مجلة الرسالة/العدد 660/الزنبقة الذابلة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 660/الزنبقة الذابلة

ملاحظات: بتاريخ: 25 - 02 - 1946



للمرحوم أبي القاسم الشابي

أزنبقة السفح مالي أراك ... تساورك اللوعة القاسية؟

أفي قلبك الغض صوت اللهيب ... يرتل أنشودة الهاوية؟

أأسمعك الليل ندب القلوب؟ ... وأرشفك الفجر كأس الأسى؟

أصب عليك شعاع الغروب ... نجيع الحياة ودمع المسا؟

أوقفك الدهر حيث يفجر ... نوح الحياة صدوع الصدور؟

وينبثق الليل طيفاً كئيباً ... رهيباً ويخفق حزن الدهور؟

إذا أضجرتك أغاني الظلام ... فقد عذبتني أغاني الوجوم

وإن هجرتك بنات الغيوم ... فقد لزمتني فتاة الجحيم

وإن سكب الدهر في مسمعيك ... نحيب الدجى وأنين الأمل

فقد أجج الدهر في مهجتي ... شواظاً من الحزَن المشتعل

أصيخي فما بين أعشار قلبي ... يرف صدى نوحك الخافت

معيداً على مهجتي بحفيف ... جناحيه همس الردى الصامت

فقد أترع الليل بالحب كأسي ... وشعشعه بلهيب الحياه

وجزعني من ثمالاته ... مرارة شجو تفت الصفاه

إليَّ فقد وحدت بيننا ... قساوة هذا الزمان الظلوم

فقد فجرت فيّ هذى الكلوم ... كما فجرت فيك تلك الكلوم

إذا جرفتني أكف المنون ... إلى اللحد أو سحقتك الخطوب

فحزني وحزنك لا يبرحان ... أليفين رغم الزمان العصيب

فيصدع عند سكون الدجى ... إذا نسيتنا عذارى السحر

صدى يتهادى كنغم شجى ... تطاير من خفقات الوتر

يرنمه شجن المستكين ... لدى القبر تحت ظلال المسا

فنهجع تحت الثرى الهاجع ... جميعاً على نغمات الأسى