086 - 2089) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2090 - 2093) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2094 - 2096) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2097 - 2100) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2101 - 2103) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2104 - 2112) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2113 - 2115) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2116 - 2118) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2119 - 2125) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2126 - 2131) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2132 - 2134) | كتاب الدماء والقصاص والديات (مسألة 2135 - 2143)