-٨٨- آخر (۱) من هذا الكتاب كيف سافر الاسقف برفيريوس إلى القسطنطينية، واستحصل على إرادة ملكية بهدم معابد الوثنيين في غزة ؛ وكيف هدمت هذه اللمعابد مما لم يكن ثمة لزوم لاعادته هنا . وكل ما نريد أن نقوله الآن : ان حياة هذا الاسقف كانت مليئة بالعمل لخير الكنيسة ، ورفع شأن المسيحيين في غزة . وقد نجح في هذا المضمار نجاحاً كبيراً .
فهو الذي بنى (كنيسة افدوكسية)التي نذرتهاالامبراطورةافدوكسية، وانفقت عليها مبالغ جسيمة . وقد بناها بشكل مستدير ، وفقاً للخارطة التي أرسلتها إليه الامبراطورة . وقد أرسلت إليه إثنين وأربعين عاموداً من الاعمدة (۲) الثمينة، وبلاطاً من الرخام ليستعملها في بناء الكنيسة . وقد بنيت في نفس المكان الذي كان فيه معبد مارنا . ورصفت ساحتها بالحجارة التي اخذت من هذا المعبد . حتى أن نساء غزة رفضن أن يدسن بأقدامهن على تلك الحجارة، وتم بناؤها في خمس سنوات. والمهندس الذي أشرف على بنائها (روفينوس ) ، وهو انطاكي الاصل .
وقد احتفل برفيريوس بافتتاحها في اليوم الاول من عيد الفصح (٤٠٦ للميلاد). كان هذا الاسقف يعظ أهالي غزة باسلوب بسيط دون أن يلتجيء إلى تنميق العبارات . وقد أوصى بمبلغ معلوم يصرف أيام الصوم الكبير على فقراء غزة (كما كان يفعل ذلك إبان حياته ) . وحضر مجمع اللد سنة ٤١٧ م الذي عقد هناك لدحض اعتقادات بلاغيوس الباطلة .
وقد توفى برفيريوس في اليوم الثاني من شهر ديستروس لسنة ٤٨٠ (٣) الغزية، بعد أن أقام في أسقفية غزة أربعاً وعشرين سنة وأحد عشر شهراً وثمانية أيام . وبالرغم مما تقدم ، لم تسد النصرانية في غزة السيادة التي كان يرمي إليها اتباعها.
(۱) راجع الفصل الذي كتبناه عن ( غزة الوثنية ) .
(٢) يقال أن هذه الاعمدة جيء بها من مدينة كارستوس في بلاد اليونان .
(۳) زرت قبره في فبراير سنة ١٩٤٢ فرأيت مكتوباً عليه باللغة اليونانية أنه توفى في غزة عام ٤٥٠ الميلاد . وفي كتاب (السواعى ) الكبير ما يؤيد هذا التاريخ . غير أن الاستاذ عيسى اسكندر المعلوف يقول انه توفى عام ٤٢٠ للميلاد. وهذا ما يؤيد، ( تاريخ كنيسة اورشليم الارثوذكسية ) ايضاً . ويقول صديني البحاثة الاستاذ اسطفان أنه توفى في ٢٦ شباط سنة ٤٢٠ وهو اليوم المسكرس لذكره في الكنيتين الشرقية والغربية . '