كتاب الأم/كتاب سير الأوزاعي/المدبرة وأم الولد تسبيان هل يطؤهما سيدهما إذا دخل بأمان
سئل أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن المدبرة أسرها العدو وأم الولد فدخل سيدهما بأمان فقال إنه لا بأس أن يطأهما إن لقيهما لأنهما له ولأنهم لم يحوزوهما وقال الأوزاعي لا يحل له أن يطأ فرجا يطؤه المولى سرا والزوج الكافر علانية ولو لقيها وليس لها زوج ما كان له أن يطأها حتى يخلوا بينها وبينه ويخرج بها ولو كان له ولد منها كانوا أملك به منه وقال أبو يوسف قول الأوزاعي هذا ينقض بعضه بعضا قال الأوزاعي في غير هذه المسألة لا بأس أن يطأ السبي في دار الحرب وكره أن يطأ أم الولد التي لا شأن له في ملكها كيف هذا؟ قال أبو يوسف كان أبو حنيفة يكره أن يطأ الرجل امرأته أو مدبرته أو أمته في دار الحرب لأنها ليست بدار مقام وكره له المقام فيها وكره له أن يكون له فيها نسل على قياس ما قال في مناكحتهم ولكنه كان يقول أم الولد والمدبرة ليس يملكهما العدو وكان يقول إن وطئهما في دار الحرب فقد وطئ ما يملك ولم يكن يقول إن كان لها زوج هنالك يطؤها أن لمولاها أن يطأها.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: زعم أبو يوسف أن قول الأوزاعي ينقض بعضه بعضا روى عنه أنه قال لا بأس بوطء السبي ببلاد العدو وهو كما قال الأوزاعي وقد وطئ أصحاب رسول الله ﷺ بعد الاستبراء في بلاد العدو: (وعرس رسول الله ﷺ بصفية بالصهباء) وهي غير بلاد المسلمين يومئذ والسبي قد جرى عليهم الرق وانقطعت العصم بينهم وبين من يملكهم بنكاح أو شراء وكره الأوزاعي أن يطأ الرجل أم ولده وهي زوجة لغيره وأبو حنيفة كان أولى أن يكره هذا في أصل قوله من الأوزاعي من قبل معنيين أحدهما ما يزعم أن شاهدين لو شهدا على رجل بزور أنه طلق امرأته ثلاثا ففرق القاضي بينهما كان لأحدهما أن ينكحها حلالا وهو يعلم أنها زوجة لغيره والثاني أنه يكره أن يطأ الرجل ما ملكت يمينه في بلاد العدو فهو أولى أن ينسب في تناقض القول في هذا من الأوزاعي وليس هو كما قال الأوزاعي للرجل أن يطأ أم ولده وأمته في بلاد العدو وليس يملك العدو من المسلمين شيئا ألا ترى أن المسلمين لو ظفروا بشيء أحرزه العدو وحضر صاحبه قبل القسم كان أحق به من المسلمين الذين أوجفوا عليه ولو كان العدو ملكوه ملكا تاما ما كان إلا لمن أوجف عليه كما يكون سائر ملكهم غير أنا نحب للرجل إذا شركه في بضع جاريته غيره أن يتوقى وطأها للولد.