كتاب الأم/كتاب الصلاة/باب صلاة المريض

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: باب صلاة المريض


قال الله عز وجل: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} فقيل: والله سبحانه وتعالى أعلم قانتين مطيعين وأمر رسول الله بالصلاة قائما.

[قال الشافعي]: - رحمه الله تعالى - وإذا خوطب بالفرائض من أطاقها فإذا كان المرء مطيقا للقيام في الصلاة لم يجزه إلا هو إلا عندما ذكرت من الخوف.

[قال الشافعي]: وإذا لم يطق القيام صلى قاعدا وركع وسجد إذا أطاق الركوع والسجود أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (أن رسول الله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فوجد النبي خفة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر فأم رسول الله أبا بكر وهو قاعد وأم أبو بكر الناس وهو قائم) أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني ابن أبي مليكة أن عبيد بن عمير الليثي حدثه (أن رسول الله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس الصبح وأن أبا بكر كبر فوجد النبي بعض الخفة فقام يفرج الصفوف قال وكان أبو بكر لا يلتفت إذا صلى فلما سمع أبو بكر الحس من ورائه عرف أنه لا يتقدم ذلك المقام المقدم إلا رسول الله فخنس وراءه إلى الصف فرده رسول الله مكانه فجلس رسول الله إلى جنبه وأبو بكر قائم حتى إذا فرغ أبو بكر قال أي رسول الله أراك أصبحت صالحا وهذا يوم بنت خارجة فرجع أبو بكر إلى أهله فمكث رسول الله مكانه وجلس إلى جنب الحجر يحذر الناس الفتن وقال إني والله لا يمسك الناس علي شيئا إني والله لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه يا فاطمة بنت رسول الله وصفية عمة رسول الله اعملا لما عند الله فإني لا أغني عنكما من الله شيئا).

[قال الشافعي]: ويصلي الإمام قاعدا ومن خلفه قياما إذا أطاقوا القيام ولا يجزي من أطاق القيام أن يصلي إلا قائما وكذلك إذا أطاق الإمام القيام صلى قائما ومن لم يطق القيام ممن خلفه صلى قاعدا.

[قال الشافعي]: وهكذا كل حال قدر المصلي فيها على تأدية فرض الصلاة كما فرض الله تعالى عليه صلاها وصلى ما لا يقدر عليه كما يطيق.

فإن لم يطق المصلي القعود وأطاق أن يصلي مضطجعا صلى مضطجعا وإن لم يطق الركوع والسجود صلى مومئا وجعل السجود أخفض من إيماء الركوع.

[قال الشافعي]: فإذا كان بظهره مرض لا يمنعه القيام ويمنعه الركوع لم يجزه إلا أن يقوم وأجزأه أن ينحني كما يقدر في الركوع فإن لم يقدر على ذلك بظهره حتى رقبته فإن لم يقدر على ذلك إلا بأن يعتمد على شيء اعتمد عليه مستويا، أو في شق، ثم ركع ثم رفع، ثم سجد وإن لم يقدر على السجود جلس أومأ إيماء.

وإن قدر على السجود على صدغه ولم يقدر عليه على جبهته طأطأ رأسه ولو في شق، ثم سجد على صدغه وكان أقرب ما يقدر عليه من السجود مستويا، أو على أي شقيه كان لا يجزيه أن يطيق أن يقارب السجود بحال إلا قاربه.

[قال الشافعي]: ولا يرفع إلى جبهته شيئا ليسجد عليه؛ لأنه لا يقال له ساجد حتى يسجد بما يلصق بالأرض فإن وضع وسادة على الأرض فسجد عليها أجزأه ذلك إن شاء الله تعالى. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن عن أمه قالت: رأيت أم سلمة زوج النبي تسجد على وسادة من أدم من رمد بها.

[قال الشافعي]: ولو سجد الصحيح على وسادة من أدم لاصقة بالأرض كرهته له ولم أر عليه أن يعيد كما لو سجد على ربوة من الأرض أرفع من الموضع الذي يقوم عليه لم يعد.

[قال الشافعي]: وإن قدر المصلي على الركوع ولم يقدر على القيام كان في قيامه راكعا وإذا ركع خفض عن قدر قيامه ثم يسجد وإن لم يقدر على أن يصلي إلا مستلقيا صلى مستلقيا يومئ إيماء.

[قال الشافعي]: وكل حال أمرته فيها أن يصلي كما يطيق فإذا أصابها ببعض المشقة المحتملة لم يكن له أن يصلي إلا كما فرض الله عليه إذا أطاق القيام ببعض المشقة قام فأتى ببعض ما عليه في القيام من قراءة أم القرآن وأحب أن يزيد معها شيئا وإنما آمره بالقعود إذا كانت المشقة عليه غير محتملة، أو كان لا يقدر على القيام بحال وهكذا هذا في الركوع والسجود لا يختلف ولو أطاق أن يأتي بأم القرآن وقل هو الله أحد وأم القرآن في الركعة الأخرى وإنا أعطيناك الكوثر منفردا قائما ولم يقدر على صلاة الإمام لا يقرأ بأطول مما وصفت إلا جالسا، أمرته أن يصلي منفردا وكان له عذر بالمرض في ترك الصلاة مع الإمام.

ولو صلى مع الإمام فقدر على القيام في بعض ولم يقدر عليه في بعض صلى قائما ما قدر وقاعدا ما لم يقدر وليست عليه إعادة.

ولو افتتح الصلاة قائما ثم عرض له عذر جلس فإن ذهب عنه لم يجزه إلا أن يقوم فإن كان قرأ بما يجزيه جالسا لم يكن عليه إذا قام أن يعيد قراءة وإن بقي عليه من قراءته شيء قرأ بما بقي منها قائما، كأن قرأ بعض أم القرآن جالسا، ثم برئ فلا يجزيه أن يقرأ جالسا وعليه أن يقرأ ما بقي قائما ولو قرأه ناهضا في القيام لم يجزه ولا يجزيه حتى يقرأه قائما معتدلا إذا قدر على القيام وإذا قرأ ما بقي قائما، ثم حدث له عذر فجلس قرأ ما بقي جالسا فإن حدثت له إفاقة قام وقرأ ما بقي قائما ولو قرأ قاعدا أم القرآن وشيئا معها، ثم أفاق فقام لم يكن له أن يركع حتى يعتدل قائما فإن قرأ قائما كان أحب إلي وإن لم يقرأ فركع بعد اعتداله قائما أجزأته ركعته وإذا ركع قبل أن يعتدل قائما وهو يطيق ذلك وسجد ألغى هذه الركعة والسجدة وكان عليه أن يقوم فيعتدل قائما، ثم يركع ويسجد وليس عليه إعادة قراءة فإن لم يفعل حتى يقوم فيقرأ، ثم يركع ثم يسجد لم يعتد بالركعة التي قرأ فيها وسجد فكان السجود للركعة التي قبلها وكانت سجدة وسقطت عنه إحدى الركعتين، ولو فرغ من صلاته واعتد بالركعة التي لم يعتدل فيها قائما، فإن ذكر وهو في الوقت الذي له أن يبني لو سها فانصرف قبل أن يكمل صلاته كبر وركع وسجد وسجد للسهو وأجزأته صلاته، وإن لم يذكر ذلك حتى يخرج من المسجد، أو يطول ذلك استأنف الصلاة وهكذا هذا في كل ركعة وسجدة وشيء من صلب الصلاة أطاقه فإن لم يأت به كما أطاقه.

ولو أطاق سجدة فلم يسجدها وأومأ إيماء سجدها ما لم يركع الركعة التي بعدها وإن لم يسجدها وأومأ بها وهو يطيق سجودها، ثم قرأ بعد ما ركع لم يعتد بتلك الركعة وسجدها، ثم أعاد القراءة والركوع بعدها لا يجزيه غير ذلك وإن ركع وسجد سجدة فتلك السجدة مكان التي أطاقها وأومأ بها فقام فقرأ وركع ولم يعتد بتلك الركعة وكذلك لو سجد سجدتين كانت إحداهما مكانها ولم يعتد بالثانية؛ لأنها سجدة قبل ركوع وإنما تجزي عنه سجدة مكان سجدة قبلها تركها، أو فعل فيها ما لا يجزيه إذا سجد السجدة التي بعدها على أنها من صلب الصلاة.

فأما لو ترك سجدة من صلب الصلاة وأومأ بها وهو يقدر عليها، ثم سجد بعدها سجدة من سجود القرآن، أو سجدة سهو، لا يريد بها صلب الصلاة لم تجز عنه من السجدة التي ترك، أو، أومأ بها.

[قال الشافعي]: وهكذا أم الولد والمكاتبة والمدبرة والأمة يصلين معا بغير قناع، ثم يعتقن قبل أن يكملن الصلاة عليهن أن يتقنعن ويتممن الصلاة فإن تركن القناع بعد ما يمكنهن أعدن تلك الصلاة ولو صلين بغير قناع وقد عتقن لا يعلمن بالعتق أعدن كل صلاة صلينها بلا قناع من يوم عتقن؛ لأنهن يرجعن إلى أن يحطن بالعتق فيرجعن إلى اليقين.

[قال الشافعي]: ولو كانت منهن مكاتبة عندها ما تؤدي وقد حلت نجومها فصلت بلا قناع كرهت ذلك لها وأجزأتها صلاتها؛ لأنها لا تعتق إلا بالأداء وليس بمحرم عليها أن تبقى رقيقا وإنما أرى أن محرما عليها المطل وهي تجد الأداء وكذلك إن قال لأمة له: أنت حرة إن دخلت في يومك هذه الدار فتركت دخولها وهي تقدر على الدخول حتى صلت بلا قناع، ثم دخلت، أو لم تدخل لم تعد صلاتها؛ لأنها صلتها قبل أن تعتق وكذلك لو قال لها أنت حرة إن شئت فصلت وتركت المشيئة ثم أعتقها بعد لم تعد تلك الصلاة.

وإن أبطأ عن الغلام الحلم فدخل في صلاة فلم يكملها حتى استكمل خمس عشرة سنة من مولده فأتمها أحببت له أن يستأنفها من قبل أنه صار ممن يلزمه جميع الفرائض في وقت صلاة فلم يصلها بكمالها بالغا ولو قطعها واستأنفها أجزأت عنه ولو أهل بالحج في هذه الحالة فاستكمل خمس عشرة سنة بعد فوت عرفة، أو احتلم مضى في حجه وكان عليه أن يستأنف حجا؛ لأنه لم يكن ممن أدرك الحج يعمل عمله وهو من أهل الفرائض كلها ولو صام يوما من شهر رمضان فلم يكمله حتى احتلم، أو استكمل خمس عشرة أحببت أن يتم ذلك اليوم، ثم يعيده؛ لما وصفت ولا يعود لصوم قبله لأنه لم يبلغ حتى مضى ذلك اليوم وكذلك لا يعود لصلاة صلاها قبل بلوغه؛ لأنها قد مضت قبل بلوغه وكل صلاة غير التي تليها. وكذلك كل صوم يوم غير الذي يليه ولا يبين أن هذا عليه في الصلاة ولا في الصوم فأما في الحج فبين.

كتاب الأم - كتاب الصلاة
باب أصل فرض الصلاة | أول ما فرضت الصلاة | عدد الصلوات الخمس | فيمن تجب عليه الصلاة | صلاة السكران والمغلوب على عقله | الغلبة على العقل في غير المعصية | صلاة المرتد | جماع مواقيت الصلاة | وقت الظهر | تعجيل الظهر وتأخيرها | وقت العصر | وقت المغرب | وقت العشاء | وقت الفجر | اختلاف الوقت | وقت الصلاة في السفر | الرجل يصلي وقد فاتته قبلها صلاة | باب صلاة العذر | باب صلاة المريض | باب جماع الأذان | باب وقت الأذان للصبح | باب عدد المؤذنين وأرزاقهم | باب حكاية الأذان | باب استقبال القبلة بالأذان | باب الكلام في الأذان | باب الرجل يؤذن ويقيم غيره | باب الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين والصلوات | باب اجتزاء المرء بأذان غيره وإقامته وإن لم يقم له | باب رفع الصوت بالأذان | باب الكلام في الأذان | باب في القول مثل ما يقول المؤذن | باب جماع لبس المصلي | باب كيف لبس الثياب في الصلاة | باب الصلاة في القميص الواحد | باب ما يصلى عليه مما يلبس ويبسط | باب صلاة العراة | باب جماع ما يصلى عليه ولا يصلى من الأرض | باب الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم | باب استقبال القبلة | كيف استقبال البيت | فيمن استبان الخطأ بعد الاجتهاد | باب الحالين اللذين يجوز فيهما استقبال غير القبلة | الحال الثانية التي يجوز فيها استقبال غير القبلة | باب الصلاة في الكعبة | باب النية في الصلاة | باب ما يدخل به في الصلاة من التكبير | باب من لا يحسن القراءة وأقل فرض الصلاة والتكبير في الخفض والرفع | باب رفع اليدين في التكبير في الصلاة | باب افتتاح الصلاة | باب التعوذ بعد الافتتاح | باب القراءة بعد التعوذ | باب التأمين عند الفراغ من قراءة أم القرآن | باب القراءة بعد أم القرآن | باب كيف قراءة المصلي | باب التكبير للركوع وغيره | باب القول في الركوع | باب القول عند رفع الرأس من الركوع | باب كيف القيام من الركوع | باب كيف السجود | باب التجافي في السجود | باب الذكر في السجود | باب الجلوس إذا رفع من السجود بين السجدتين والجلوس من الآخرة للقيام والجلوس | باب القيام من الجلوس | باب التشهد والصلاة على النبي | باب القيام من اثنتين | باب قدر الجلوس في الركعتين الأوليين والأخريين والسلام في الصلاة | باب السلام في الصلاة | الكلام في الصلاة | الخلاف في الكلام في الصلاة | باب كلام الإمام وجلوسه بعد السلام | باب انصراف المصلي إماما، أو غير إمام عن يمينه وشماله | باب سجود السهو وليس في التراجم وفيه نصوص | باب سجود التلاوة والشكر | باب صلاة التطوع وليس في التراجم وفيه نصوص وكلام منثور | باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة | باب في الوتر | باب الساعات التي تكره فيها الصلاة | باب الخلاف في هذا الباب | صلاة الجماعة | فضل الجماعة والصلاة معهم | العذر في ترك الجماعة | الصلاة بغير أمر الوالي | إذا اجتمع القوم وفيهم الوالي | إمامة القوم لا سلطان فيهم | اجتماع القوم في منزلهم سواء | صلاة الرجل بصلاة الرجل لم يؤمه | كراهية الإمامة | ما على الإمام | من أم قوما وهم له كارهون | ما على الإمام من التخفيف | باب صفة الأئمة وليس في التراجم | صلاة المسافر يؤم المقيمين | صلاة الرجل بالقوم لا يعرفونه | إمامة المرأة للرجال | إمامة المرأة وموقفها في الإمامة | إمامة الأعمى | إمامة العبد | إمامة الأعجمي | إمامة ولد الزنا | إمامة الصبي لم يبلغ | إمامة من لا يحسن يقرأ ويزيد في القرآن | إمامة الجنب | إمامة الكافر | إمامة من لا يعقل الصلاة | موقف الإمام | صلاة الإمام قاعدا | مقام الإمام ارتفعا والمأموم مرتفع ومقام الإمام بينه وبين الناس مقصورة وغيرها | اختلاف نية الإمام والمأموم | خروج الرجل من صلاة الإمام | الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر | الائتمام بإمامين معا | ائتمام الرجلين أحدهما بالآخر وشكهما | باب المسبوق | باب صلاة المسافر | جماع تفريع صلاة المسافر | السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف | تطوع المسافر | باب المقام الذي يتم بمثله الصلاة | إيجاب الجمعة | العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة | من تجب عليه الجمعة بمسكنه | من يصلى خلفه الجمعة | الصلاة في مسجدين فأكثر | الأرض تكون بها المساجد | وقت الجمعة | وقت الأذان للجمعة | متى يحرم البيع | التبكير إلى الجمعة | المشي إلى الجمعة | الهيئة للجمعة | الصلاة نصف النهار يوم الجمعة | من دخل المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر ولم يركع | تخطي رقاب الناس يوم الجمعة | النعاس في المسجد يوم الجمعة | مقام الإمام في الخطبة | الخطبة قائما | أدب الخطبة | القراءة في الخطبة | كلام الإمام في الخطبة | كيف استحب أن تكون الخطبة | ما يكره من الكلام في الخطبة وغيرها | الإنصات للخطبة | من لم يسمع الخطبة | الرجل يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة | الاحتباء في المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر | القراءة في صلاة الجمعة | القنوت في الجمعة | من أدرك ركعة من الجمعة | الرجل يركع مع الإمام، ولا يسجد معه يوم الجمعة، وغيرها | الرجل يرعف يوم الجمعة | رعاف الإمام وحدثه | التشديد في ترك الجمعة | ما يؤمر به في ليلة الجمعة، ويومها | ما جاء في فضل الجمعة | السهو في صلاة الجمعة