مقدمة ابن الصلاح/النوع الأربعون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


النوع الموفي أربعين: معرفة التابعين

هذا ومعرفة الصحابة أصل أصيل يرجع إليه في معرفة المرسل والمسند.

قال الخطيب الحافظ: التابعي من صحب الصحابي.

قلت: ومطلقة مخصوص بالتابع بإحسان. ويقال للواحد منهم تابع وتابعي.

وكلام الحاكم أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه أن يسمع من الصحابي أو يلقاه، وإن لم توجد الصحبة العرفية. والاكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابي، نظرا إلى مقتض اللفظين فيهما.

وهذه مهمات في هذا النوع:

إحداها: ذكر الحافظ أبو عبد الله: أن التابعين على خمس عشرة طبقة:

الأولى: الذين لحقوا العشرة سعيد بن المسيب، وقيس بن أبي حازم، وأبو عثمان النهدي، وقيس بن عباد، وأبو ساسان حضين بن المنذر، وأبو وائل، وأبو رجاء العطاردي وغيرهم. وعليه في بعض هؤلاء إنكار، فإن سعيد بن المسيب ليس بهذه المثابة، لأنه ولد في خلافة عمر، ولم يسمع من أكثر العشرة. وقد قال بعضهم: لا تصح له رواية عن أحد من العشرة إلا سعد بن أبي وقاص.

قلت: وكان سعد آخرهم موتا.

وذكر الحاكم قبل كلامه المذكور: أن سعيدا أدرك عمر فمن بعده إلى آخر العشرة.

وقال: ليس في جماعة التابعين من أدركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم. وليس ذلك على ما قال كما ذكرناه. نعم، قيس بن أبي حازم سمع العشرة وروى عنهم، وليس في التابعين أحد روى عن العشرة سواه، ذكر ذلك عبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ، فيما روينا أو بلغنا عنه. وعن أبي داود السجستاني أنه قال: روى عن التسعة: ولم يروِ عن عبد الرحمن بن عوف.

ويلي هؤلاء: التابعون الذين ولدوا في حياة رسول الله من أبناء الصحابة كعبد الله بن أبي طلحة، وأبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف، وأبي إدريس الخولاني، وغيرهم.

الثانية: المخضرمون من التابعين: هم الذين أدركوا الجاهلية، وحياة رسول الله وأسلموا، ولا صحبة لهم. وحدهم مخضرم - بفتح الراء - كأنه خضرم أي قطع عن نظرائه الذين أدركوا الصحبة وغيرها.

وذكرهم مسلم فبلغ بهم عشرين نفسا، منهم: أبو عمرو الشيباني، وسويد بن غفلة الكندي، وعمرو بن ميمون الأودي، وعبد خير بن يزيد الخيواني، وأبو عثمان النهدي، وعبد الرحمن بن ملٍّ، وأبو الحلال العتكي ربيعة بن زرارة.

وممن لم يذكره مسلم: منهم أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب، والأحنف بن قيس، والله أعلم.

الثالثة: من أكابر التابعين الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وهم سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار.

روينا عن الحافظ أبي عبد الله أنه قال: هؤلاء الفقهاء السبعة عند الأكثر من علماء الحجاز.

وروينا عن ابن المبارك قال: كان فقهاء أهل المدينة الذين يصدرون عن رأيهم سبعة فذكر هؤلاء إلا أنه لم يذكر أبا سلمة بن عبد الرحمن، وذكر بدله سالم بن عبد الله بن عمر.

وروينا عن أبي الزناد تسميتهم في كتابه عنهم، فذكر هؤلاء، إلا أنه ذكر أبا بكر بن عبد الرحمن بدل أبي سلمة وسالم.

الرابعة: ورد عن أحمد بن حنبل أنه قال: أفضل التابعين سعيد بن المسيب. فقيل له: فعلقمة والأسود ؟ فقال: سعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود.

وعنه أنه قال: لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي، وقيس بن أبي حازم.

وعنه أيضا أنه قال: أفضل التابعين قيس، وأبو عثمان وعلقمة، ومسروق، هؤلاء كانوا فاضلين، ومن علية التابعين.

وأعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي في كتاب له، قال: اختلف الناس في أفضل التابعين: فأهل المدينة يقولون: سعيد بن المسيب. وأهل الكوفة يقولون: أويس القرني. وأهل البصرة يقولون: الحسن البصري.

وبلغنا عن أحمد بن حنبل قال: ليس أحد أكثر فتوى من الحسن، وعطاء، يعني من التابعين.

وقال أيضا: كان عطاء مفتي مكة والحسن مفتي البصرة، فهذان أكثر الناس عنهم رأيهم.

وبلغنا عن أبي بكر بن أبي داود قال: سيدتا التابعين من النساء حفصة بنت سيرين، وعمرة بنت عبد الرحمن. وثالثهما - وليست كهما - أم الدرداء، والله أعلم.

الخامسة: روينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: طبقة تعد في التابعين، ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة، منهم: إبراهيم بن سويد النخعي الفقيه، وليس بإبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه، وبكير بن أبي السميط، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وذكر غيرهم.

قال: وطبقة عدادهم عند الناس في أتباع التابعين وقد لقوا الصحابة، منهم: أبو الزناد عبد الله بن ذكوان لقي عبد لله بن عمر وأنسا، وهشام بن عروة، وقد أدخل على عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله. وموسى بن عقبة، وقد أدرك أنس بن مالك وأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص. وفي بعض ما قاله مقال.

قلت: وقوم عُدوا من التابعين وهم من الصحابة، ومن أعجب ذلك عَدُّ الحاكم أبي عبد الله: النعمان وسويدا ابني مقرن المزني في التابعين، عندما ذكر الأخوة من التابعين، وهما صحابيان معروفان مذكوران في الصحابة، والله أعلم.

مقدمة ابن الصلاح
المقدمة | النوع الأول معرفة الصحيح | النوع الثاني معرفة الحسن | النوع الثالث معرفة الضعيف | النوع الرابع معرفة المسند | النوع الخامس معرفة المتصل | النوع السادس معرفة المرفوع | النوع السابع معرفة الموقوف | النوع الثامن معرفة المقطوع | النوع التاسع معرفة المرسل | النوع العاشر معرفة المنقطع | النوع الحادي عشر معرفة المعضل | النوع الثاني عشر معرفة التدليس وحكم المدلس | النوع الثالث عشر معرفة الشاذ | النوع الرابع عشر معرفة المنكر | النوع الخامس عشر معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد | النوع السادس عشر معرفة زيادات الثقات وحكمها | النوع السابع عشر معرفة الأفراد | النوع الثامن عشر معرفة الحديث المعلل | النوع التاسع عشر معرفة المضطرب | النوع العشرون معرفة المدرج | النوع الحادي والعشرون معرفة الموضوع | النوع الثاني والعشرون معرفة المقلوب | النوع الثالث والعشرون معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد | النوع الرابع والعشرون معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله | النوع الخامس والعشرون في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده | النوع السادس والعشرون في صفة رواية الحديث وشرط أدائه | النوع السابع والعشرون معرفة آداب المحدث | النوع الثامن والعشرون معرفة آداب طالب الحديث | النوع التاسع والعشرون معرفة الإسناد العالي والنازل | النوع الموفي ثلاثين معرفة المشهور من الحديث | النوع الحادي والثلاثون معرفة الغريب والعزيز | النوع الثاني والثلاثين معرفة غريب الحديث | النوع الثالث والثلاثون معرفة المسلسل من الحديث | النوع الرابع والثلاثون معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه | النوع الخامس والثلاثون معرفة المصحَّف | النوع السادس والثلاثون معرفة مختلف الحديث | النوع السابع والثلاثون معرفة المزيد في متصل الأسانيد | النوع الثامن والثلاثون معرفة المراسيل الخفي إرسالها | النوع التاسع والثلاثون معرفة الصحابة | النوع الموفي أربعين معرفة التابعين | النوع الحادي والأربعون معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر | النوع الثاني والأربعون معرفة المدبج | النوع الثالث والأربعون معرفة الإخوة والأخوات | النوع الرابع والأربعون معرفة رواية الآباء عن الأبناء | النوع الخامس والأربعون معرفة رواية الأبناء عن الآباء | النوع السادس والأربعون معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان | النوع السابع والأربعون معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد | النوع الثامن والأربعون معرفة من ذكر بأسماء مختلفة | النوع التاسع و الأربعون معرفة المفردات الآحاد | النوع الموفي خمسين معرفة الأسماء والكنى | النوع الحادي والخمسون معرفة كني المعروفين بالأسماء دون الكنى | النوع الثاني والخمسون معرفة ألقاب المحدثين | النوع الثالث والخمسون معرفة المؤتلف والمختلف | النوع الرابع والخمسون معرفة المتفق والمفترق | النوع الخامس والخمسون نوع يتركب من النوعين اللذين قبله | النوع السادس والخمسون معرفة الرواة المتشابهين | النوع السابع والخمسون معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم | النوع الثامن والخمسون معرفة النسب التي باطنها على خلاف ظاهرها | النوع التاسع والخمسون معرفة المبهمات | النوع الموفي ستين معرفة تواريخ الرواة | النوع الحادي والستون معرفة الثقات والضعفاء | النوع الثاني والستون معرفة من خلط في آخر عمره | النوع الثالث والستون معرفة طبقات الرواة والعلماء | النوع الرابع والستون معرفة الموالي | النوع الخامس والستون معرفة أوطان الرواة وبلدانهم