انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 501/على الشاطئ

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 501/على الشاطئ

ملاحظات: بتاريخ: 08 - 02 - 1943



وهيفاء تهفو إليها القلوبُ ... ويشرق منها ضياء الجمالْ

// لها رقة الزهر في غصنه ... إذا داعبته رياح الشَّمالْ

وللريح عربدة في المياه ... وللموج وسوسة في الرمالْ

يحدثها الموج عن سرهِ ... وما سره غير حب قديمْ

يكاد النسيم يطير بها ... إذا وقفت في مهب النسيمْ

وتحسبها العين بعض الضياء ... فتخشى من النظر المستديمْ

ولو لم يحطها قيود الحياةِ ... لطارت هناك وراء السديمْ

تعربد في الثوب أيدي الرياح ... وتوشك. . . لولا نداء الحياءْ

تطير إليها طيور المنى ... وتحنو عليها طيوف الضياءْ

عليها من الأفق سمت الجلالِ ... وفيها من البحر معنى لصفاءْ

وفيها من النور سر الحياة ... وفيها من الليل سحر الخفاءْ

أهم غراماً بهذا الجمال ... وأقبس منه ضياء الحياهْ

أرى فيه كل أماني الشبابِ ... ترفرف من حول تلك الشفاهْ

أعانق من شغفي طيفه ... وألثم من لهفاتي رؤاهْ

يرى فيه جسميَ سر الحياة ... وروحي ترى فيه روح الإلهْ

دعيني أغنيك شعر الصبا ... وأعزف لحن الهوى والغزلْ

دعيني أنام بروحي على ... فراش النهود، ومهد المقلْ

ولا تحرميني سلاف العناقِ ... ولا تمنعيني رحيق القبلْ

وكوني كما شاء فن الخيالِ ... وَبدع الفنون، ووحي الأملْ

هناك لدى الأفق عند الغروب ... يطير جناح، ويمضي شراعْ

وتشدو الرياح، وفي شدوها ... أسىً كامن وجويً والتباعْ

وتُحتضر الشمس. .! يا للأسى ... لهذا الجمال الحزين المُضاعْ

على وجنتيها شحوب الفراق ... وفي مقلتيها دموع الوداعْ

وغابت عن الأفق شمس المغيبِ ... وقد ذوَّبت قلبها في الشفقْ

كأني أرى دم قلبي يسيل ... كأني أرى مهجتي تحترقْ لَيفجعني أن يغيب الضياء ... ويَحزُنني أن يجيء الغسقْ

ستأتين يا شمس عند الصباح ... فهل نلتقي ثم لا نفترق؟!

وألقى المساء ظلال الدجى ... على الكون أشباح جن تحومْ

فليس على البحر ضوء يلوح ... ولا في السماء تضيء النجومْ

فقامت تودعه في سكونٍ ... وراحت إلى بيتها في سهومْ

كأني بها كوكباً حائراً ... توشِّحه في السماء الغيومْ

وعدت إلى غرفتي باكياً ... لأقضيَ ليل الأسى والنُّواحْ

أحدث نفسي حديث الجوى ... وأنشد قلبي نشيد الجراح

وأرنو إلى عابرات الدجى ... وأصغي إلى نائحات الرياح

وأمضي إلى البحر عند الصباح ... فهل (هي) عائدة في الصباحْ؟

(القاهرة)

إبراهيم محمد نجا