كتاب الأم/كتاب سير الأوزاعي/باب ما جاء في صلاة الحرس
قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: إذا كان الحرس يحرسون دار الإسلام أن يدخلها العدو فكان في الحرس من يكتفي به فالصلاة أحب إلي قال الأوزاعي بلغنا أن حارس الحرس يصبح وقد أوجب في ما لم يمض في هذا المصلى مثل هذا الفضل قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا احتاج المسلمون إلى حرس فالحرس أفضل من الصلاة فإذا كان في الحرس من يكفيه ويستغنى به فالصلاة لأنه قد يحرس أيضا وهو في الصلاة حتى لا يغفل عن كثير مما يجب عليه من ذلك فيجمع أجرهما أفضل. أخبرنا محمد بن إسحاق والكلبي: (أن رسول الله ﷺ نزل واديا فقال من يحرسنا في هذا الوادي الليلة؟ فقال رجلان نحن فأتيا رأس الوادي وهما مهاجري وأنصاري فقال أحدهما لصاحبه أي الليل أحب إليك؟ فاختار أحدهما أوله والآخر آخره فنام أحدهما وقام الحارس يصلي).
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: إن كان المصلي وجاه الناحية التي لا يأتي العدو إلا منها وكانت الصلاة لا تشغل طرفه ولا سمعه عن رؤية الشخص وسماع الحس فالصلاة أولى لأنه مصل حارس وزائد أن يمتنع بالصلاة من النعاس وإن كانت الصلاة تشغل سمعه وبصره حتى يخاف تضييعه فالحراسة أحب إلا أن يكون الحرس جماعة فيصلي بعضهم دون بعض فالصلاة أعجب إلى إذا بقي من الحرس من يكفي وإذا كان العدو في غير جهة القبلة فكذلك إذا كانوا جماعة أن يصلي بعضهم أحب إلي لأن ثم من يكفيه وإن كان وحده والعدو في غير جهة القبلة فالحراسة أحب إلي من الصلاة تمنعه من الحراسة.