كتاب الأم/كتاب سير الأوزاعي/الحربي المستأمن يسلم في دار الإسلام
قال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه في الرجل من أهل الحرب يخرج مستأمنا إلى دار الإسلام فيسلم فيها ثم يظهر المسلمون على الدار التي فيها أهله وعياله هم فيء أجمعون وقال الأوزاعي يترك له أهله وعياله كما ترك رسول الله ﷺ لمن معه من المسلمين أهله وعياله حين ظهر على مكة قال أبو يوسف ليس في هذا حجة على أبي حنيفة وقد ترك رسول الله ﷺ لأهل الشرك ممن أهله بمكة أموالهم وعيالهم وعفا عنهم جميعا.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: هذه مثل المسألة الأولى بل خروج المسلم الذي كان مشركا إلى دار الإسلام أولى أن يحرز له دمه وماله وعياله الذين لم يبلغوا من ولده من المسلم في بلاد الشرك فكيف يترك للأول بعض ماله ولا يترك لهذا الذي هو خير حالا منه بعض ماله؟ بل جميع ماله كله له وكل مولود له لم يبلغ متروك له وكل بالغ من ولده وزوجته يسبى لأن حكمهم حكم أنفسهم لا حكمه ومن أحرز له الإسلام دمه قبل أن يقدر عليه أحرز له الإسلام ماله، وماله أصغر قدرا من دمه والحجة في هذا مثل الحجة في الأولى وقد أصاب الأوزاعي فيها وحجته بمكة وأهلها ليست بشيء ليست مكة من هذا بسبيل لا في هذه ولا في المسألة الأولى. قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لو كال هذا الرجل أسلم في دار الحرب كان له ولده الصغار لأنهم مسلمون على دينه وما سوى ذلك من أهله وماله فهو فيء. وقال الأوزاعي حال هذا كحال المهاجرين من مكة إلى رسول الله ﷺ يرد إليه أهله وماله كما رده لأولئك قال أبو يوسف قد فرغنا من القول في هذا والقول فيه كما قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: القول فيه ما قال الأوزاعي والحجة فيه مثل الحجة في الأولين.