مجلة الرسالة/العدد 786/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 786/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 26 - 07 - 1948



حكمة سليمان:

إلى صديقي الأستاذ العقاد المحترم

في التوراة مطارق كثيرة لتكبر جماجم الصهيونيين الأنذال

في الإصحاح الثالث من صفر الملوك الأول قصة فحواها أن امرأتين وقفتا بين يدي الملك سليمان تتنازعان طفلا فقالت الأولى أني وهذه المرأة نسكن في بيت واحد، وقد ولدت كل منا ولداً، وفي هذا الصباح صحوت فإذا الطفل الذي على ذراعي ميت، وإذا هو أبن هذه المرأة، ورأيت ابني على ذراعها. وأنما الطفل أبنها مات لأنها أضجعت عليه. وقامت وسرقت أبني وادعته لنفسها، فالطفل الميت هو طفلها، والحي طفلي. وأنكرت المرأة الأخرى هذا الكلام وقالت بل الحي هو طفلي.

فقال الملك سليمان أتوني بسيف. فآتوه بسيف. فقال: اشطروا هذا الطفل شطرين وأعطوا كلا من المرأتين شطراً. فصاحت الأولى: رحماك يا سيدي الملك! لا تشطروه! أعطوه كله لها. وقالت الأخرى: بل أشطره وأعطوني نصفه! فقال سليمان الملك: أعطوه للأولى فهي أمه.

فلما سمع جميع إسرائيل بهذا الحكم خافوا سليمان لأنهم رأوا حكمة الله فيه لإجراء الحكم.

فأين سليمان يحكم بقضية فلسطين؟!

هيئة الأمم قطيع غنم يرعاه ذئاب؟

ومجلس الأمن جمعية لصوص متآمرين!

فما بقي إلا محكمة العدل في لاهاي. . . فهل فيها سليمان؟ أجل، فيها البدوي باشا رئيسها، وهو مصري عربي.

ولكن، ألا تنبت هناك رؤوس أفاعي الصهيونية؟ أو عبيد الصهيونية مثل ترومان؟!

قضية فلسطين أوضح من قضية المرأتين المتنازعتي الطفل! الصهيونيون يقولون: اشطروا فلسطين شطرين: لنا شطر وللعرب شطر!!!

والعرب يقولون: لا تشطروها هي لسكانها المقيمين فيها. . عرب ويهود على السواء!

فأين سليمان يحكم؟ هل يتقمص في برنادوت؟!! نقولا الحداد

في محيط النحو:

جرى النحاة على اعتبار كلمة (أشياء) ممنوعة من الصرف، التمسوا لذلك الحكم عللاً غريبة؛ فمنهم من أعبرها اسماً مفرداً منتهياً بالألف الممدودة ليبرر منعها من الصرف؛ وهذا غريب جداً، لأن قصد الجمع واضح كل الوضوح في هذه الكلمة. ومنهم من قرر أنها محولة عن (شيئاء)؛ ومنهم من تعسف فأدعى أنها جمع (شيء) على وزن (سيئ) وقال أنها في الأصل (أشيئاء) على وزن (أدعياء) ثم حصل فيها ما ادعاه من قلب وحذف مما لا محل لعرضه على القارئين.

والذي استطعت أن أهتدي إليه بعد روي وتأمل أن الكلمة جمع (شيء) ووزنها (أفعال) ومثالها جمع (فيء) وهو (أفياء) وحقها أن تكون مصروفة كما صرفت (أفياء) وأمثالها ولا حجة لمن منعها الصرف بورودها غير منونة في الشعر، لأن الضرورة الشعرية تبيح صرف الممنوع والعكس؛ ولكنهم وجدوها في القرآن الكريم في صورة المائدة غير منونة، فقد جاءت في قوله تعالى (لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبدَ لكم تسؤكم) ويخيل إلي أن عدم تنوينها ليس نتيجة علة من العلل التي أوردوها ولكنه نتيجة القاعدة العامة التي أتفق عليها النحاة وهي جواز صرف من ع الصرف وصرف الممنوع للتناسب والضرورة، وما التناسب إلا مراعاة الانسجام في جرس الكلمات وأتلاف النغم بين أجزائها؛ ولذلك قرء في المتواتر (سلاسلاً وأغلالاً وسعيراً) وكلمة (سلاسلا) ممنوعة من الصرف لأنها صيغة منتهى الجموع، ولكنها صرفت لتنسجم مع (أغلالاً وسعيراً) وقرء (ولا يغوثا ويعوقا ونسراً) و (يغوث ويعوق) ممنوعان من الصرف للعلمية ووزن الفعل، ولكنهما صرفا في هذه القراءة المتواترة لينسجم جرسها مع (نسراً) وكذلك (كانت قواريراً من فضة قدروها تقديراً). فأن قوارير الأولى نونت لتناسب فواصل الآيات.

فالمحافظة على حسن الجرس والانسجام من عادة العرب، والقرآن الكريم نزل على رسول الله بلسان عربي فلما لا نقول أن كلمة (أشياء) لم تنون لظرف خاص في محيطها في الآية الكريمة إذ لو نونت لتوالى مقطعان من لفظ واحد يحدث منهما شيء واضح من الثقل الذي يأباه تآلف النغم في القرآن الكريم وهذا التآلف من أسرار الإعجاز؛ فقرأت كلمة (أشياء) غير منونة لأنها مرتبطة بجملة الشرط بعدها ارتباط الموصوف بالصفة وذلك يقتضي وصلها، وهذا يوجب تكرار لفظ (إنْ) مرتين متواليتين، فمن أجل ذلك لم تنون (أشياء) ومن هنا جاءت فروض النحاة، والحق أنها مثل كلمة (أفياء) في الوزن والأعراب.

محمود البشبيشي

المفتش بمنطقة الإسكندرية التعليمية

في اللغة:

في جريدة (البلاغ) سأل ساءل الدكتور زكي مبارك فقال: أيقال: وكان القارب مقطوراً إلى المركب، أم يقال: وكان القارب مقطوراً بالمركب؟

وتفضل الدكتور بالإجابة، فبين أن الزمخشري في أساسه يقول: إبل مقطورة. . وهي مقطور بعضها إلى بعض، وقطر البعير إلى البعير) ثم أردف هذا برأيه فقال: وأنا أقول أن عبارة (القارب مقطور بالمركب) لها وجه صحيح. ونحن نرى بعيوننا أن القارب يشد إلى المركب بحبل غليظ.

وأقول: الصحيح قول الزمخشري لا رأي (الزكي) إذ لو سأل سائل: ما المقطور؟ كان الجواب: القارب. ولو سأل: وما المقطور به. كان الجواب: الحب الغليظ. والحال أن السائل إنما يسأل عن المركب وهو المقطور إليه لا المقطور به.

ولو أردنا التوفيق بين قولي الزمخشري والزكي اللغوي لكان الصواب هو (وكان القارب مقطوراً إلى المركب بحبل غليظ) وكفى الله اللغويين شر القتال، وسوء المقال. . والسلام.

(الزيتون)

عدنان