آخر١ من هذا الكتاب كيف سافر الاسقف برفيريوس إلى القسطنطينية، واستحصل على إرادة ملكية بهدم معابد الوثنيين في غزة؛ وكيف هدمت هذه المعابد مما لم يكن ثمة لزوم لاعادته هنا. وكل ما نريد أن نقوله الآن: ان حياة هذا الاسقف كانت مليئة بالعمل لخير الكنيسة، ورفع شأن المسيحيين في غزة. وقد نجح في هذا المضمار نجاحاً كبيراً.
فهو الذي بنى (كنيسة افدوكسية)التي نذرتهاالامبراطورةافدوكسية، وانفقت عليها مبالغ جسيمة. وقد بناها بشكل مستدير، وفقاً للخارطة التي أرسلتها إليه الامبراطورة. وقد أرسلت إليه إثنين وأربعين عاموداً من الاعمدة٢الثمينة، وبلاطاً من الرخام ليستعملها في بناء الكنيسة. وقد بنيت في نفس المكان الذي كان فيه معبد مارنا. ورصفت ساحتها بالحجارة التي اخذت من هذا المعبد. حتى أن نساء غزة رفضن أن يدسن بأقدامهن على تلك الحجارة، وتم بناؤها في خمس سنوات. والمهندس الذي أشرف على بنائها (روفينوس )، وهو انطاكي الاصل.
وقد احتفل برفيريوس بافتتاحها في اليوم الاول من عيد الفصح (٤٠٦ للميلاد). كان هذا الاسقف يعظ أهالي غزة باسلوب بسيط دون أن يلتجيء إلى تنميق العبارات. وقد أوصى بمبلغ معلوم يصرف أيام الصوم الكبير على فقراء غزة (كما كان يفعل ذلك إبان حياته). وحضر مجمع اللد سنة ٤١٧ م الذي عقد هناك لدحض اعتقادات بلاغيوس الباطلة .
وقد توفى برفيريوس في اليوم الثاني من شهر ديستروس لسنة ٤٨٠٣ الغزية، بعد أن أقام في أسقفية غزة أربعاً وعشرين سنة وأحد عشر شهراً وثمانية أيام.
وبالرغم مما تقدم، لم تسد النصرانية في غزة السيادة التي كان يرمي إليها اتباعها.
- ↑ راجع الفصل الذي كتبناه عن (غزة الوثنية).
- ↑ يقال أن هذه الاعمدة جيء بها من مدينة كارستوس في بلاد اليونان.
- ↑ زرت قبره في فبراير سنة ١٩٤٢ فرأيت مكتوباً عليه باللغة اليونانية أنه توفى في غزة عام ٤٥٠ للميلاد. وفي كتاب (السواعى)الكبير ما يؤيد هذا التاريخ. غير أن الاستاذ عيسى اسكندر المعلوف يقول انه توفى عام ٤٢٠ للميلاد. وهذا ما يؤيد، (تاريخ كنيسة اورشليم الارثوذكسية) ايضاً. ويقول صديقي البحاثة الاستاذ اسطفان أنه توفى في ٢٦ شباط سنة ٤٢٠ وهو اليوم المكرس لذكره في الكنيستين الشرقية والغربية.