مجلة الرسالة/العدد 311/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 311/البريد الأدبي
حول مناوأة الخدر والنعاس في الأدب المصري
كتب الصديق البحاثة الدكتور بشر فارس في بريد العدد الماضي من الرسالة بما يقطع في أمر أسباب الكساد الذي يرين على السوق الأدبية في مصر بأنه لا يرى كل الرأي فيما سبق أن ذهبت إليه في مقالي السابق من أن انصراف الجمهور عن الإقبال على النتاج الأدبي في مصر إنما مرده إلى ما قلت: (إذا كان النتاج الأدبي لا يقابل من الجمهور بالحماس الواجب، فلأن الفتور مفروض على كل شيء يجري في مصر، ولأن عدم الاكتراث صفة - ويا للأسف - من صفات الأكثرية الغالبة من الجمهور المصري ولا سيما فيما له علاقة بالأدب والفن) وعاد الصديق الدكتور إلى ترديد ما سبق أن صرح به في هذا الصدد، ومجمله: (إن الجمهور المهذب من القراء يرغب عن أدب التسلية والإنشاء التعليمي ويقدر ما يستحق التقدير)
وشد ما أرغب في الأخذ بهذا الرأي، وشد ما أود أن أحسن الظن بالجمهور الكبير وبالجمهور المهذب حتى أسري عن نفسي كمداً أهمني، ولكن ما الحيلة وقد دل الإحصاء الأخير على أن متوسط ما يباع من المؤلف الأدبي الواحد في السوق المصرية لا يتجاوز خمسين نسخة في العام الواحد!
ومعنى هذا أنه لولا وجود أسواق للأدب المصري في الأقطار الشرقية الأخرى لكان مقضياً على هذه المؤلفات الأدبية بأن تصبح غذاء مستساغاً للسوس والجرذان. . .
ومعنى هذا أيضاً أن هذا (الجمهور المهذب) صفوة قليلة العدد لا يؤبه لأثرها في تصريف المؤلفات الأدبية التي تكتظ بها المكتبات المصرية، حتى ولو كانت مؤلفات من الأدب الرفيع
وإذا جارينا الدكتور بشر فيما يذهب إليه، وهو أن الجمهور المهذب إنما يقبل على ما هو أسمى من أدب التسلية والإنشاء التعليمي فهل للدكتور الصديق أن يدلي لنا بعدد النسخ التي باعتها المكتبات المصرية من مؤلفيه (مفرق الطريق) و (مباحث عربية)، وهما مؤلفان ينفردان بطابع جديد في النتاج الأدبي الرفيع، وليس فيهما من أدب التسلية قمحة ولا من التعليم الإنشائي قطرة؟ بماذا يفسر الدكتور بشر فتور هذا (الجمهور المهذب) إزاء هذين المؤلفين؛ وأمام سواهما من الآثار الأدبية الرفيعة؟
وأين (التقدير) الذي يكنه هذا (الجمهور المهذب) للأعمال الأدبية الرفيعة؟
ومتى يتحرك هذا (التقدير) ليوفي مؤلفيه السابقي الذكر حقهما من الذكر والرواج؟
أخشى بعد هذا كله أن أقول إن صديقي إنما يصدر فيما نحن بصدده عن وحي إحساسه الخالص، وهو إحساس أديب أصيل مشبوب الهوية بالأدب، مشغوف بأن يرى للأدب دولة في مصر قوامها جمهور القراء قبل أي شئ آخر، وهذا من مزالق التفكير الذي يشوبه الإحساس الطاغي.
زكي طليمات
في النقد الأدبي
حضرة الأستاذ الفاضل محرر (الرسالة):
تحية وسلاماً. وبعد. فقد قرأت في العدد 310 من (الرسالة) الغراء ما كتبه الدكتور بشر فارس عن الفصول التي أكتبها عن الأدب العربي الحديث؛ فحمدت له غايته من النقد. غير أنني لاحظت بعض أشياء على قوله:
1 - إن كتاباتي وإن كانت منصرفة إلى النقد القائم على الوجهة الموضوعية - كما لاحظ الدكتور بشر فارس في كلمة في (الرسالة) - والأستاذ صديق شيبوب في مقاله في البصير (12 مايو سنة 1939)؛ والأستاذ خليل شيبوب في مقاله في (الأهرام): (29 مايو سنة 1939) - إلا أن منحى الموضوعية فيها مستنزل من الطريقة (التركيبية، التحليلية) التي تذهب من النظر إلى الواقعات عيناً، ومن الواقعات إلى النظر عيناً آخر؛ والتي هي نتيجة ثقافتنا الرياضية.
2 - إن هذه الطريقة من صميم الأساليب العلمية، والطرائق الموضوعية، لأن الطريقة العلمية تذهب: إما من النظر إلى الواقعات وإما من الواقعات إلى النظر. والمذهب الأول أكثر ما يتظاهر في الأساليب الخاضعة للنهج الرياضي بعكس المذهب الثاني، فإن أساليبه أكثر ما تتمثل في منهج البحث الاجتماعي.
3 - إن الدكتور بشر فارس وثقافته اجتماعية صرفة قد نظر إلى بحثي من الطرائق الاجتماعية التي اتصل بها - أثناء تلقيه العلم في السوربون - فدارت عقليته منها، وكان أقل ما يجب عليه أن يوسع نظرته وينظر إلى منهجي في البحث في النطاق العام للأسلوب العلمي.
4 - كان في إمكان الدكتور بشر فارس أن يتعرف الدافع الذي دفعنا في دراستنا عن مطران إلى الكتابة عن (الشعر والشعراء) في المبحث الأول، وعن (الشعر العربي) في المبحث الثاني، وذلك لأنه ليس من المستطاع - ومطران رأس حركة جديدة في الأدب العربي - فهم حقيقة مذهبه واتجاهاته دون مراجعة الشعر العربي وخصائصه حتى يمكن عن طريق المقابلة معرفة الأثر الذي استحدثه مطران في الشعر العربي ومدى التجديد الذي قام به
5 - كان في مستطاع الكاتب أن يستنبط من البحث الثالث والبحوث التالية له في المقتطف خطتنا في الدلالة على معنى شاعرية مطران من شعره، تلك الخطة التي تقوم على إرجاء المقدمات - التي انتهت بنا إلى الأحكام التي أصدرناها عن منحى الشاعرية عند الخليل - إلى موضعها الطبيعي من الدراسة.
6 - رأى الكاتب أننا استعرنا اصطلاح (خلق جملة صلات اجتماعية) من كتابه (مباحث عربية) والواقع عكس ذلك. فإن هذا الاصطلاح قد دار على قلمنا من قبل صدور كتابه هذا: تجده في دراستنا عن إسماعيل مظهر حين تكلمنا عن آرائه الاجتماعية (التقدمة العربية لدراستنا عن مظهر في م 36 ص 411) هذا فضلاً عن أن هذا الاصطلاح من جملة ما يجري على أقلام كتاب عصرنا هذا، وإذن فلا يمكن القول بأنه من الاصطلاحات التي استحدثها الكاتب.
7 - ارتأى الكاتب أن الجملة التي أوردنا فيها هذا الاصطلاح مرتجلة بحيث أنها لا تتسق ومنحى البحث الموضوعي الذي أخذنا أنفسنا به. والواقع عكس ما رأى. بيان ذلك أننا رأينا في بحثنا المذكور أن المجتمع الشرقي - عادة - ينعزل أفراده بعضهم عن بعض بحيث ينقبض كل على نفسه. وقد كان ظهور خليل مطران بطبيعة مغايرة لطبيعة هذا المجتمع الذي نشأ فيه ما استوقف نظرنا. وقد رجعنا في بحثنا بهذا الأصل الثابت من نفسيته إلى طفولته التي ترك فيها حَّداً يتعامل مع أقرانه من الأطفال فخلص من ذلك بطبيعته الاجتماعية التي تجعله ينسحب على الجماعة ويشتبك مع أفرادها في (جملة صلات اجتماعية). وواضح إذن أن هذا من باب التحقيق لا ارتجال، ومن ثم فاستعملنا لهذا الاصطلاح استعمال له في موضعه الطبيعي من الكلام لا في موضع غير متسق مع مجرى الكلام كما رأى!
8 - أخذ علينا الدكتور بشر فارس إهمالنا لاستقصاء المصادر في دراستنا عن توفيق الحكيم، ودليله على ذلك أننا لم نلتفت إلى ما كتبه في مجلة الشباب عن توفيق الحكيم كما ينجلي في مسرحيته (أهل الكهف) وأظن أن الدكتور بشر فارس لا ينكر علينا أننا أكثر الكاتبين في العربية استقصاء للمصادر بدليل أن بحثنا عن توفيق الحكيم قد رجعنا فيه إلى نيف ومائة مرجع. ويظهر هذا من مراجعة سريعة لبحثنا. أما عدم التفاتنا إلى بعض ما كتبه المعاصرون عن آثار الحكيم فهذا يرجع إلى أنه ليس في مستطاع كاتب بالعربية استقصاء كل ما يتصل بمادة معينة في الأدب العربي الحديث. ولا وجه للاعتراض علينا بأن الباحثين الغربيين يظهر في بحوثهم استقصاء تام لجميع ما كتب عن مادة موضوع بحثهم لأن هؤلاء يجدون من مهيئات البحث عندهم في لغاتهم فهارس شاملة تجمع كل ما يتصل بمادة معينة فيسهل من ذلك الاستقصاء عندهم
9 - أرجع الدكتور بشر فارس في مقالة مجلة الشباب (9 مارس سنة 936) فن توفيق الحكيم المسرحي في آثاره الأولى إلى فكرة الكاتب المسرحي من حيث يتفق الكاتبان المسرحيان في اعتبار الكائنات (ظواهر لا حقائق) والواقع أن الكاتبين في هذه الفكرة متأثران بالنظرية الاعتبارية التي بثها في مؤلفاته الرياضي الفرنسي الشهير هنري بوانكاريه. وقد أشرت إلى هذا الأصل بالنسبة لتوفيق الحكيم في دراساتي عنه (ص 69 من الطبعة الخاصة وص 361 من طبعة عدد مجلة الحديث) فلا معنى إذن لقول الدكتور بشر فارس من أن توفيق الحكيم تأثر بزميله الكاتب المسرحي الفرنسي خصوصاً وأن توفيق الحكيم من الذين قرءوا هنري بوانكاريه وتعمقوا في دراسة آثاره (أنظر قطعة برجنا العاجي لتوفيق الحكيم عدد 245 ص 404 - 14 مارس سنة 1938 من مجلة الرسالة)
10 - يقول الدكتور بشر فارس بأن الأصل في مسرحيات توفيق الحكيم اعتبار (الكائنات ظواهر لا حقائق) ويترتب على ذلك - عنده - صراع بين العقل والحلم، وبين الزمان والتاريخ (؟!. . .) وبين الشهوة والرغبة (؟!. . .) فإن صح معنا أن فكرة كون الكائنات ظواهر لا حقائق تسوق إلى فكرة الصراع بين الواقع والحلم فإننا لا نرى صلة بين هذا وما يحاول أن يظهره الكاتب من صراع بين الزمان والتاريخ، وبين الشهوة والرغبة. ذلك لأننا نعرف أن التاريخ منبسط الزمان والشهوة متفرعة من الرغبة (قوة النزوع عند فلاسفة العرب) وليس في هذا أي معنى يحتمل إفادة الصراع
11 - يرى الدكتور بشر فارس أن جوّ المسرحية عند توفيق الحكيم متأثر بجو مسرحيات ماترلنك من حيث الميل إلى بسط الإبهام على المناظر وإثارة الأوهام في نفس الناضر. وهذا صحيح إلى حد، وقد أشرنا إليه؛ ويمكن أن نزيد على ذلك فنقول بأن جو المسرحية عند توفيق الحكيم منبثق من طبيعته الفنية التي دارت حول الكتابات الرمزية نتيجة إعيائه عن معرفة حقيقة النفس ولوامعها وبوادرها والتي تأثرت بمبادئ علم النفس الحديث وعلى وجه خاص تجارب شاركو في التنويم والإيهام، وريبو في الأمراض العصبية، وفرويد في أحوال اللاواعية، وبرجسون في تقليب المنطوي في النفس على الظاهر منها (ص 69 من دراستنا من الطبعة الخاصة وص 361 من الطبعة العامة)
وبعد فإني شاكر للدكتور بشر فارس عنايته بالإشارة إلى دراستنا كما أني شاكر له عنايته بالنقد. وهو إن أخطأ النظر فيما كتب فله حسن القصد والغرض
إسماعيل أحمد أدهم
كتبنا وتآليفنا: محاضرة للأستاذ كرد علي
ألقى الأستاذ الكبير محمد كرد علي محاضرة عن (كتبنا وتآليفنا) في أحد نوادي دمشق، استمع إليها نفر من أدباء الشام ورجالاتها وطلابها، بينهم الأستاذ عبد الحميد الحراكي بك مدير المعارف العام، والأستاذ خليل مردم بك، والأمير مصطفى الشهابي، والأستاذ فارس الخوري، والأستاذ زكي الخطيب وغيرهم
وكانت محاضرة الأستاذ موجزة تقريباً، بدأها بذكر معنى التأليف والتصنيف لغة، ثم حدد الوقت الذي بدأ فيه التأليف عند العرب بتدوين القرآن والسنة والشعر. . . ثم تخطى الأستاذ القرون مسرعاً، حتى أدرك العصر العباسي، حيث التأليف المزدهر المثمر. فلما كانت المائة الثالثة للهجرة، بدأ الضعف يدب في التأليف، لضعف الدول والممالك، فلم يلق التأليف آنئذ ملكاً يحميه أو سلطاناً يغذيه. وأتت بعد ذلك كارثة بغداد وهمجية جنكيز خان، فخلت مدينة السلام، وبخارى، وسمرقند، وخوارزم، وطوس، من العلماء وضاع منها كثير من المؤلفات
وجاء الترك، فسعت إلى القضاء على العرب قضاء لا حياة بعده، فرقد العرب، حتى هبت مصر فأيقظتهم بعد سبات طويل
ويصف الأستاذ كرد علي حالة مصر في أوائل عصر النهضة فيقول إن أدباءها وعلماءها كانوا ما يزالون متأثرين بمؤلفات عصور الانحطاط. أما الأزهر فكان شبحاً بلا روح واسماً بلا مسمى، فلما جاء الشيخ محمد عبده سعى في إحياء التأليف، وأخرج الكتاب من الركيك إلى النثر الذي كان في القرنين الأول والثاني. ثم ذكر أثر الأستاذ الإمام في إصلاح الأزهر، وأثر الجامعة المصرية القديمة في نشر العلم بوساطة المحاضرات التي كانت تلقى فيها، حتى إذا اطلع الشرقيون على مؤلفات الغربيين، سعوا إلى تقليدها، فبدأت الفواصل في الكتابة، وعنى بأمر المسارد بأنواعها من تاريخية ولغوية وغيرها
أما أثر الصحافة في تشجيع التأليف فكان ظاهراً لما كان للنقد - على سخفه - من أثر بالغ في نفوس المؤلفين
وقايس الأستاذ بين الشيخ بخيت المحافظ والشيخ أحمد إبراهيم المجدد، وذكر كيف قاوم الأزهريون الشيخ النجار
ثم انتقل الأستاذ إلى التأليف في وقتنا هذا بمصر، فقال إن التأليف الحديث ناتج عن اضطرار لا عن رغبة، لأن معظم المؤلفين في مصر، إنما يؤلفون بحكم الوظيفة والمنصب. وقال إن هناك مؤلفات لها شأنها، ولو أننا اتبعنا الطرق التي اتبعها (حافظ باشا عفيفي) في كتابه (على هامش السياسة) وحاولنا أن نحرر أفكارنا كما فعل (قاسم أمين) فيما ألفه و (عبد الرحمن الكواكبي) في كتابه
(طبائع الاستبداد) لبلغ التأليف عندنا درجة رفيعة
وأنتقل الأستاذ بعد ذلك إلى الكلام عن الشام، فذكر احمد فارس وأثره في التأليف واهتمام المسيحين به، ولا سيما آل اليازجي وآل البستاني
أما في العراق وتونس فلم يبدأ التأليف إلا عقب الحرب العظمى. وساعدت جامعتا بيروت الكاثوليكية والبروتستانتية على ازدياد التأليف، كما ساعد ذلك في دمشق الجامعة العربية والمجمع العلمي
ثم ذكر الأستاذ حاجتنا إلى التأليف وقايس بين مؤلفينا الذين يقنعون بكتاب أو كتابين ومؤلفي الغرب الذين لا يفتأون يخرجون للناس كتباً، وقال إن التأليف يجب أن يزداد وأن يرمي إلى نزع الحواجز بين الخاصة والعامة
وختم الأستاذ محاضرته بقوله إن التأليف هو رمز الحضارة وعنوان المجد، فلنسع لإظهار هذا المجد وإبراز تلك الحضارة
والمحاضرة بالجملة موجزة، سهلة اللغة مرسلتها، ولكنها لا تظهر ما للأستاذ من علم واسع واطلاع شامل
ونحن نشكر للأستاذ جهوده، ونتمنى لو أنه يترك من حين إلى حين برجه الذي بُني من الكتب، والذي ينزوي فيه ويطل على الناس يريهم آياته ويسمعهم نتائج قراءاته
(دمشق)
ص. م
الشعر والشعراء في سورية محاضرة للأستاذ صلاح الدين
المنجد
سيلقي الأستاذ صلاح الدين المنجد في راديو الشرق (بيروت) سلسلة من المحاضرات عن الشعر والشعراء في سورية. وسيبدأ إلقاءها في النصف من يونية الحاضر، فيقايس بين حالة الشعر قبل ثلاثين وحالته اليوم، ويبين خصائص الشعراء السوريين التي امتازوا بها وقصر دونها شعراء مصر والعراق. وسيعالج الأستاذ أمر تأثير الغرب في شعراء سورية ونتائجه ومداه.
أما الشعراء الذين سيدرسهم، فهم: الزركلي، البزم، الخطيب، جبري، مردم بك، بدو الجبل، أبو ريشة، العطار، الطرابلسي وسيعقب الأستاذ المنجد هذه المحاضرات بمحاضرات أخرى الشعر في مصر ثم عن الشعر في العراق
فرعون الصغير
إن الأستاذ محمود تيمور من أوفر أدبائنا إنتاجاً، ودليل ذلك تلك القصص التي يذيعها في الناس من حين إلى آخر. وهاهو ذا يخرج اليوم مجموعة جديدة من الأقاصيص عنوانها: (فرعون الصغير وقصص أخرى). وبهذه المجموعة يدل الأستاذ تيمور على أن فنه بلغ الاستواء الأوفى من جهة السرد ولمّ الفكرة والخروج من الحوادث بالعبرة التي لا تجري إلى غاية محسوسة، ولكنها تقصد إلى إيحاء شعورٍ ما. وهذه القصص تتنازعها طرائق مختلفة: منها (الرومانسية) (أي التخيلية) من ذلك قصة (فرعون الصغير)، والواقعية، من ذلك (زمان ألهنا)، والواقعية الملونَّة بالباطنية، من ذلك (المخ العجّالي)
هذا وللمجموعة تصدير عنوانه: (المصادر التي ألهمتني الكتابة). وهو جم الفائدة من حيث أنه يبسط كيف اقبل المؤلف على التأليف القصصي وبأي أنواع التأليف تأثر وعلى أي أسلوب جرى فيه
ثم إن المؤلف رأى أن يستعمل الشكل كلما جاءت كلمة متخيَّرة أو مشتركة في النطق أو داعية إلى اللبس. وهكذا نفع التلميذ والقارئ الناشئ. وعسى أن يظفر (فرعون الصغير) بما يستحقه من النجاح لطرافته ونفاسته ثم شكله اللطيف وطبعه الأنيق
مجلة أدبية في دمشق
علمنا بان الأستاذ محمود كرد علي بك قد عزم على إصدار مجلة (أديبة في دمشق) بالاشتراك مع الأستاذ خليل مردم بك، والدكتور محسن البرازي، والدكتور جميل صليبا، والأستاذ سعيد الأفغاني، وبعض المتأدبين الناشئين كالأساتذة: جمال الفراء، يوسف العش، خلدون كناني
ونحن نشكر للأستاذ صنيعه، ونرجو أن تكون هذه المجلة مظهراً جيداً من مظاهر النهضة الأدبية في سورية
(م. . .) كتاب الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة
تعد دار الكتب الظاهرية أحفل مكتبات العالم بمخطوطات الحديث الشريف فإن فيها من النفائس النادرة ما لا نظير له في الدنيا ومن جملة مخطوطاتها القيمة هذه الرسالة التي لا ثاني لها، فهي مسودة المؤلف بخطه الذي (قل من يحسن استخراجه) وعليها خطوط لكبار الأئمة مثل ابن طولون الصالحي والرملي. . .
وقد أخرجها الأستاذ سعيد الأفغاني على خير نسق تحيا عليه الرسائل العلمية القيمة، ولم يدخر وسعاً في بذل الجهد ليكون إخراجاً علمياً كاملاً، فجاء آية في الترتيب والدقة والصحة والجمال.
صنفها المؤلف أبواباً ثلاثة:
الباب الأول - في خصائص السيدة عائشة وشيء من سيرتها
الباب الثاني - في استدراكها على أكثر من عشرين من أعلام الصحابة الأجلاء مثل أبي بكر وعمر وعلي وابن عمر وابن عباس
الباب الثالث - في استدراكات عامة
ويتجلى في هذه الرسالة ذكاء المرأة ونقدها وفطنتها ومواهبها العلمية ومدى ثقافتها الواسعة التي نعمت بها بفضل الإسلام. وهو كتاب ضروري لكل من درس شيئاً عن الإسلامية من شرقي وغربي وفقيه وعالم ومحدث وأديب واجتماعي وكل مثقف
وقد صدر في 230 صفحة من القطع الكبير.
بواسل
يعتمد الكثير من الأدباء في التحقيق اللغوي على المعجمات العربية، ويضربون صفحاً عن التنقيب في النصوص الأدبية القديمة التي تعتبر أصلاً لهذه المعجمات
ولقد كتب أديب فاضل في عدد 307 من مجلة الرسالة يخطئ جمع باسل على بواسل، معتمداً على ما انتهى إليه استقراء القواعد النحوية وما أحصته المعجمات اللغوية. وذكر أن الجمع الصحيح الذي ورد لهذه الكلمة هو (بسل وبسلاء وباسلون)
ولقد أسعدت المصادفة فالتقيت بالجارم بك وسألته فيما جاء بالرسالة خاصاً بهذا الجمع فأنشد:
وكتيبةُ سفع الوجوه (بواسل) ... كالأسدِ حين تذب عن أشبالها
قد قُدْتُ أول عنفوان رعيلها ... فلقفتها بكتيبة أمثالها
فقلت: ولمن هذان البيتان؟ فقال: هما من قصيدة (لباعث ابن صريم اليشكري) من شعراء الجاهلية في ديوان الحماسة فرجعت إلى القصيدة فوجدتها ص 149 من طبعة الرافعي
حسن علوان