انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 816/في القاع يا رب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 816/في القاع يا رب

مجلة الرسالة - العدد 816
في القاع يا رب
ملاحظات: بتاريخ: 21 - 02 - 1949



للشاعر سعد دعبس

مهداة إلى روح الشاعر البائس (عبد الحميد الديب)

(دعبس)

حطمي الزورق يا ريح فقد طال ظلامي

وجرى الشك ورائي ومشى الوهم أمامي

فدعى الأمواج تسري في الدياجي بحطامي

واجعلي من شاطئ النسيان داري ومقامي

حينما تسبح روحي فوق هامات الخلود

وأرى عمري سطراً في قواميس اللحود

سوف أحيا في سنا الفجر وهمسات الورود

مثلما شاء خيالي لا كما شاءت قيودي

أنا يا رب شكاة سمح الزمان

لم يع الدهر صداها فجفاها وجفاني

أنا يا رب غريب في زماني ومكاني

وطني تاه عن العين ومن روحي دان

أه لو يسري بي الموج إلى واد بعيد

حيث لا أحيا بدنيا ما أحست بوجودي

حلق الباغم فيها وهوى رب القصيد

آه ضاعت أنغم الأحرار في دنيا العبيد

وأنا ذوبت روحي في أناشيد خيالي

وتوهمت الصدى يبقي على مر الليالي

وإذا بالقاع يطو يني ولا يدري بحالي

وإذا لحني سراب ضاع في بطن الرم كيف أشدو يا إلهي والأعاصير ورائي

عابثات بهنائي ساخرات بشقائي

كلما لاح صباحي لم أجد إلا مسائي

وإذا أرسلت لحناً خلته رجع بكائي

لِمَ أشدو يا إلهي وأنا رهن القيود

وجموع الكون غرقى في بحار من جمود

ليس يدري عالم الموت أناشيد الخلود

وسواء أنغم الطير وصيحات القرود

قهقهات من فم الأوهام تطوي بسماتي

ورياح الشك حولي عاصفان بصلاتي

لا تدعني يا إلهي أتغنى بشكاتي

ربما تفني دموعي فأغنى بحياتي

أنا في القاع ولا شيء سوى القاع أمامي

ربما ينعم بالفجر الأفاعي وأنا رهن الظلام

قل لمن يطفو على السطح بعيداً عن حطامي

أنا في القاع ولا شيء سوى القاع أمامي

سعد دعبس