محلى ابن حزم - المجلد الأول/الصفحة السادسة والسبعون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


كتـاب الصلاة

حكم المساجد

497 - مسألة حكم المساجد : وتكره المحاريب في المساجد ، وواجب كنسها ، ويستحب أن تطيب بالطيب - : ويستحب ملازمة المسجد لمن هو في غنى عن الكسب والتصرف ؟ وقال علي : أما المحاريب فمحدثة ، وإنما كان رسول الله يقف وحده ويصف الصف الأول خلفه - : حدثنا عبد الرحمن الهمداني ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا سعيد بن عفير ثنا الليث هو ابن سعد - حدثني عقيل عن ابن شهاب أخبرني أنس بن مالك { أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم ، لم يفجأهم إلا رسول الله قد كشف سجف حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في الصلاة ثم تبسم ، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف ، وظن أن رسول الله يريد أن يخرج إلى الصلاة ، وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله فأشار إليهم رسول الله بيده : أن أتموا صلاتكم ، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر . } قال علي : لو كان أبو بكر في محراب لما رأى رسول الله إذ كشف الستر ، وكان هذا يوم موته عليه السلام ؟ وروينا عن علي بن أبي طالب : أنه كان يكره المحراب في المسجد ؟ وعن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي أنه كان يكره أن يصلى في طاق الإمام ، قال سفيان ونحن نكرهه ؟ وعن المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه قال : رأيت الحسن جاء إلى ثابت البناني فحضرت الصلاة فقال ثابت : تقدم يا أبا سعيد ، قال الحسن : بل أنت أحق ، قال ثابت : والله لا أتقدمك أبدا فتقدم الحسن فاعتزل الطاق أن يصلي فيه قال معتمر : ورأيت أبي ، وليث بن أبي سليم يعتزلانه ؟ وعن وكيع يكون في آخر الزمان قوم تنقص أعمارهم ، يزينون مساجدهم ، ويتخذون لها مذابح كمذابح النصارى فإذا فعلوا ذلك صب عليهم البلاء ؟ [ وهو قول ] محمد بن جرير الطبري وغيره . وأما كنس المساجد فإن الله تعالى يقول : { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة } والعجب ممن يجيز المجيء إلى المسجد قبل غروب الشمس لصلاة المغرب وقبل الزوال لصلاة الجمعة - ثم يكره المجيء إلى سائر الصلوات قبل أوقاتها - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا محمد بن العلاء حدثنا حسين بن علي هو الجعفي عن زائدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت : { أمر رسول الله ببناء المساجد في الدور ، وأن تطيب وتنظف } قال علي : الدور هي المحلات ، والأرباض ، تقول : دار بني عبد الأشهل ، ودار بني النجار تريد : محلة كل طائفة منهم . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - أنا عائذ بن حبيب ثنا حميد الطويل عن أنس قال : { رأى رسول الله نخامة في قبلة المسجد ، فغضب حتى احمر وجهه ، فقامت امرأة من الأنصار فحكتها وجعلت مكانها خلوقا ، فقال رسول الله ما أحسن هذا }

498 - مسألة : والتحدث في المسجد بما لا إثم فيه من أمور الدنيا ، مباح ، وذكر الله تعالى أفضل . وإنشاد الشعر فيه مباح ، والتعلم فيه للصبيان وغيرهم مباح ، والسكن فيه والمبيت مباح ، ما لم يضق على المصلين ، وإدخال الدابة فيه مباح إذا كان لحاجة ، والحكم فيه والخصام كل ذلك جائز ، والتطرق فيه جائز ، إلا أن من خطر فيه بنبل فإنه يلزمه أن يمسك بحدائدها ، فإن لم يفعل فعليه القود في كل ما أصاب منها ؟ - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا زكرياء بن يحيى ثنا عبد الله بن نمير ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت { أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق في الأكحل ، فضرب عليه رسول الله خيمة في المسجد ليعوده من قريب ، فلم يرعهم - وفي المسجد خيمة لقوم من بني غفار - إلا الدم يسيل إليهم ، فقالوا : يا أهل الخيمة ، ما هذا الذي يأتينا من قبلكم ؟ فإذا سعد يغذو جرحه دما ، فمات منها } . وحديث السوداء التي كانت تسكن في المسجد من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أيضا . وأهل الصفة كانوا سكانا في المسجد ؟ وبه إلى البخاري : ثنا مسدد ثنا يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر أخبرني نافع أخبرني عبد الله بن عمر : أنه كان ينام وهو شاب أعزب في المسجد . ومن طريق مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن { أم سلمة قالت : شكوت إلى رسول الله أني أشتكي ، قال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة } وبه إلى البخاري : ثنا عبد الله بن محمد ثنا عثمان بن عمر أنا يونس عن الزهري { عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه : أنه تقاضى ابن أبي الحدرد دينا كان له عليه في المسجد ، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله وهو في بيته فخرج إليهما فنادى : يا كعب ضع من دينك هذا ، وأومأ إليه : أي الشطر ، قال : لقد فعلت يا رسول الله ، قال : قم فاقضه } . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم عن ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة " أن عمر بن الخطاب مر بحسان بن ثابت وهو ينشد الشعر في المسجد فلحظ إليه فقال : قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك " وذكر الحديث . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إبراهيم بن موسى ثنا الوليد هو ابن مسلم ثنا الأوزاعي ثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن قتادة عن أبيه عن النبي قال : { إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه } . ورويناه أيضا من طريق قتادة عن أنس . وقد { صلى عليه السلام حاملا أمامة بنت أبي العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله } ؟ وبه إلى البخاري ثنا موسى بن إسماعيل ثنا عبد الواحد ثنا أبو بردة هو بريد بن عبد الله - أنه سمع أبا بردة هو جده عامر بن أبي موسى - عن أبيه عن النبي قال : { من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل فليأخذ على نصالها بكفه لا يعقر مسلما . } قال علي : والخبر الذي فيه النهي عن إنشاد الشعر لا يصح ؛ لأنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " ، وهي صحيفة . وروينا عن ابن عمر ، والحسن ، والشعبي : إباحة التطرق في المسجد ؟ .

499 - مسألة : ودخول المشركين في جميع المساجد : جائز ، حاشا حرم مكة كله - المسجد وغيره - فلا يحل ألبتة أن يدخله كافر . وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان وقال أبو حنيفة : لا بأس أن يدخله اليهودي ، والنصراني ، ومنع منه سائر الأديان وكره مالك دخول أحد من الكفار في شيء من المساجد . قال الله تعالى : { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } قال علي : فخص الله المسجد الحرام ، فلا يجوز تعديه إلى غيره بغير نص ، وقد كان الحرم قبل بنيان المسجد وقد زيد فيه . وقال رسول الله { : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا . } فصح أن الحرم كله هو المسجد الحرام ؟ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن يوسف ثنا الليث ثنا سعيد بن أبي سعيد سمع أبا هريرة قال : { بعث رسول الله خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه رسول الله فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : عندي خير ، يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت ؟ وذكر الحديث . وأنه عليه السلام أمر بإطلاقه في اليوم الثالث : فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، يا محمد ، والله : ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي } وذكر الحديث فبطل قول مالك ؟ وأما قول أبي حنيفة فإنه قال : إن الله تعالى قد فرق بين المشركين وبين سائر الكفار - : فقال تعالى : { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين } وقال تعالى : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم } قال : والمشرك : هو من جعل لله شريكا ، لا من لم يجعل له شريكا ؟ قال علي : لا حجة له غير ما ذكرنا فأما تعلقه بالآيتين فلا حجة له فيهما ؛ لأن الله تعالى قال : { فيهما فاكهة ونخل ورمان } والرمان من الفاكهة . وقال تعالى : { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال } وهما من الملائكة ؟ وقال تعالى : { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى } وهؤلاء من النبيين ؟ إلا أنه كان يكون ما احتج به أبو حنيفة حجة : إن لم يأت برهان بأن اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والصابئين : مشركون ، لأنه لا يحمل شيء معطوف على شيء إلا أنه غيره ، حتى يأتي برهان بأنه هو أو بعضه فنقول وبالله تعالى التوفيق - : إن أول مخالف لنص الآيتين أبو حنيفة ؛ لأن المجوس عنده : مشركون ، وقد فرق الله تعالى في الذكر بين المجوس ، وبين المشركين - فبطل تعلقه بعطف الله تعالى إحدى الطائفتين على الأخرى ؟ ثم وجدنا الله تعالى قد قال : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فلو كان هاهنا كفر ليس شركا لكان مغفورا لمن شاء الله تعالى بخلاف الشرك وهذا لا يقوله مسلم ؟ حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا إسحاق بن راهويه عن جرير هو ابن عبد الحميد عن الأعمش عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل قال : قال عبد الله بن مسعود { قال رجل : يا رسول الله ، أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : أن تدعو لله ندا ، وهو خلقك ، قال : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك } . وبه إلى مسلم : أنا عمرو بن محمد بن بكير الناقد ثنا إسماعيل ابن علية عن سعيد الجريري ثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال : كنا عند رسول الله فقال : { ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ثلاثا ؟ الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور أو قول الزور } وبه إلى مسلم : حدثني هارون بن سعيد الأيلي ثنا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله قال : { اجتنبوا السبع الموبقات ، قيل : يا رسول الله ، وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات } قال علي : فلو كان هاهنا كفر ليس شركا لكان ذلك الكفر خارجا عن الكبائر ، ولكان عقوق الوالدين ، وشهادة الزور ، أعظم منه ، وهذا لا يقوله مسلم ؟ فصح أن كل كفر شرك ، وكل شرك كفر ، وأنهما اسمان شرعيان أوقعهما الله تعالى على معنى واحد ؟ ؟ وأما حجته بأن المشرك هو من جعل لله شريكا فقط : فهي منتقضة عليه من وجهين - : أحدهما : أن النصارى يجعلون لله تعالى شريكا يخلق كخلقه ، وهو يقول : إنهم ليسوا مشركين وهذا تناقض ظاهر ؟ والثاني : أن البراهمة ، والقائلين بأن العالم لم يزل ، وأن له خالقا واحدا لم يزل ، والقائلين بنبوة علي بن أبي طالب والمغيرة وبزيغ كلهم لا يجعلون لله تعالى شريكا وهم عند أبي حنيفة مشركون ، وهو تناقض ظاهر ؟ ووجه ثالث : وهو أنه لم يكن المشرك إلا ما وقع عليه اسم التشريك في اللغة - : وهو من جعل لله تعالى شريكا فقط - : لوجب أن لا يكون الكفر إلا من كفر بالله تعالى وأنكره جملة ، لا من أقر به ولم يجحده ، فيلزم من هذا أن لا يكون الكفار إلا الدهرية فقط ، وأن لا يكون اليهود ، ولا النصارى ، ولا المجوس ، ولا البراهمة . كفارا ؛ لأنهم كلهم مقرون بالله تعالى ، وهو لا يقول بهذا ، ولا مسلم على ظهر الأرض . أو كان يجب أن يكون كل من غطى شيئا : كافرا ، فإن الكفر في اللغة : التغطية ، فإذا كل هذا باطل فقد صح أنهما اسمان نقلهما الله تعالى عن موضوعهما في اللغة إلى كل من أنكر شيئا من دين الله الإسلام يكون بإنكاره معاندا لرسول الله بعد بلوغ النذارة إليه ، وبالله تعالى التوفيق .

500 - مسألة : واللعب ، والزفن مباحان في المسجد حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا زهير بن حرب ثنا جرير هو ابن عبد الحميد - عن هشام بن عروة عن أبيه عن { عائشة أم المؤمنين قالت : جاء حبش يزفنون في المسجد في يوم عيد فدعاني النبي فوضعت رأسي على منكبه ، فجعلت أنظر إلى لعبهم ، حتى كنت أنا التي انصرفت } .

501 - مسألة : ولا يجوز إنشاد الضوال في المساجد : " فمن نشدها فيه قيل له : لا وجدت : لا ردها الله عليك " - : حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا الحجي ثنا عبد العزيز هو الدراوردي - حدثني يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله { إذا رأيتم الرجل ينشد ضالته - يعني في المسجد - فقولوا : لا رد الله عليك . } . وقد روينا أيضا " لا وجدت " .

502 - مسألة : ولا يجوز البول في المسجد فمن بال فيه صب على بوله ذنوبا من ماء ، ولا يجوز البصاق ، فمن بصق فيه فليدفن بصقته . ولا يحل أن يبنى مسجد بذهب ، ولا فضة ، إلا المسجد الحرام خاصة ؟ - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا قتيبة بن سعيد ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله  : { البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها } . وروينا القول بذلك عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاوية ؟ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أن أبا هريرة قال : { قام أعرابي فبال في المسجد ، فتناوله الناس فقال لهم النبي دعوه وأهريقوا على بوله سجلا من ماء ، أو ذنوبا من ماء ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين } قال علي : { أمر النبي بتنظيف المساجد وتطييبها } كما أوردنا قبل يقتضي كل ما وقع عليه اسم تنظيف وتطييب ، والتنظيف والتطييب : يوجبان إبعاد كل محرم ، وكل قذر ، وكل قمامة ، فلا بد من إذهاب عين البول وغيره - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا سليمان بن الأشعث ثنا محمد بن الصباح بن سفيان أنا سفيان بن عيينة عن سفيان الثوري عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال : قال رسول الله  : { ما أمرت بتشييد المساجد } قال ابن عباس : لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عمرو بن العباس ثنا عبد الرحمن هو ابن مهدي - ثنا سفيان الثوري عن واصل عن أبي وائل قال : جلست إلى شيبة يعني ابن عثمان بن أبي طلحة الحجبي - قال : جلس إلي عمر في مجلسك هذا فقال : هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين ، قلت : ما أنت بفاعل ، قال : لم ؟ قلت : لم يفعله صاحباك ، قال : هما المرءان يقتدى بهما " . وروينا عن أبي الدرداء : إذا حليتم مصاحفكم ، وزخرفتم مساجدكم : فالدمار عليكم ؟ وعن علي بن أبي طالب أنه قال : إن القوم إذا زينوا مساجدهم : فسدت أعمالهم ، وأنه كان يمر على مسجد للتيم مشوف فكان يقول : هذه بيعة التيم وعن عمر بن الخطاب أنه قال لمن أراد أن يبني مسجدا : لا تحمر ، ولا تصفر ؟

503 - مسألة : ولا يحل بناء مسجد عليه بيت متملك ليس من المسجد ، ولا بناء مسجد تحته بيت متملك ليس منه ، فمن فعل ذلك فليس شيء من ذلك مسجدا ، وهو باق على ملك بانيه كما كان ؟ برهان ذلك - : أن الهواء لا يتملك ، لأنه لا يضبط ولا يستقر ؟ وقال تعالى : { وأن المساجد لله } فلا يكون مسجدا إلا خارجا عن ملك كل أحد دون الله تعالى لا شريك له فإذ ذلك كذلك فكل بيت متملك لإنسان فله أن يعليه ما شاء ، ولا يقدر على إخراج الهواء الذي عليه عن ملكه ، وحكمه الواجب له ، لا إلى إنسان ولا غيره . وكذلك إذا بني على الأرض مسجدا وشرط الهواء له يعمل فيه ما شاء : فلم يخرجه عن ملكه إلا بشرط فاسد . وقد قال رسول الله  : { كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل } . وأيضا : فإذا عمل مسجدا على الأرض وأبقى الهواء لنفسه : فإن كان السقف له ؟ فهذا مسجد لا سقف له ، ولا يكون بناء بلا سقف أصلا . وإن كان السقف للمسجد ؟ فلا يحل له التصرف عليه بالبناء . وإن كان المسجد في العلو والسقف للمسجد : - فهذا مسجد لا أرض له ، وهذا باطل . فإن كان للمسجد فلا حق له فيه ، فإنما أبقى لنفسه بيتا بلا سقف ، وهذا محال ؟ ؟ وأيضا : فإن كان المسجد سفلا ؟ فلا يحل له أن يبني على رءوس حيطانه شيئا ، واشتراط ذلك باطل ؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله . وإن كان المسجد علوا ، فله هدم حيطانه متى شاء ، وفي ذلك هدم المسجد وانكفاؤه ولا يحل منعه من ذلك ؛ لأنه منع له من التصرف في ماله ، وهذا لا يحل .

504 - مسألة : والبيع جائز في المساجد قال الله تعالى : { وأحل الله البيع } ولم يأت نهي عن ذلك إلا من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وهي صحيفته .

محلى ابن حزم - المجلد الأول/كتاب الصلاة

كتاب الصلاة (مسألة 275 - 280) | كتاب الصلاة (مسألة 281 - 284) | كتاب الصلاة (مسألة 285) | كتاب الصلاة (مسألة 286) | كتاب الصلاة (تتمة مسألة 286) | كتاب الصلاة (مسألة 287 - 295) | كتاب الصلاة (مسألة 296 - 300) | كتاب الصلاة (مسألة 301) | كتاب الصلاة (تتمة مسألة 301) | كتاب الصلاة (مسألة 302 - 313) | كتاب الصلاة (مسألة 314 - 321) | كتاب الصلاة (مسألة 322 - 334) | كتاب الصلاة (مسألة 335) | كتاب الصلاة (مسألة 336) | كتاب الصلاة (مسألة 337 - 347) | كتاب الصلاة (مسألة 344 - 348) | كتاب الصلاة (مسألة 349) | كتاب الصلاة (مسألة 350 - 353) | كتاب الصلاة (مسألة 354 - 360) | كتاب الصلاة (مسألة 361 - 368) | كتاب الصلاة (مسألة 369 - 371) | كتاب الصلاة (مسألة 372 - 376) | كتاب الصلاة (مسألة 377 - 384) | كتاب الصلاة (مسألة 385 - 391) | كتاب الصلاة (مسألة 392 - 394) | كتاب الصلاة (مسألة 395 - 412) | كتاب الصلاة (مسألة 413 - 420) | كتاب الصلاة (مسألة 421 - 434) | كتاب الصلاة (مسألة 435 - 442) | كتاب الصلاة (مسألة 443 - 446) | كتـاب الصلاة (مسألة 447 - 453) | كتـاب الصلاة (مسألة 454 - 458) | كتـاب الصلاة (مسألة 459 - 461) | كتـاب الصلاة (مسألة 462 - 466) | كتـاب الصلاة (مسألة 467 - 472) | كتـاب الصلاة (مسألة 473 - 484) | كتـاب الصلاة (مسألة 485) | كتـاب الصلاة (مسألة 486 - 488) | كتـاب الصلاة (مسألة 489 - 493) | كتـاب الصلاة (مسألة 494 - 496) | كتـاب الصلاة (مسألة 497 - 504) | كتـاب الصلاة (مسألة 505) | كتـاب الصلاة (مسألة 506 - 510) | كتـاب الصلاة (مسألة 511 - 512) | كتـاب الصلاة (مسألة 513) | كتـاب الصلاة (مسألة 514 - 518) | كتـاب الصلاة (مسألة 519 - 520) | كتاب الصلاة (مسألة 521 - 523) | كتاب الصلاة (مسألة 524 - 529) | كتاب الصلاة (مسألة 530 - 540) | كتاب الصلاة (مسألة 543 - 553) | كتاب الصلاة (مسألة 554 - 555) | كتاب الصلاة (مسألة 556 - 557)